حوارات

“أم سلمة محمد أحمد إسماعيل” من اتحاد المرأة إلى وزارة مجلس الوزراء في حوار استثنائي مع (المجهر) 1-2

{ماف زول جندني للحركة الإسلامية، تلقائياً جندت روحي

{ لم يخالجني أدنى إحساس بتعييني في الحكومة الجديدة
ليقيني أن التشكيل الوزاري لن يضم أسماء جديدة.
{أوصي الفتيات والشابات بطرح قضيتهن بكل جرأة وثقة
{المساواة بين الرجل والمرأة ليست مطلقة كي لا نخلط بين المساواة والعدالة

حوار- نهلة مجذوب
“أم سلمة محمد أحمد إسماعيل”، لمع اسمها في فضاء الحكومة الأخيرة، بتعيينها وزير دولة بمجلس الوزراء، من مواليد نيالا 1969، تخرجت في جامعة الخرطوم بكالريوس علوم أحياء وتربية، حاصلة على درجة الماجستير في الدراسات البيئية والتنمية المستدامة، وماجستير الكيمياء الحيوية جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وتعد للتحضير لنيل درجة الدكتوراه، متزوجة وأم لسبعة من البنين والبنات، (المجهر) أجرت حواراً شاملاً مع الوزيرة “أم سلمة”، فإلى نص الحوار..
{ كيف تلقيت خبر تعيينك في الحكومة الجديدة؟
كان مفاجأة، لم أتوقعها، كنت وقتها بالمنزل، أتابع عن كثب مع زوجي أخبار التعديل الوزاري الجديد على شاشة التلفزيون، وعند ذكر اسمي لم أحسب أني المعنية لجهة أن اسمي هو “أم سلمة محمد أحمد إسماعيل”، والاسم الذي ذكر ضمن تشكيل الحكومة هو “أم سلمة محمد أحمد”، واعتقدت للوهلة أن السيدة المعنية “أم سلمة” أخرى وإحدى الكفاءات السودانية التي تقيم خارج الحدود، خاصة وإن اسم “عبد الله حمدوك” كان ضمن الحكومة الجديدة وتم ترشيحه وهو يقيم خارج البلاد.

*”أم سلمة” في الحقيبة الوزارية الجديدة حدثينا عنها ؟
اتمنى أن أوفق والجميع في أمر هذه الوزارة التي أراد الله أن أكون جزءا منها، ودائما ما أقول “أنا وليت على الناس ولست بخير منهم” ولحكمة يعلمها الله أنه دائما يجعل دائما أمره في اضعف خلقه.
* هل توقعت يوما شغل منصب وزاري؟
والله على ما اقول شهيد، عندما طلعت للعمل العام لم يراودني يوما أن ابقى حاجة ولكن كنت أحس بأن في ذهني أشياء مفترض أخرجها للآخرين وهذا هو مبدئي منذ أن جئت العمل العام.
أول يوم جئت فيه اتحاد المرأة ووجدت أن فيه نثريات تعطى للتلفون والعربية، قلت للأستاذة “رجاء حسن خليفة” رئيسة الاتحاد وقتها، أصلا ما طلعت العمل العام ومفتكرة أن هناك حاجة (نثريات) بدوها وانخرطت في العمل العام احتسابا، ولكن سبحان الله الأشياء دي عملتها والناس حاولت أن تقول عني كلام يلفت نظر القيادة، والقيادة نفسها تقول إن حزب المؤتمر الوطني أكثر الأحزاب، يعطي الحق لأي عضو مبدع وله دور بارز يعطيه فرصة للترقي .
{ألم يتم ترشيحك من قبل لشغل أي من المناصب الدستورية؟
قبل تعييني، كنت اسمع إرهاصات كثيرة عن أن “أم سلمة”، “عايزين يجيبوها في الولاية الفلانية” ولكن حقيقة لا يوجد أحد من المسؤولين أو متخذي القرار حدثني في الشأن، الشاهد أن القيادة تطلب من الحزب ترشيح عدد من الكوادر لشغل المناصب، وقد يكون هناك تكثر من اسم للمنصب، ويتم رفع قائمة الترشيح، بعد أن يحدث فيها جرح وتعديل، كنت أحس ربما يكون اسمي من ضمن القائمة التي تم رفعها، فقط من جانب إحساسهم بي كوني من القيادات، لكني لم يخالجني ادنى تفكير أني مع الناس الجاية دي، لأن الفترة قصيرة، ثانيا افتكرت أن لا يأتي التشكيل الجديد بناس جدد، وربما يتم التبديل فقط من موقع لموقع.
وسبحان الله وبإحساس عادي في مقر المركز العام للمؤتمر الوطني، كان هناك اجتماع أمانة بصالون شورى المكتب القيادي، وطلب منا مغادرة القاعة، لجهة أن المكتب القيادي سيعقد اجتماعا، وقتها سمعت الأخوات يتحدثن “يا ربي جايبين من المرأة منو؟” وكنت واسمع جايبين فلانة وفلانة، وانخرطت في نفس الجدال ولم اكن أحسب أنني واحدة من الفلانات.

*اتحاد المرأة كان منصة الانطلاق؟
بالنسبة لي اتحاد المرأة معهدي الذي احفظ صنيعه فأنا ابن سرحته التي تغنت به، كل ما كسبت من مقدرات ومؤهلات وما تعلمت من معارف واعتبر تجربتي بالاتحاد كانت متميزة وفريدة وأضافت لي الكثير وصنعت لي الكثير.
بدأت العمل العام في الاتحاد ووجدت قيادة رشيدة، بقيادة الدكتورة “سمية أبو كشوة”، والأخت “رجاء حسن خليفة” فهي أضافت لي بصمات كثيرة وخلال فترة “رجاء” بالاتحاد لا نحسب أن فيها قبلية ولا محاصصة، كانت فيها القدرات والكفاءات.
{ماذا قدم الاتحاد العام للمرأة؟
أنا نموذج لما فعله الاتحاد العام للمرأة السودانية، وصلت وزارة سيادية، رهنا على أن نقاتل ونجاهد من أجل المرأة، ليس على أساس أن منافسة الرجل، إن أمر الله سبحانه وتعالى في الكون جدير أن تتكامل فيه أدوار المرأة والرجل على حد سواء، لتستقيم التنمية، لعب الاتحاد دوراً كبيراً في ترسيخ مبادئ وقيم ساهمت في دحر العديد من العادات والتقاليد البالية التي اقعدت المرأة السودانية سنينا طويلة، والآن المرأة تمشي بخطى ثابتة نحو التقدم، وتحقق تنمية فيها عدالة اجتماعية وأدوار متكافئة.
{ أعني على مستوى القواعد ماذا قدم؟
الاتحاد لعب دوراً كبيراً في تطوير قدرات النساء وإتاحة الفرصة لهن، للدفع بقضاياهن، ووجود عدد معتبر حتى في مواقع القرار، وأضيف أنه لم يكن هنالك حجر أو خوف علينا، والبناء القوي للاتحاد جعل المرأة قوية في قراراتها، ومن هنا أوصي جميع الفتيات والشابات بأن ينطلقوا في قضايهن ويطرحوها بكل جرأة وثقة بالنفس، ويكن جديرات بانتزاع الحق، وإن كان الحق الآن قد عبر، والناس الآن قد وصلت لقناعة.
{كيف تنظرين لقضايا النوع؟
التنمية الشاملة والمستدامة لا تتحق إلا بوجود حقيقي للمرأة، بالأدوار بالأصالة، لذا نحن ننادي من سنين بالعدالة النوعية، وليس لأنها مصطلح غربي ولكن نعتبر أن الجندر مصطلح جديد علينا وندرسه، بالعكس أن مصطلح النوع الاجتماعي هو تكليف رباني، والخطاب الذي ورد في القرآن الكريم (يا أيها المؤمنون ويا أيتها المؤمنات) هو مدخلنا الحقيقي للعدالة النوعية باعتبار أن الأمر الرباني واحد والتكليف في الدور واحد، وقد نختلف في البناء البايولوجي، وسُنة الله في الأرض أن يكون فيها ذكر وأنثى.
وبالتالي أن الأدوار في هذه المنطقة لا يكون فيها مساواة، للمرأة أدوار لا يمكن أن يقوم بها الرجل، كما أن للرجل أدوار لا يمكن أن تقوم بها المرأة، على سيبل المثال (إذا عايزة احرك دولاب من طبيعة بنيتي أنا لا استطيع)، لكن الرجل يقوم بهذا الدور فهذه من الأشياء التي لا تتحقق فيها مساواة.
{هذا يعني ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة؟
ونحن نتكلم عن مساواة ليست مطلقة بل لكي لا نخلط بين المساواة والعدالة، نتحدث عن عدالة في الأدوار والترقيات والحقوق والفرص والتمكين والتطوير للمرأة والرجل.
*تعليقك على حراك المرأة وتفاعلها مع قضايا الساحة؟
الواقع الآن وبعض النماذج تشير إلى أن المرأة في حاجة لمزيد من الجهود والإجراءات والتنظيم خاصة فيما يلي حقوقها، المرأة تحركها تجاه حقوقها فيه ضعف من ناحية معرفتها بالحقوق، ومستوى الوعي بهذه الجوانب لدى فئة معينة، وكنموذج فقد كنت في نيويورك وقد ذكروا أن هنالك عنفا ضد المرأة في دارفور، باعتبار أن الرجل مرتاح والمرأة في الحقول، وتقوم بكل أعباء العمل وباعتباري من دارفور، تحدثت عن أن هذا الأمر ثقافة وبيئة وخصوصية مناطق وليس عنفا، وهذا يسعد المرأة، ولكن اقول إنه كان هنالك تسويق بمشاهد المرأة هذه دون معرفة الحقيقة، حتى عرفوا الحقيقة، وتبنيت وقتها أن تكون معالجتنا لقضايا العنف، بأن لا ندخلها من مدخل عالمي واحد ولكن ندخلها عبر الثقافات والمجتمعات وتنوعها، حتى في السودان نرى أن هنالك أشياء في مناطق نراها عادية وأخرى تكون لها نظرة وحسابات أخرى في الشرق والغرب والجنوب والشمال.
{هل المجتمع في حاجة إلى تغيير المفاهيم ؟ أم أن المرأة مطالبة بإحداث التغيير؟
لابد من تغيير كثير من المفاهيم ،ولابد أن تلعب المرأة دوراً حقيقياً في التغيير حال استطاعت الاستفادة من كل الفرص المتاحة لها، من خلال بناء القدرات، ووجود القيادة الرشيدة التي تأخذ بها لبر الأمان أن المرأة مبدعة بطبيعتها، على المرأة أن لا تهدر إمكانياتها، فالمرأة لعبت دورا في استقرار المجتمعات التقليدية، وحافظت على تماسك الأسرة، والآن في المعسكرات تقوم بدور جبار، بالرغم من نظرتنا للنساء في المعسكرات بأنهن غير متعلمات، بيد أنهن ادرن معيشتهن بالرغم من الظروف الصعبة وعلموا أبناءهم ونجحوا.
{كيف يمكن أن يحدث تطوير للمرأة عبر السياسات العامة؟
تم تطوير للنساء عبر محفظة المرأة وتحسين وضعها من خلال اتحاد المرأة، وعبر جائزة الإبداع لنساء الريف التي برزت من خلالها نماذج لنساء مبدعات، واقول القيادة أدركت دور نساء الريف، وقامت بوضع الإستراتيجية القومية لنساء الريف كمشروع كبير بدأ بعدد من الولايات، وبدعم كبير وسخي في كيفية تطويرها وكيف تدير مشروعاتها، الجائزة كشفت لنا أن المرأة الريفية هي “بزنس” ولا بد من ربطها بالبنوك، وبسوق الأوراق المالية.

* حدثينا عن خلفيتك السياسية وكيف وصلتي مناصب متقدمة في العمل العام؟ واهم مشاركاتك؟
نشأت في بيت أنصاري ووالدي قيادي بحزب الأمة القومي وكان عضوا في البرلمان وعضو جمعية تأسيسة في ذلك الوقت ممثل لمنطقتنا، وأنا قادمة من قبيلة ينتمي لها المناضل “عبد الرحمن دبكة”، أنا من قبيلة البني هلبة، منطقتي هي عِد الفرسان ومحلية عِد الفرسان تقع جنوب غرب مدينة نيالا، تقطنها عدد من القبائل، والمنطقة أصلا تحسب لقبيلة البني هلبة، واقرب المناطق المتاخمة لنا هي رهيد البردي وكأس وأم كتي..
وتربينا على الفهم الديني العميق ونشأت معجبة بوالدي، منذ طفولتي كان والدي معجب لذكائي واهتمامي بدراستي، وانفتاحي على الناس، ونحن طلاب صغار حضرنا انتفاضة دارفور، لما كانت إقليم ورفضنا أن يحكمنا غير ابن البلد، وجبنا “دريج” اتذكر، وكان أبوي من القيادات المرتبة والمنظمة لهذه الانتفاضة، وكنا يوميا نجوب جنوب دارفور ونيالا في مظاهرات، وكان فيها بنبان ولا نخاف، وكنت املك والدي كل يوم تقرير.
{من جندك للحركة الإسلامية ؟
تربيت في أسرة متدينة وملتزمة شديد في صلواتي وفي حاجاتي، وجئت جامعة الخرطوم وكوني من الأقاليم كان السكن كله بالداخليات إلزامي، وفي الجامعة تيارات كثيرة أبرزها الأحزاب القومية التي لا تزال موجودة إلى الآن، وكان “كل ناس عايزين يجروا ناس” والحركة الإسلامية كان أكثر حزب ناشط ويدير أركان نقاش، وكان إحساس الانتماء عندي لأركان نقاش الحركة الإسلامية “ومافي زول جندي وتلقائيا جندت روحي”.
{ أهم المحطات في حياتك؟
والعمل العام اسهم في بناء شخصيتي ومن الأشياء المهمة، الظهور الجماهيري وعملي في المناشط الرياضية التي كنت أشارك فيها من خلال الدورة المدرسية، وإحساس أني أمثل ولاية أو مدينتي، وكنت أسعى للأفضل، وأقول إن الحركة الإسلامية هي دائما تقودك للأفضل عبر التطوير والمهارات والتوعية والإرشاد.
وفي بداية حياتي اشتغلت بالخدمة المدنية، وعملت بولاية جنوب دارفور، عندما كانت إقليماً وتحديداً عملت في قوة الصحة، وكانت تتبع لي (8) مستشفيات مع إداريتين كبيرتين، واكتشفت الظروف التي يعيشها العاملون وحقوقهم وإهدارها، وقضاياهم وكنت مسؤولة الفصل الأول، جئت الخرطوم وعملت في ديوان الخدمة العامة قبل ما يضاف لوزارة العمل وكنت في إدارة التقويم والتقييم، وهي الإدارة التي كانت تعني بالقوانين ولوائح الخدمة .
وأوضح أنني كنت في المجال العملي تخصص أحياء، وكنت اريد أن اذهب في المجال العلمي وطلبت أن يتيحوا لي فرصة من ديوان الخدمة تحضير، ورفضوا وقالوا لي “انتظري دورك لحدي ما يجي”، وكنت في الاستعداد لأني احضر وفي بداية الشباب، فكنت اسأل من معي عن الفرص ويقولون لي لم تأت الفرصة بعد ولسنوات.
فقمت بترك العمل في الخدمة المدينة ولأسباب أخرى كثيرة ،ورجعت البيت وواصلت دراساتي العليا، وبعد إكمالها رجعت للعمل العام، عبر بوابة الاتحاد العام للمرأة السودانية ،فكما سبق وقلت لك إن القيادة الرشيدة تميز الكادر وتعطيه حقه. ووجدت نفسي فيه وكانت كل مرة تدفع بي من محطة لمحطة.
وأي محطة جئتها كنت احس بإعجاب الناس وإشادتهم بأدائي، كما كانوا يوصون على في كل موقع، وتدرجت في محطات استفدت منها كثيراً. والحمد لله أتيحت لي فرص تدريب ومشاركات خارجية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية