تقارير

(10) مليارات جنيه عجز موازنة 2013م، و(35) مليار جنيه حجم الإنفاق العام، و(25,2) مليار جنيه إيراداتها المتوقعة

في جلسة استثنائية خُصصت أمس (الاثنين) للتداول حول موازنة العام  2013م، أجاز مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” مشروع الموازنة العامة 2013م، وذلك في الوقت الذي وجه فيه بتشكيل لجنة لدراسة أمر الأجور بوجه عام والحد الأدنى للأجور بوجه خاص، على أن ترفع اللجنة تقريرها قبل نهاية الربع الأول من العام القادم 2013م.
إلى ذلك، ووفقاً لتقديرات الميزانية التي أجيزت أمس فإنه يتوقع أن تبلغ الإيرادات (25,2) مليار جنيه، والإنفاق العام (35) ملياراً لعجز كلي قدره (10) مليارات جنيه، فيما توقعت الميزانية زيادة الصادرات إلى (4,5) مليارات دولار، والواردات (7,2) مليارات دولار لعجز في الميزان التجاري (2,7) مليار دولار، فيما يتوقع أن يبلغ السحب على العروض والمنح الأجنبية (1,1) مليار دولار، وبعد إجازتها من قبل مجلس الوزراء سيتم إيداعها غدا (الأربعاء) المجلس الوطني، حيث سيقدم وزير المالية “علي محمود” خطاب الميزانية أمام البرلمان على أن يتم إجازتها قبيل انتهاء ديسمبر الجاري.
إلى ذلك، ظلت وزارة المالية والاقتصاد الوطني خلال الأسبوعين الماضيين تقدم تنويراً عن موازنة العام 2013م، وذلك قبيل تقديمها لمجلس الوزراء لإجازتها ومن ثم للمجلس الوطني.
اللقاءات التي عقدها وزير المالية شملت اتحاد أصحاب العمل وديوان الضرائب والاتحاد العام لنقابات عمال السودان، واختتمها أمس باللقاء الذي عقده مع قادة الأجهزة الإعلامية والصحافية بمنزله بحي الراقي بالخرطوم.
اتحاد العمال أعلن تمسكه بزيادة الحد الأدنى للأجور من (152) جنيهاً إلى (425) جنيهاً، وطالب في الوقت نفسه بتنفيذ توصية المجلس الأعلى للأجور بتحديد (1947) جنيهاً كتكاليف معيشية لأسرة تتكون من (5) أفراد.
وحسب وزير المالية، فإن موازنة 2013م لن تستطيع زيادة المرتبات إلى الحد الأدنى للأجور من (152) إلى (425) جنيهاً، وأبان أن ظروف الدولة لن تمكنها من ذلك، مشيراً إلى أن زيادة المرتبات سيقابلها في المقابل زيادة في الضرائب ورفع الدعم عن السكر والمحروقات، إلا أن اتحاد العمال أشار إلى أن المرتبات الحالية لا تساوي سوى (22%) من تكلفة المعيشة، وأوضح “أحمد عيدروس” النائب الأول لرئيس نقابات عمال السودان، في المؤتمر الصحافي الذي عقده، أوضح أن خلافهم مع وزير المالية ليس شخصياً وإنما حول زيادة الأجور، وأتهم الوزير بإهمال الكثير من المسائل التي طرحها الاتحاد، وهدد في الوقت ذاته بدعوة اللجنة المركزية للاتحاد لاتخاذ ما تراه مناسباً، وذلك في حالة عدم الاستجابة من وزارة المالية لمطالبهم، وأضاف: “هذه الخطوة خطيرة وسنبقيها لحينها ولحين إغلاق كل الطرق أمامنا” وأبان أن الحد الأدنى للأجور ظل ثابتاً منذ العام 2004م، وذلك بالرغم من القرار الذي قضى بزيادة الأجور 2006م.
وانتقد “عيدروس” بشدة إبعاد الاتحاد في إعداد الموازنات وذلك (بالرغم من أن الاتحاد كان يشارك في إعداد الموازنات في السنوات الماضية، إلا أن وزير المالية الحالي ـ وذلك في إشارة منه إلى “علي محمود” ـ أبعدنا من إعداد جميع الموازنات)، مؤكداً أن (دعوته لنا (الخميس) الماضي للموازنة كان تحصيل حاصل لأن الموازنة كانت قد أعدت).
وزير المالية طمأن العمال بأن الموازنة الجديدة ستعمل على محاصرة التضخم وتخفيف أثره على ذوي الدخل المحدود، إلا أن اتحاد العمال ظل مؤمناً على مطالبه في زيادة الأجور وذلك في ظل التصاعد المستمر في الأسعار، حيث أكدوا في أكثر من منبر أن سياسة التحرير لا تعني فوضى الأسعار، ونشير هنا إلى أن الأسعار ظلت في تصاعد منذ أكثر من عامين ولم تستطع المالية وقف التصاعد، إلا أنها أشارت في اجتماع القطاع الاقتصادي قبيل الإجازة إلى أن الموازنة الجديدة ستعمل على المحافظة على استدامة النمو الاقتصادي ومحاصرة عوامل ارتفاع الأسعار، ولم تحدد بعد كيفية المحاصرة إلا أنها أشارت إلى مواصلة دعمها للشرائح الفقيرة ودعم سياسات الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية وزيادة الصادرات غير البترولية وإحلال الواردات مع توقعات بتحسين نمو الناتج المحلي الإجمالي للسودان.
فالسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم تتم دعوة اتحاد العمال للمشاركة في إعداد الميزانية؟ فهل عدم زيادة المرتبات هو السبب الأساسي في عدم إشراك الاتحاد في إعداد الموازنة؟ وهل المبررات التي صاغها وزير  المالية لعدم زيادة المرتبات مقنعة للاتحاد؟
فالوزير أكد أن الهدف الأساسي من عدم زيادة الأجور هو المحافظة على استمرار الدعم الحكومي المقدم للسلع الأساسية وذلك بدلاً عن زيادة المرتبات، معلناً عن عدم وجود أي نية للحكومة لرفع الدعم عن المحروقات، إلا أن المراقبين أكدوا لـ (المجهر) هنا أن قرار رفع الدعم عن المحروقات خلال العام الجاري 2012م، لم يأت ضمن موازنة 2012م، بل جاء بعد إجازة الموازنة والبدء في تطبيقها بكثير لذا فإن الحديث عن عدم رفع الدعم المتبقي من المحروقات غير مطمئن، وربما تعلنه المالية بعد ذلك وتعلن في الوقت نفسه مبرراتها، وتقبع مطالبة الاتحاد بزيادة الأجور.
إلى ذلك أعلنت المالية أن الموازنة الجديدة جاءت بلا زيادة في الضرائب والجمارك، وأكد الوزير أن الضرائب تعتبر مورداً أساسياً للاقتصاد بعد خروج البترول من تمويل الموازنة، مشدداً على الاستمرار في سياسة التقشف وخفض الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات بالتوسع الأقصى في الضرائب، بجانب تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحجيم السيولة لمحاصرة التضخم، ودعا الضرائب لمزيد من الجهد لتفعيل الضرائب واتخاذ الأساليب كافة لتحقيق الإيرادات المطلوبة.
وحسب الأمين العام لديوان الضرائب “محمد عثمان إبراهيم”، فإن الديوان يعمل سوياً مع المالية لتجاوز المرحلة الصعبة في تاريخ الاقتصاد السوداني، ودعا إلى الحد من الإعفاءات الضريبية التي تعوق عمل الضرائب في التحصيل، ودعا كذلك إلى توفير المعينات والبنية الصالحة التي تمكن الديوان من أداء الدور المنوط به، إلا أن وكيل المالية “يوسف عبد الله الحسين” أشار إلى ضرورة التوسع الأفقي في الضرائب، مؤكداً توفير المعينات المطلوبة وذلك لتتكامل جهود الديوان في العمل الضريبي وتفعيل عمله في التحصيل من الشركات ومنع التهرب الضريبي.
وبما أن الموازنة ركزت على اتحاد أصحاب العمل باعتباره ــ كما أكد وزير الدولة بالمالية د. “عبد الرحمن ضرار” ــ هو الجناح الثاني للاقتصاد؛ أشار رئيس اتحاد أصحاب العمل “سعود البرير” أن موازنة 2013م جاءت تحمل صورة للاستقرار الاقتصادي خاصة وأنها جاءت لا تحمل في طياتها زيادة في الضرائب والجمارك، داعياً إلى قانون استثمار يتسم بالمرونة الاقتصادية، مشيراً إلى منح الضمانات للاتحاد والتفكير في آليات تمويل قصير وطويل الأجل وإنشاء المناطق الحرة لتشجيع تجارة الحدود.
ووفقاً “للبرير” فلابد من التفاكر والاستفادة من النوافذ من الدول الصديقة وتشغيل الصناعة والطاقات الصالحة التي تحتاج لرأسمال، داعياً الحكومة للتركيز على القروض والاستفادة منها، وتطوير ميناء بورتسودان لتوسيع الاستثمارات ولتوظيف العمالة، بجانب حل مشكلة قطاع النقل بعد تآكل الشاحنات والعمل على تأهيلها بعد سداد المالية للدين الخارجي.
د.”ضرار” قال إن الميزانية ركزت على التنسيق الكامل مع القطاع الخاص والقطاع الحكومي وخروج الدولة من الأنشطة ليصبح دورها تنظيمياً واتساع المجال للقطاع الخاص للاستفادة من نوافذ التمويل الأجنبي المتاحة من مؤسسات التمويل العربية التي يساهم فيها السودان، مشيراً لاهتمام الموازنة بالبعد الاجتماعي والاقتصادي وتكامل الأدوار لاتساقها مع القطاع الخاص.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية