رشان أوشي
كلما نبا إلىَّ بأن طفلاً انتهكت براءته.. وتعرض للاعتداء الجنسي، اشعر وكأن الكون غارق في حلكة لا مثيل لها، اعتقد وكأننا في غابة من الذئاب تنهش أكبادنا بقسوة، أمس وأنا أتجول على فيس بوك وجدته ينتحب على الصغيرة “أمنية عثمان”، التي قتلها ذئب بعد اغتصابها، مخلفا غصة في الحلوق لا تراوحنا قريباً، أشعل النار في أحشاء أمها، وكل الأمهات على حد سواء، حتى أصابهن الهلع على فلذات أكبادهن ذكوراً وإناثاً، جريمة اغتصاب وقتل “أمنية”، أحالت مدينة الأبيض إلى كوم رماد عاطفي.
إن تابعنا جرائم اغتصاب الأطفال نجدها تفاقمت مؤخرا، حتى أصبحت ظاهرة تستحق التعامل معها بجدية بعيدا عن فقه الستر الاجتماعي المفروض علينا، مغتصبو الأطفال ليسوا أشخاصاً سيماهم على وجوههم، بل هم بشر عاديين ربما يكونوا من أبنائنا أو أشقائنا، وربما أزواجنا، هم مرضى يعانون من مرض اسمه “بيدوفيليا”، حسب تصنيف الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، التي أضافت البيدوفيليا إلى دليل الاضطرابات العقلية التشخيصية والإحصائية منذ عام (1968)، إنّ الدليل التشخيصي والإحصائي (DSM) الذي يتمّ تحديثه بشكلٍ دوريّ أضاف البيدوفيليا كمجموعة من مجموعات الشذوذات الجنسية الأخرى، تُشخّص هذه الحالة لدى الإنسان على أنها اضطراب عشق الأطفال، إذا سبّب لهم انجذابهم للأطفال شعوراً بالذنب، القلق والاستغراب وصعوبةً في متابعة أهدافهم الشخصية الأخرى، أو إذا دفعتهم نوازعهم للتحرش بالأطفال من أجل الإشباع الجنسي في حياتهم الطبيعية.
تختلف وجهاتُ نظرِ الأطباء النفسيين في هذا المجال، فبعضهم من يراه أشبه بالإدمان والبعض الآخر يعتبره توجهاً جنسياً، بينما يضعُ الآخرون ثقتَهم في فحوصات الدماغ، ذلكَ أنّ ممارسة الجنس مع الأطفال تتفقُ مع المعايير التي تحدد الرغبة الجنسية الموجّهة كليّاً أو جزئياً تجاه الأطفال في فترة ما قبل البلوغ وذلك لأسباب غير مؤكدة بشكلٍ نهائي وكشف الطبيب النفسي ومدير وحدة السلوك الجنسي في جامعة جون هويكينز (فريد برلين Fred Berlin) أنّ الإدانة الأخلاقية المتسرّعة يجب ألا نجعلها وثيقةَ الصلة بالبيدوفيليا، فنحن لا نعلم لماذا نمارس الرغبة الجنسية التي نقوم بها، وننظر إليها كقضيةٍ أخلاقية، وفي معظم المجتمعات إذا مارست نوعاً مختلفاً من الإغراء الجنسي أو المشاعر فإنك شخصٌ غير لائقٍ أخلاقياً، ولكن لا يكمُن الخطأ في من يعانون من البيدوفيليا بل إنّها مسؤوليتهم في التصرف الصحيح وفعل شيء ما حيال ذلك.
إذاً علينا مراقبة أبنائنا جيداً، والتركيز على شكل ميولهم الجنسي بعد البلوغ وفي فترة المراهقة، وألا ننظر للأمر بعين الوصمة الاجتماعية، حتى يتم عرضهم لأطباء نفسانيين لمعالجتهم.