مع اقتراب اجتماع مجلس السلم الأفريقي: واشنطن وقضيّة (أبيي) .. اهتمام غامض وخطوات مريبة..!
{ مع اقتراب المهلة التي اقترحها رئيس الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” – التاسع من ديسمبر القادم – لاجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث ملف منطقة (أبيي) توطئة لرفعه إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرار النهائي حوله منتصف ديسمبر.. مع اقترابها بدأت وتيرة التوترات تبلغ أوجها بين الدولتين، السودان وجنوب السودان.
وكان المقترح قد تضمن إجراء استفتاء في أكتوبر القادم، رفضته الخرطوم، الأمر الذي عدّته جوبا عرقلة من ناحية الخرطوم لإنفاذ اتفاقية التعاون باشتراطاتها بشأن ملفي الأمن والحدود..
{ وكانت الهيئة الشعبية لمنطقة (أبيي) قد سيّرت مسيرة سلمية قدمت خلالها (258) وثيقة تؤكد حقها الأصيل في (أبيي)، وقدمت مذكرة لمسؤولي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة تؤكد فيها رفض المسيرية لمقترح “ثامبو أمبيكي” بشأن الاستفتاء في أبيي – المنادي بإقصاء المسيرية من حق التصويت – عادّين ذلك تحاملاً صريحاً من جانبه لصالح (دينكا نقوك).
{ وقد طالبت الهيئة الشعبية لمنطقة (أبيي) بضرورة قومية قضية المنطقة لكونها قضية أمن قومي، ورفضت أي حل أحادي يفرض دون مشاركة أهل المنطقة. وقال “جمعة عبد الكريم” القيادي بالمسيرية لـ (المجهر) إن قضية (أبيي) تمر بمنعطف خطير، وأي تدخل خارجي من شأنه أن يذهب باتفاقية التعاون في مهب الريح، ووصف الأوضاع بالضبابية. ودعا “عبد الكريم” أبناء الدينكا والمسيرية إلى تحكيم صوت العقل وأواصر التعايش السلمي، وطالب بإشراك المسيرية في الاستفتاء.
{ ماذا وراء اهتمام واشنطن؟!
وكانت واشنطن قد بدأت تحركات واسعة بالخرطوم، لتحريك جمود إنفاذ اتفاقية التعاون الموقعة بين السودان وجنوب السودان، فيما عقد مبعوث الإدارة الأمريكية للسودان “برينستون ليمان” سلسلة طويلة من اللقاءات الحكومية ومع قيادات نافذة بمنطقة أبيي، تناولت تطور العلاقة الثنائية بين الخرطوم وواشنطن، وسبل إنفاذ اتفاقيتي التعاون المشترك، معطياً ملف أبيي الأهمية الكبرى في زيارته. وقدم المبعوث الأمريكي “برينستون” عرضاً سخياً قدر بـ (4) ملايين دولار للجنة المشتركة لـ (أبيي)، فيما رهن عرضه بتكوين المؤسسات المدنية في المنطقة.
{ ويرى “الخير الفهيم” رئيس لجنة الإشراف المشتركة بأبيي في حديثه لـ (المجهر)، أن عدم قبول لجنة الشمال الدعم المقدم من الولايات المتحدة، ربما يقابله تجاوب من اللجنة الإشرافية بالجنوب، مما حدا بلجنة الإشراف الشمالية إلى تقبل الدعم، شاكرة الولايات المتحدة على تقديم المساعدة، وقال إن الدعم جاء من الولايات المتحدة بصيغة المساعدة في تكوين المؤسسات بـ (أبيي)، والدعم قُدر بحوالي (3,800) مليون دولار.
{ صراع السلطة والمؤسسة
من جانبه، اقترح الاتحاد العام للمسيرية، عبر (المجهر)، التنازل عن إدارة (أبيي) لصالح دينكا نقوك، شريطة الوصول إلى اتفاق يمكّن الطرفين من التعايش السلمي، وأكد في هذا الشأن وزير الدولة برئاسة الجمهورية “إدريس محمد عبد القادر” أن المشاورات لا تزال جارية لإكمال قائمة مرشحي الحكومة لجميع وظائف مؤسسات (أبيي) تنفيذاً لنصوص اتفاقية الترتيبات الإدارية والأمنية المؤقتة لمنطقة أبيي الموقعة في 20 يونيو 2011م.
وقال “الفهيم” إن تأخير تطبيق المؤسسات يعود لاختلاف وجهات النظر بين الحكومتين في إنفاذها، وليس للقبليين طرف في الصراع.
{ إلى ذلك، اتهم رئيس الآلية الشعبية لـ (أبيي)، الفريق “مهدي بابو نمر”، الولايات المتحدة الأمريكية باختطاف قضية (أبيي)، وقال إن المسيرية لن يتنازلوا عن أي شبر من أبيي، واصفاً الاتحاد الأفريقي بـ (الألعوبة) في يد أمريكا. فيما نفى “الخير الفهيم” أن يكون التدخل الدولي بغرض اختطاف قضية (أبيي) أو من أجل مصالح خاصة بالأجندة الأمريكية، وإنما يرى أن التدخل الدولي بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وقال إن الحكومة تسعى جادة لجعل (أبيي) شمالية وسط التهديد والضغط الخارجي.
{ آمال في المفاوضات!!
ومن الداخل، أعلن وزير الدفاع الفريق أول مهندس ركن “عبد الرحيم محمد حسين” عن استئناف التفاوض عبر اجتماع اللجنة السياسية العسكرية الأمنية المشتركة مع دولة الجنوب في الثالث والرابع من ديسمبر القادم على مستوى اللجان الفنية، فيما تنعقد اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية في الخامس والسادس من ديسمبر، معرباً عن أمله في أن تحرز هذه الاجتماعات نتائج تدفع بالاتفاقية إلى بر الأمان. ويشير “الفهيم” إلى توقع استئناف المفاوضات عبر المقترح الصادر من الاتحاد الأفريقي، الذي حدّد له يوم الثاني من ديسمبر القادم.