أخبار

انتخابات أم اختيار؟

لا يزال الموقف غامضاً من انتخابات الولاة التي نص عليها اتفاق المعارضة والحكومة من خلال وثيقة الحوار الوطني التي عدّها الجميع بمثابة (دستور) لا يحق لأحد خرقه.. ولم تعلن جهة من الموقعين على وثيقة الحوار حتى الآن الخروج عن ما اتفق عليه، وبالتالي تصبح مسألة انتخاب الولاة حتى الآن متفقاً عليها.. والانتخاب يعني حق المواطنين في اختيار والٍ (منهم)، (عليهم) بآليات الانتخابات المعروفة.. أي أن يترشح أي مواطن أهل بالقانون لشغل منصب الوالي.. ويتنافس مع آخرين.. وتتولى مفوضية الانتخابات إجراءات الترشيح وفي الفضاء المعلن المفتوح، وبرقابة المواطنين تجري عملية التصويت العلني، ومن يحصل على أعلى الأصوات يصبح هو الفائز بمنصب الوالي.
على النقيض من ذلك، هناك أصوات تطالب (باختيار) الوالي وليس انتخابه و(الاختيار) هو أن يصبح أعضاء المجالس التشريعية ينوبون عن الشعب.. ويقدم رئيس الجمهورية المنتخب ثلاثة مرشحين للمجلس التشريعي لإجراء تصويت داخلي ومن يحصل على أعلى الأصوات يصبح هو الوالي.
ولكن وسط هذا التيار هناك من يرفض أن ينال أعضاء المجالس التشريعية شرف اختيار الوالي، بل أن يرشح رئيس الجمهورية خمسة أسماء جميعهم من خارج الولاية على أن يختار من بين الخمسة ثلاثة مرشحين فقط، يعاد تدويرهم مرة أخرى للمركز حتى يتسنى للرئيس أن يختار من بينهم والياً (على) مواطني الولاية.
والقوى السياسية جميعها صامتة باستثناء المؤتمر الشعبي الذي كان من (المتمسكين) بانتخاب الولاة قبل أن تتغبش رؤيته ويعتريها كثير من الضباب وتغشاها غاشيات الزمان.. أما المؤتمر الوطني الذي جرب انتخابات الولاة فقد غرق في آليات اختيار المرشحين حينما وجد نفسه وحده ينافس وأصبح الولاة (أباطرة) في ولاياتهم.. أفسدوا الحياة السياسية وخربوا بأنفسهم تجربتهم.. وتفشت القبلية والعنصرية بسبب طريقة (الاختيار) وليس بفساد نظرية الانتخاب نفسه.. وحكم المؤتمر الوطني على تجربة الانتخابات المباشرة لاختيار الولاة بالفساد، ولكن بسبب آليات اختياره هو والطرق التي سلكها في الوصول لمرشحه لمنصب الوالي.
فهل الطريقة الخاطئة التي اتخذها المؤتمر الوطني في اختيار مرشحيه ستكون سبباً لإلغاء التجربة برمتها، والاستعاضة عنها بالاختيار من المجالس التشريعية التي لن تتاح لبعض القوى السياسية المنافسة فيها؟ وقد يشرب المؤتمر الوطني بكلتا يديه من المجالس التشريعية القادمة خاصة إذا ما تمادى في إصراره على (تقليص) المحليات في الوقت الراهن، أي قبل البناء التنظيمي.. وقبل الانتخابات القادمة!! والديمقراطية لا تعرف (أنصاف الأكمام) والمقاسات الخاصة، إما ديمقراطية كاملة وإما لا ديمقراطية.. وبالتالي إما انتخابات حرة للولاة يختار فيها المواطنون بإرادتهم من يمثلهم.. وإما تعيين كامل من المركز من قبل الرئيس المنتخب.. وإلغاء مبدأ التمثيل “والٍ من كل ولاية”.. لأن هذه التجربة جاءت بولاة أضعف ممن هم قبلهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية