“الشريف عباد” لـ(المجهر) (45%) من النازحين رجعوا وبعضهم يرفضون العودة لهذا السبب..
والي شمال دارفور في أول حديث صحافي بعد تعيينه
لا وجود للتمرد الآن والدعم السريع قضت على الحركات المسلحة
هكذا استقبلت الفاشر تعيين “عثمان كبر” الذي أنصفته القيادة
من يخرج من الجهاز التنفيذي سيذهب للحزب وثمانية محليات ستدمج في أخرى
حوار – يوسف عبد المنان
ما كان اختياره لمنصب الوالي مفاجئاً لمن يعرف القليل عن قدرات الشاب الأربعيني السياسي وصرامة التزامه التنظيمي وكسبه وسط قواعد المؤتمر الوطني بولايات كردفان شمالها وغربها، حيث تنقل في قراها.. ومدنها.. معتمداً ومحافظاً وبرلمانياً ورئيس قطاعات تنظيمية.. يتكئ الشاب على خلفية اجتماعية من أسرة محافظة ما بين الريف والترحال في بادية دار حمر.. وبين الاستقرار في القرى (المبنية) من العشب وعيدان السدر.
جاء تعيينه ممثلاً لجيل من الشباب ارتفعت أسهمه بالنجاحات التي حققها بعضهم وانخفضت درجات حرارة استمرارية بعضهم لضعف مردودهم في المواقع التي تسنموها.. بعد إجازة المؤتمر الوطني لوثيقة (الإصلاح).. وبين هذا وذاك كان “شريف محمد عباد سموح” قد بزغ نجمه وهو رئيس لمجلس تشريعي ولاية غرب كردفان.. وشكل ثنائية ناجحة مع الوالي د.”أبو القاسم الأمين بركة”.. ولكن تصاريف السياسة قضت بأن يذهب الأول شرقاً لبحر أبيض والثاني غرباً لفاشر السلطان.. حيث مركز صناعة القرار الدارفوري منذ السلطان “علي دينار” وحتى السلطان “عثمان كبر”.. ومن يقود الفاشر يقود دارفور ولو معنوياً بعد تقسيم دارفور لخمس ولايات.. واحتفظت مدينة العلم والملك بدورها الأبوي نحو شقيقاتها مع الرضاعة نيالا وزالنجي والضعين.. في بيت السلطان الكبير فتح “شريف عباد” قلبه وتحدث بتواضع وثقة عن قضايا دارفور ومستقبل المرحلة التي تعيشها البلاد ومشروعه لإدارة الولاية.. وبالتالي أولوياته في زمان التقشف وشح المال، فماذا قال “شريف عباد” في حديثه..
{ حكومة شمال دارفور في ظل ظروف اقتصادية (صعبة) هل حلم التنمية؟ أم استثمار السياسة لخدمة الإنسان..؟
– أولاً مرحب بكم في الفاشر الأولويات عندي ثلاثة لا أربعة العودة الطوعية كبرنامج لمعالجة آثار حقبة وسنوات الحرب وعودة النازحين بالطبع من شأنها تقوية النسيج الاجتماعي الذي تعرض لكثير من المشكلات.. وللعودة الطوعية وضعنا أمام النازحين ثلاثة خيارات، عليه الاختيار ما بين العودة للقرى التي أجبر على مغادرتها.. أو التوطين في المدن والاندماج في المجتمعات.. الآن (45%) من النازحين عادوا للقرى في شمال دارفور من ثلاثة معسكرات، ثلاثة في الفاشر واثنان في كتم.
{ هل العودة من المعسكرات في كتم والفاشر نهائياً أم مؤقتة؟
– عادوا نهائياً.. هناك عدد كبير حوالي (55%) من النازحين في المدن خيارهم البقاء على حالتهم حيث أصبحوا جزءًا من مجتمع المدينة.. وتم تشكيل لجان فنية في وزارة التخطيط العمراني لمسوحات الأرض وتمليكهم قطع أراضي في المدن.. في إطار خطة إسكانية تستوعبهم حسب خياراتهم الذاتية.. هناك معسكرات اندمجت في المدن، مثل معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر أصبح الآن حياً سكنياً من أحياء المدينة.
{ إذن لا عودة لبعض النازحين؟
– بالدستور المواطن يملك حق المواطنة والتنقل والتملك هذا حق للنازحين وفق الأعراف والتقاليد.
{ ثمة ارتباط وثيق بين عودة النازحين وجمع السلاح من أيادي المجموعات التي تشكل خطراً على النازحين.. في ظل وجود السلاح يمكن أن تتعرض قرى العودة لهجمات من المسلحين وبغرض النهب والكسب واحتلال أرضهم؟
– جمع السلاح مشروع إستراتيجي للدولة لحفظ الأمن.. وصلت الدولة الآن مرحلة الجمع القسري.. المرحلة الأولى من المشروع حققت الأمن والاستقرار الذي تعيشه الآن.. ما كانت دارفور تصل مرحلة الاستقرار الحالية لو لا قرار الرئيس بجمع السلاح وشعور الناس بأن هناك دولة قادرة على كبح جماح التفلت وسيادة حكم القانون.. لدينا الآن قوة كبيرة تم إعدادها للقيام بمهمة نزع السلاح.
{ لكن العودة الطوعية واستقرار الأوضاع الأمنية مرتبطة في دارفور بتقديم الخدمات الأساسية وحق الإنسان في التنمية وقد رفعت أطراف البلاد السلاح في وجه المركز احتجاجاً على نقص التنمية؟
– لدينا خطة وضعتها الحكومة لتحسين الخدمات الأساسية الماء.. الكهرباء.. والصحة.. والتعليم.. الآن تم حل مشكلة مياه الفاشر.. وتتسارع الخطى لإكمال مشروع شبكة توزيع المياه داخلياً.. وقعت العقود والاتفاقيات قيد التنفيذ.. بدأ العمل فعلياً في تحسين الشبكة.. الصيف القادم لن تعاني الفاشر من نقص في الماء.. أما من جهة تحسين خدمات الصحة فقد حصلت الولاية كسائر الولايات في الشهر الماضي على عدد كبير من عربات الإسعاف والمعدات الطبية، وتم الاتفاق على انتداب اختصاصيين.. وحصلنا على موافقة بتعيين عدد كبير من الكوادر الصحية المساعدة لخدمة الأرياف بصفة خاصة لخفض نسبة وفيات الأمهات.. بدأت الحكومة في تأهيل الطوارئ.. وبعد شهرين سيفتتح مستشفى الأطفال الحديث.. نتوقع زيارة الرئيس للفاشر لافتتاح هذه المشروعات.. الآن التيار الكهربائي مستقر رغم أننا نعاني من نقص الوقود.. لدينا المحطات ولكن نقص الوقود يهدد استقرار الخدمة، وقد حصلنا على تصاديق بزيادة (10) ميقاواط لكهرباء المدينة، وهذه تعزز خدمة الكهرباء في المدينة باعتبارها العاصمة، أما عن الطرق فقد تم التعاقد على تشييد (32) كلم من الطرق داخل مدينة الفاشر.. وهناك طرق الكومة مليط (60) كلم، وهذا طريق مهم جداً.. عوضاً عن مشروعات أخرى.
{ هل للولاية قدرة مالية لتنفيذ مشروعات من إيراداتها أم تنتظرون فقط أن يجود عليكم المركز بما يجود؟
– كل المشروعات التي وقعناها بضمانات بنكية من المركز وخطاب ضمان من المالية الاتحادية.. الآن دفعت مقدمات المشروعات.
{ ينتظر تقليص عدد المحليات بالولاية تبعاً لقرارات مركزية كيف يشعر المواطنون بالرضا من تلك القرارات أي الدمج والتقليص.. وهم في الغالب يشعرون بأن المحليات محلياتهم؟
– في تقديري قرار إعادة هيكلة الدولة تحدٍ سياسي كبير لنا.. هذه القرارات ما جاءت إلا لدواعِ ومعطيات كثيرة.. والمواطنون يشعرون بنقص الخدمات وترهل أجهزة الحكم.. القرارات الغرض منها تحسين وتجويد الأداء وصرف المال الذي كان يهدر في المحليات للتنمية والتطوير.. هناك تحديات تمر بها البلاد أفضت لوثبة إصلاحية اتخذها الرئيس.. الإجراءات وجدت قبولاً من المواطنين ولم تبدأ أي معارضة في الولايات للتقليص والإدماج المرتقب.
المواطنون يحتاجون للخدمات أكثر من حاجتهم لمؤسسات حكم لا جدوى منها.. بعض الناس يعتبرون المحلية مكسباً سياسياً.. لكن المكسب الخدمي والتنموي يجب أن يتقدم على المكسب السياسي.. إحساس الناس الآن تمشياً مع الإجراءات باعتبارها واجب تكاملي إذا الدولة اتخذت قرارات بهذا الشأن من أجل المواطن يحب أن يشارك المواطن بنفس الروح.. هي إجراءات لإصلاح الاقتصاد والخدمة المدنية والمجتمع.. هنالك جوانب سالبة في التجربة.
{ كيف هي خارطة تقليص المحليات؟
– لدينا (28) محلية بشمال دارفور.. معروف وفق الموجهات المركزية بأن لا تقل عدد المحليات في أي ولاية عن (5) محليات ولا يزيد عددها عن (9) محليات.. ونسبة لاتساع الرقعة الجغرافية لشمال دارفور نتوقع أن يتم خفض عدد المحليات إلى (9) محليات.. وذلك يخضع لتقديرات وتصورات وموجهات اللجنة الفنية التي جاءت إلينا من ديوان الحكم الاتحادي.
{ وهل للولاية رؤية مسبقة لما يمكن أن تكون عليه؟
– نحن لم نضع تصوراً مسبقاً تركنا للجنة القومية وفق معاييرها.. وشروطها أن تقدم رؤيتها ثم نناقشها برؤيتنا نحن.
{ أيهما يسبق آخر تشكيل حكومة شمال دارفور الجديدة أم إعادة هيكلة الولاية؟
– كل ذلك خلال أسبوعين تتضح الرؤيا.. في الوقت الراهن لا تشكل حكومة جديدة.
{ الخوف من عودة الحساسيات القديمة بشأن إعادة ترسيم حدود المحليات.. وتقليص بعضها.. ولكن غداً قد يرفض هذا.. ويقبل ذاك؟ وهل عدد كبير من فائض الخدمة من الدستوريين سيجلسون في الرصيف ويعارضون حكومة الولاية، أي ولاية بالطبع وليس شمال دارفور وحدها؟
– واحدة من القضايا التي يفترض معالجتها المرحلة.. مسألة القبلية والجهوية وتأسيس الحكم وهياكل الدولة على المستوى القبلي والعنصري، هذا ما يفتت المجتمع.. هذه القرارات الهدف منها معالجة كل ذلك.. نعم هناك فائض في القيادات يجب تحويله لأداء موجب في خدمة مؤسسات المجتمع الأخرى.. أيضاً تقوية الأنظمة السياسية الموجودة ويستفاد منهم يتم إشراكهم في الأجهزة الحزبية والمساهمة في التعبئة للانتخابات القادمة.. نحن في شمال دارفور لن نفقد أحداً من يخرج من الجهاز التنفيذي سوف نستوعبه في الحزب الذي لا تضيق مواعينه مهما كان.
هناك قبول وسط القيادات بقرارات الإصلاح باعتبار اقتضتها تحديات كبيرة تواجه البلاد أكبر من مقاعد الوظيفة.. لا بد من علو الحس الوطني على الكسب الشخصي ولا بد من تجرد إذا كان مركزياً ثم خفض من قيادات المركز فلا بأس من (50%) من قيادات الولايات يفقدون مواقعهم هذا من أجل المصلحة العامة.
{ بيدك كوالٍ خمسة مقاعد وزارية كيف يتم تقسيمها بين أحزاب متعددة وحزب مؤتمر وطني كبير وقياداته طموحة ولم تخرج من دوائر السلطة لسنوات طويلة؟
المواقع مهما اتسعت لأقصى حد لن تستوعب كل الناس طموح الناس أكبر.. مهما توسعت لن يجد كل إنسان مبتغاه.. ومهما ضاقت يجب أن تتعامل مع ذلك كأمر متاح.. خمسة مقاعد وزارية تذهب منها اثنان إلى القوى السياسية وتبقت ثلاثة مقاعد للمؤتمر الوطني بما في ذلك مقعد للمرأة.. هذا واقع على كل السودان.
{ الجغرافيا الاجتماعية في شمال دارفور أكثر تعقيداً من ولايات عديدة ألا تجد صعوبة شديدة في قسمة المقاعد الثلاثة؟
– بالضرورة أن يتنامى الإحساس الوطني الإنسان الذي نال فرصة في المرحلة السابقة أي كان نوعها بالضرورة أن يفسح المجال لغيره.. وينظر لضرورات المرحلة ويجب أن يتسامى الناس عند الصغائر.. شروط المواقع التنفيذية هي الكفاءة وليس المناطقية ولا القبلية.. يجب أن تختفي المناطقية والقبلية.. نحن مطالبون بالارتقاء بالأداء وفاعليته بدلاً من تقاسم السلطة وفق محاصصات لم نجنِ منها غير المردود القليل جداً.
{ إذا تم تقليص الجهاز التنفيذي هل سيبقى الجهاز التشريعي على حاله باعتباره يمثل محليات وإداريات ستصبح في حكم العدم؟
أيضاً سيتم التخفيض على مستوى قيادة الجهاز التشريعي رؤساء اللجان.. إلى ست فقط رئيس ونائب رئيس وأربع لجان فقط هذا حد أقصى باستثناء ولاية الخرطوم.. أما عضوية المجالس منتخبة وبعضها معينة بقرار سياسي كثمرة للحوار الوطني.. هؤلاء لن يطالهم التغيير.. أو التقليص.
{ الدوائر الانتخابية القادمة هل ستصبح الولايات بمثابة دوائر جغرافية؟
– من السابق لأوانه الحديث عن الدوائر الانتخابية قبل إجازة قانون الانتخابات في البرلمان.. إذا تم خفض عدد أعضاء المجلس القومي إلى ثلاثمائة فإن عدد مقاعد المجالس التشريعية أيضاً سيتم خفضها.. كل ذلك متروك للحكم المحلي.
{ لماذا تأخر تكوين المجالس التشريعية بالولاية؟
– القرار كان جاهزاً لكن القرارات المركزية عطلت ذلك.. ننتظر الآن الهيكلة الجديدة.
{ يشكل الحرب على تجارة البشر على الحدود مع ليبيا تحدياً لشمال دارفور؟
– بفضل قوات الدعم السريع وانتشارها في مناطق واسعة بشمال الولاية تم الحد من تجارة البشر.. لدينا قوات مشتركة مع تشاد تم ضبط الحدود بصورة حاسمة.. وقوات الدعم السريع لها أثرها الكبير على استقرار الأمن في دارفور.. الأمم المتحدة ومنظماتها أشادت بأداء قوات الدعم السريع في محاربة تجارة البشر.
{ هل توقف سيل دخول العربات عشوائياً ما يعرف شعبياً بسيارات البوكو حرام؟
– نحن نؤكد الظاهرة قد انحسرت بفضل حراسة الحدود من قبل قوات الدعم السريع.
{ التمرد يقول إنه يسيطر على بعض المناطق؟
– لا وجود لأي تمرد الآن في شمال دارفور.. تم القضاء على التمرد نهائياً.. لم يتبق إلا وجود صغر في جبل مرة وبمناطق ليست تابعة لشمال دارفور تأتي التفلتات في مناطق صغيرة.
– ماذا عن حادثة تربا؟
– هي في جنوب دارفور.
{ خروج اليوناميد ومآلات ذلك؟
– ينتهي وجود اليوناميد العام القادم.. خرجت اليوناميد الآن من مليط و(سَرَف عُمرَة) ولم يتبق إلا القليل، لم نشعر بإحساس من قبل المواطنين بالحسرة على خروج اليوناميد.. باعتبار جمع السلاح قضى على المظاهر السالبة.. الآن انخفض وجودها (50%) وما تبقى ينتقل إلى قولو وتصبح شمال دارفور خالية من اليوناميد.
{ كيف استقبلت الفاشر تعيين ابنها “عثمان كبر” نائباً لرئيس الجمهورية؟
– “عثمان كبر” شخصية سياسية تجد القبول الكبير جداً من أهل دارفور ويوم تعيينه خرجت الفاشر فرحاً بهذا القرار الذي أنصف الرجل الذي قدم الكثير للسودان ودارفور وشمال دارفور بصفة خاصة.. لذلك تعيين “كبر” في الموقع الرفيع يمثل دعماً كبيراً لنا في حكومة الولاية.