البروفسير “إسماعيل الحاج موسى” في حديث مع (المجهر) عن الذكرى الـ (55 لثورة 21 أكتوبر)
{أكتوبر أول ثورة في الوطن العربي والإفريقي، وتم انتخابي رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم بعد الثورة
{ركز الإخوان المسلمون على العمل السياسي داخل الجامعة ، لسيطرة حزبي الأمة والاتحادي على الساحة السياسية
{ كل التنظيمات السياسية تبنت الطالب أحمد القرشي
اليوم يصادف الذكرى الرابعة والخمسين لثورة (21أكتوبر1964م) التي انطلقت شرارتها الأولى ضد نظام الرئيس “إبراهيم عبود” واتفقت الروايات أن طلاب جامعة الخرطوم كانوا جزءاً هاماً في إيقاد ثورة أكتوبر، والنشاط الأكبر لعميد كلية القانون حينها الراحل الدكتور “حسن عبد الله الترابي” الذي خاطب الندوة وأمر بحمل النعش من مستشفى الخرطوم وتجمع حولهم عدد من المواطنين قبل أن تعم كل السودان لتكون أول ثورة في الوطن العربي والإفريقي ضد نظام الحكم العسكري، وكانت جامعة الخرطوم لها القدح المعلى في تحريك ساكن السياسة السودانية.
البروفسير “إسماعيل الحاج موسى” كان مشاركاً في أكتوبر بل أصبح أول رئيس لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم في عهد الديمقراطية التي جاءت بعد ثورة أكتوبر وانتخاب “الصادق المهدي” رئيساً لوزراء السودان .
(المجهر) استنطقت البروفسير “إسماعيل الحاج موسى”، عبرالهاتف فكان هذا الحوار
حوار – وليد النور
{اختلفت الروايات لثورة(21 أكتوبر 1964م) ، من الذي أطلق الشرارة الأولى، السياسيون أم الشارع أم طلاب جامعة الخرطوم؟
أنا شخصياً حينها كنت في مجلس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، ولكن الشرارة الأولى انطلقت عقب الندوة التي نظمها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم بقاعة الامتحانات ، وكان عنوانها “المعالجة الدستورية لمشكلة الجنوب”، وخاطبها عميد كلية القانون الدكتور “حسن عبد الله الترابي”، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة السيربون بفرنسا بمقولته الشهيرة : حل قضية الجنوب يكمن في حل مشكلة الشمال، ويكمن حل القضيتين في زوال الحكم العسكري وقيام حكم دستوري مؤسس على الخيار الديمقراطي للشعب.
{وما هي الملابسات التي صاحبت الندوة؟
أعلن الاتحاد لقيام ندوة ثانية ولكن تدخل الأمن ومنع قيامها في قاعة الامتحانات، ولكن الطلاب قاموا بتحويل مكان الندوة إلى داخليات البركس، بيد أن الأمن داهم الندوة واعتقل أعضاء الاتحاد برئاسة “حافظ الشيخ الزاكي”.
{ وكان ذلك أول اقتحام للحرم الجامعي؟
أثناء الندوة اقتحم الأمن حرم الجامعة مما اعتبره الطلاب استفزازاً وبعدها قدموا مذكرة إلى مدير الجامعة عن الاعتداء على الحرم الجامعي، ومذكرة لوزير الداخلية لضبط أفرادها، ولكن الشرطة قامت باعتقال أعضاء الاتحاد ، فتجمع الطلاب وكونوا لجنة لمتابعة قضية الاعتقال بقيادة الطالب “ربيع حسن أحمد” ، ثم ذهبت قوات الأمن إلى داخلية طلاب الجامعة لمنع أي تجمعات معادية للنظام، فاشتبكوا مع طلاب الداخلية، فخرجت رصاصة طائشة وقتلت الطالب “أحمد القرشي”.
واندلعت المظاهرات في كل أنحاء السودان بعد تشييع “القرشي”، وردد المتظاهرون الشعار الشهير” إلى القصر حتى النصر”، بعد مقتل “القرشي” بأربعة أيام جاء خطاب “عبود” الأول، فألمح إلى بقائه في السلطة حتى تشكيل حكومة، لكن الجماهير لم ترض وواصلت ثورتها، وبعد أربعة أيام أخرى احتشدت الجماهير عند القصر الجمهوري فأطلقت الشرطة النار على المتظاهرين وسقط عدد من القتلى فيما عُرف بحادثة القصر، فكان التنازل الثاني، وبعد أسبوعين جاءت الثالثة، وأعلن الفريق “عبود” تنحيه، وشُكلت حكومة برئاسة “سر الختم الخليفة” سميت بحكومة جبهة الهيئات.
{ إلى أي تيار سياسي ينتمي “أحمد القرشي”؟
والله أنا شخصيا لا أعرفه لأنه كان في الصف الأول، ولكن كل التنظيمات السياسية تبنته، لأنه طالب، المهم أن الدكتور “الترابي” بعد استشهاد القرشي دعا الطلاب لحمل النعش ودخلنا به السوق العربي، وانضم إلينا عدد كبير من المواطنين، وانطلقت الثورة التي أسقطت حكم “عبود”، وجاءت بعدها الانتخابات التي جاءت بـ”الصادق المهدي” رئيساً للوزراء وتم انتخابي أنا شخصياً رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم .
{كيف كان نظام الانتخابات التي جاءت بك رئيساً للاتحاد؟
كان النظام المعمول به في انتخابات الاتحاد ، النظام النسبي ويتكون الاتحاد من عشرة أعضاء والنظام النسبي جاء بثلاثة من الإخوان المسلمين وهم: “مهدي إبراهيم” ، و”مبارك قسم الله” و”صابر محمد الحسن”، ومن اليساريين كان “خالد المبارك” وآخر أسمه “الفضل” و”مقبول محمد” كان ينتمي إلى التيار العربي القومي، ولكن الشيوعيين جندوه، أما نحن فكنا نمثل المؤتمر الاشتراكي الذي كان يجمع بالإضافة إلى شخصي الأستاذ “فضل الله محمد” و”أحمد يوسف التني” ورابع اسمه “عمر” يعمل الآن مستشاراً في دول الخليج فكانت لنا الغلبة وأصبحت رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم وأول وآخر رئيس للاتحاد قبل استلام الإخوان المسلمين للاتحاد.
{لماذا استلمه الإخوان؟
لأن الإخوان المسلمين ما كانوا مركزين في العمل السياسي في الخارج نسبة لسيطرة أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي على الساحة، فلذلك كان تركيزهم على الجامعة وسيطروا على الاتحاد .
نجحت الثورة على الحكم العسكري الأول في السودان ورسخت في البلاد وجود الأحزاب وظلت منارة لكل حكم عسكري أو مدني لاحق لأن السودان يملك الإرادة ويستطيع.