المجهر تورد التفاصيل الكاملة لقصة (الفلتر) الإسرائيلي (1)
تفاصيل القصة تبدو غريبة بعض الشيء؛ ربما بما يكفي لأن يجعل الإمساك ببعض خيوطها صعباً للغاية.. فالطرق مغلقة تماماً أمام تسرب أي عقار إلى مركز (الهيموفيليا) بمستشفى الخرطوم ..الأدوية جميعها تأتي إلى المكتب العلمي الذي ترأسه الآن الدكتورة “ماريا ساتي” عن طريق واحد فقط حسب إفادات رسمية تحصلت عليها (المجهر)، وهو الإمدادات الطبية، فهي الجهة الوحيدة الرئيسة التي ترفد المركز، وهي التي تخضع كل العينات إلى الفحص الدقيق بالمعمل القومي (استاك) والتأكد من سلامتها، إذن كل الطرق مغلقة أمام إدخال أو تسرب أي نوع من العقاقير إلى داخل المركز بمستشفي الخرطوم، إلا أن التكهنات التي يمكن أن تُطلق هنا وهناك ربما تكون واسعة الآن حسب المعطيات التي أمامنا!!
مفاجأة
بدت ملامحه أكثر رهقاً عندما سحب الكرسي وجلس عليه… وقبل أن يتفوه بكلمة أدخل يده في جيبه وأخرج لفافة صغيرة، ظلت عيناي ترقبانه لدقائق ..عبوة صغيرة لدواء أو عقار ما، دفع بها إليَّ ثم أردف بقوله: (انظري ما كُتب أسفل هذه العبوة.. هذا الدواء صُنع في إسرائيل، تحت الرقم (1490)، صُرف لنا من داخل الوحدة العلمية بمركز (الهيموفيليا) بمستشفى الخرطوم! تناولتُ هذا الدواء وبعدها شعرتُ بفتور عام و إرهاق في جسدي لم آلفه من قبل، نعم تناولتُ هذا الدواء عندما صُرف لنا خلال يونيو ويوليو الماضيين، ولم نكتشف حينها أنه إسرائيلي الصنع)!.
“هجو” أكد أن القناة الوحيدة التي يتلقون منها أدويتهم هي المكتب العلمي بمركز (الهيموفيليا) بمستشفى الخرطوم تحت إشراف أخصائية هي المسؤولة عن صرف الدوار؛ الأمر الذي جعلهم يتساءلون كيف تسرب العقار إلى داخل المستشفى ومن سربه؟ مؤكداً أن وزارة الصحة الاتحادية بواسطة الإمدادات الطبية هي التي تتولى عمليات الفحص والتدقيق لتلك الأدوية، مشيراً إلى ارتفاع أسعار أدوية (الهيموفيليا) في الخارج.
نائب رئيس الجمعية السودانية لرعاية مرضى (الهيموفيليا) قال لـ(المجهر) إن العقار صُرف لأعداد كبيرة من المرضى خلال الستة أشهر الماضية، وأنه تناوله منذ يونيو الماضي دون أن يعلم أين صنع، لكنه قال إنه لاحظ أن فتوراً عاماً انتابه، وأكد أن علاج المرض بصورة عامة أكثر حساسية لأنه عرضة لكل أنواع الأمراض المنقولة بواسطة الدم، وقال خلال الأشهر الستة الماضية أصاب المرضى نوع من الفزع، وأصبحوا غير مطمئنين وامتنع بعضهم عن التردد على الوحدة بعد اكتشاف الأمر.
و”هجو” الذي يعاني من المرض منذ طفولتة طالب عبر (المجهر) بكشف الجهات المتورطة في هذا الملف ومحاسبتها؛ لأن الأمر يتعلق بأرواح الناس.. صمت برهة ثم أخرج من جيبه ورقة صغيرة صفراء اللون بدأت أطرافها تتآكل بفعل الزمن كُتب أعلاها اسم المريض الطفل (هجو عثمان) وهوــ محدِّثي ــ ونائب رئيس الجمعية السودانية لرعاية مرضى الهيموفيليا.. حكى قصة معاناتهم مع المرض وقبل أن يكمل تفاصيل القصة أدخل يده في جيبه ثم أخرج ورقة بيضاء دونت عليها مجموعة من الأسماء قال: (هؤلاء أفراد أسرتي المصابين بالهيموفيليا أربعة منهم قضوا نحبهم قبل سنوات طويلة ومنهم من ينتظر).
“محمد أحمد يوسف” الأمين العام للجمعية أكد (للمجهر) أن هنالك تعتيماً حول الأدوية التي تُصرف لنا من قبل المكتب العلمي، وقال: (نحن في الجمعية سبق أن طالبنا بحق الإشراف على الأدوية والتأكد من سلامتها وتساءل: (لماذا رفضت رئيسة الوحدة العلمية إشرافنا، ولماذا رفضت إطلاعنا على شهادات الفحص والسلامة الخاصة بكل وارد..؟)، وقال: (بخصوص هذا العقار خاطبنا إدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة الاتحادية لكن دون جدوى لم يحدث شيء ولم يكشف لنا عن الحقيقة وراء صرف عقار إسرائيلي الصنع للمرضى).
كيف دخل العقار الى مستشفى الخرطوم ومن أدخله؟ ..
حرصا منا على تقديم عمل مهني كان لزاماً علينا الاتصال بدكتورة “ماريا ساتي” رئيسة الوحدة العلمية بمركز (الهيموفيليا) بمستشفي الخرطوم.. بالفعل اتصلت عليها من جهاز التلفون الثابت أخبرتها أن من يحادثها على الطرف الآخر هو صحيفة (المجهر) من نبرات صوتها الأولى قدرت موقفها منا، خاصة وأننا نشرنا قبل يوم خبر تسريب عقار إسرائيلي خاص بمرضى (الهيموفيليا) إلى مستشفى الخرطوم، قالت أنتم صحافة محترمة كيف تنشرون مثل تلك الأحاديث ولماذا لم تتصلوا بالطرف الآخر قلت لها نحن الآن نتصل بك لاستجلاء الأمر وطلب الرد، قالت: (أنا في الظلام لا أعلم شيئاً عما تتحدثون عنه ولم أر شيئاً)! قلنا لها: ما ردكم أنتم جهة مسؤولة؟ قالت: (حسب علمي فان إسرائيل لا تصنع هذا العقار! ثم قالت: (عليكم ألا تنشروا حديثي أنا في انتظار توجيه الوزارة)!
مفاجأة أخرى!
اللواء طبيب “عبد العزيز همت” رئيس المكتب العلمي المنتخب من قبل الجمعية قال في حديثه لـ(لمجهر) إن الذي رآه بعينه هو (فلتر) إسرائيلي الصنع، لكنه كطبيب أبدى استغرابه في أن (الفلتر) صُنع في إسرائيل بينما الدواء الذي يفترض أن يكون معه مختلف الجهة، وقال إن (الفلتر) صنع في إسرائيل لصالح شركة (باكستر) الأمريكية ! ونواصل