تقارير

الأزمة بين مدارس “دار العلوم” ووزارة التربية والتعليم .. البحث عن سدّ الثغرات

لأكثر من ثلاث سنوات

القضارف- سليمان مختار
عاد الصراع بين مدارس “دار العلوم” ووزارة التربية التعليم إلى الواجهة على خلفية عقد وزير التربية التعليم بالولاية “إدريس نور ضرار” مؤتمراً صحفياً توعّد فيه المدرسة بإنزال أقصى العقوبات بسبب مخالفتها اللوائح والشروط الخاصة بلائحة تنظيم التعليم غير الحكومي، الأمر الذي عدّه البعض تصعيداً جديداً للقضية التي شغلت الرأي العام مؤخراً، واستدعت تدخل حكومة الولاية وتكليف لجنة طارئة بالمجلس التشريعي لحل المشكلة وإعداد تقرير حول القضية التي ما فتئت تراوح مكانها منذ ثلاثة أعوام.
وأصدر الوزير قبل شهرين قراراً بإغلاق المدرسة وتوزيع تلاميذها البالغ عددهم (3300) طالب على مدارس الولاية، الأمر الذي دعا إدارة المدرسة لمناهضة قرار الوزير بالوسائل كافة والطرق القانونية وباللجوء إلى المحكمة الإدارية.
حالة من التهدئة فرضت على الطرفين، إلى حين فراغ لجنة المجلس التشريعي من إصدار قرارها النهائي للفصل، إلا أن وزير التربية والتعليم استبق قرار اللجنة وتوعد مجدداً بإغلاق المدرسة مطلع العام القادم، وبرر الوزير قراره بتمسك مؤسسة دار العلوم بموفقها الرافض لتوفيق أوضاعها لافتاً إلى أنها خالفت اللوائح المنظمة للتعليم الخاص من حيث البيئة المدرسية وأن الفصول الدراسية تجاوزت الـ(90) فصلاً، ونفى “نور” استهدافه للمدرسة، مشيراً إلى أن إدارة المدرسة التفّت على القانون، وهدف الوزارة تصحيح المسار وتطبيق القانون.
واتهم الأستاذ مدير الإدارة الفنية لمؤسسة دار العلوم “عمر الشريف” الوزير باستهداف المدرسة، إلا أنه عاد قال إن الفاعل الأساسي لتصعيد القرارات الأخيرة هو المدير العام لوزارة التربية وأرجع ذلك لشيء في نفس المدير العام، وقال هناك تفاهم لتوفيق أوضاع المؤسسة مع الوزارة، إلا أن تدخل المدير العام أسهم في فشل تلك التفاهمات، وزاد بأن الوزير على علم بأن المؤسسة لم تتلق أي إنذار قبل إصدار القرار السابق بإغلاق المدرسة، مشيراً إلى أن هذا إجراء طبيعي يأتي ضمن لائحة تنظيم التعليم الخاص، فضلاً عن أن اللجنة المكلفة بتوفيق الأوضاع ليس لها الحق في إصدار قرار بإغلاق المدرسة إنما منوط بها رفع تقريرها للجهات المختصة بالوزارة للبت في الأمر.
وكشف “عمر” عن أن تقرير اللجنة أقر بأن مؤسسة دار العلوم لها خمس مدارس وهذا يرجح كفتها، واستنكر ما جاء في حديث مدير عام الوزارة بأن إدارة المدرسة قد تسلمت الإنذار، وقال إن هذا الحديث عارٍ من الصحة، وسخر من تصريح المدير العام عن جاهزية الوزارة ومقدرتها على استيعاب (6) آلاف طالب، وقال إن الوزارة لا تستطيع استيعاب (100) طالب، ونفى فرضهم شروطاً على الوزارة، مؤكداً أن قضية مؤسسة دار العلوم أصبحت قضية مجتمع، وهي الآن في أيدٍ أمينة بمعية اللجنة التي كوّنها المجلس التشريعي بالولاية لمعالجة وحل القضية إلى جانب الجهات العدلية.
اتفق خبير التعليم بالولاية “محمد خالد” مع ما ذهب إليه مدير الإدارة الفنية للمؤسسة وانتقد النهج الذي يتبعه الوزير في التعامل مع مؤسسة دار العلوم، وقال خلال حديثه لـ(المجهر) إن المؤسسة أصبحت الشغل الشاغل للوزير، وإنه اختزل قضايا التعليم كافة في دار العلوم كأنما مشاكل التعليم بالولاية قد حلت، واصفاً القضية بالانصرافية، وأشار إلى صراعات داخل الوزارة انعكست على مسيرة التعليم، فضلاً عن إصدار الوزير قانون (النسونة) الذي أدى إلى تجفيف مدارس البنات من المعلمين الأمر الذي سينعكس على نتيجة المواد الأساسية في امتحانات مرحلتي الأساس والثانوي على المدى القريب أو البعيد، فضلاً عن هروب الطلاب من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة.
وأفاد “محمد خالد” بأن تطبيق اللوائح يتطلب المرونة لطبيعة وأهمية العملية التعليمية ومراعاة الأوضاع التي تمر بها سواء أكانت خاصة أو عامة، وأنه لا يمكن تطبيق اللوائح بحرفية في ظل الأوضاع الحالية لأن هذا سيؤدي إلى إغلاق المدارس الخاصة كافة بالولاية.
من جانبه، أوضح رئيس اللجنة الطارئة التي كوّنها المجلس التشريعي بالولاية لمعالجة وحل الأزمة بين الطرفين “البدري إبراهيم عبد الله” خلال حديثه لـ(المجهر) أنهم بصدد التوصل لحل وسط يحفظ حق الوزارة في اتخاذ القرار من جهة، وعدم الإضرار بمدرسة دار العلوم وضمان استقرار الطلاب أو تشريدهم، وأرجع المشكلة بين الطرفين إلى تهاون الوزارة في تطبيق اللوائح الخاصة بلائحة التعليم غير الحكومي وفقاً للمادة 9(2) التي تنص على ضرورة تقديم بيانات شاملة عن مباني المؤسسة، وأضاف إن المادة تحدد لأية مدرسة خاصة إنشاء نهرين فقط في مرحلتي الأساس والثانوي، ولفت إلى أن تطبيق هذه المادة سيؤدي إلى إغلاق مدارس كثيرة بالولاية وليس مدرسة “دار العلوم” وحدها. وكشف عن حالات كثيرة مشابهه لمدرسة “دار العلوم”، وطالب عدداً من المدارس بتوفيق أوضاعها إلا أنها ستواجه بقرار الإغلاق، إلا أنه عاد وقال إن تفعيل قرار الإعمال باللائحة سيؤدي إلى كارثة تعليمية وتضرر كثير من الطلاب، لذلك تعمل اللجنة المكلفة على معالجة تلك الأضرار بالتوصل إلى حلول ناجعة ترضي الأطراف كافة وتساهم في معالجة القضية بصورة كاملة، وتضمن استقرار التعليم الخاص بالولاية والتمدد الكبير الذي شهده باعتباره أصبح يمثّل وجه الأسر وله إسهام واضح في دعم وتقدُّم مسيرة التعليم بالولاية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية