الخبراء ربطوا رسوم السكر بالموازنة الجديدة : المواطنون… في مواجهة غول السوق!!
إنتاجية السودان من السكر
يمتلك السودان حوالي سبعة مصانع لإنتاج السكر، وتنتج هذه المصانع قرابة (1.250) ألف طن سنوياً من السكر الأبيض، إنتاج كنانة حوالي (550) ألف طن بينما تنتج الشركات الأخرى حوالي (500) ألف طن، ويعد السودان من أكبر منتجي السكر في أفريقيا، وتفاءل مراقبون يومها بافتتاح مصنع سكر النيل الأبيض الذي دخل دائرة الإنتاج في يوليو المنصرم، بكلفة تزيد عن مليار دولار، ويعتبر أكبر مشروع صناعي في البلاد، كما أنه أكبر مصنع للسكر في القارة الأفريقية، ويعمل بطاقة إنتاج قصوى تناهز(450) ألف طن سنوياً و(60) مليون لتر من الإيثانول، غير أنه بدأ نشاطه بقدرة أولية تبلغ (137) ألف طن فقط، وكان من المنتظر أن يغطي إنتاج هذا المصنع وبقية مصانع السكر بالسودان كامل الطلب المحلي على هذه السلعة الأساسية المقدر بأكثر من مليون طن سنوياً، ولكن هذا زمان المفاجآت والأزمات إذ سرعان انتهت الضجة الإعلامية لافتتاح المصنع لتتكشف الحقائق الكاملة لأكبر دولة منتجة للسكر في أفريقيا، برفع يد الدولة عن السلعة وتركها لغول السوق يفعل فيها ما يشاء.
الأبيض سيد الأزمات
ساءت الأجواء مؤخراً بين البرلمان والمالية قبيل إيداع موازنة العام 2013 على خلفية نية قيام وزارة المالية بفرض رسوم جديدة على سلعة السكر دون إخطار البرلمان سابقاً واستغرب البرلمان لهذه الخطوة،فيما شرع نواب من المجلس الوطني أمس في جمع توقيعات لرفع مسألة مستعجلة لوزارة المالية حول تحرير سلعة السكر، بينما رفضت لجنة الشؤون الاقتصادية الخطوة، مشيرة إلى أن البرلمان أقر في الخطة الخمسية التي أجازها أمس الأول (بأن لا مجاملة في زيادة سعر سلع الاكتفاء الذاتي على رأسها السكر والقمح والحبوب الزيتية).
في وقت أكد القيادي البرلماني “بابكر محمد توم” أن قرار المالية وضع البرلمان أمام الأمر الواقع، وتساءل حول أسباب استعجال المالية في القرارات الخاصة بسلعة السكر لاسيما وأن الموازنة ستدفع للمجلس خلال أسبوعين .
وقال رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية “عمر علي عمر”، في تصريحات صحافية، إن اللجنة تدرس حالياً قرار المالية ولديها ترتيبات تقوم بها، بعد الوقوف على أسباب القرار، وأكد أن الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات متفق عليه، أما سلع الاكتفاء الذاتي فلا.
إلى ذلك، رأى القيادي في البرلمان “الدكتور بابكر محمد توم” أن وزارة المالية كان يتعين عليها أن ترجئ قرار زيادة الإيرادات أو فرض ضرائب ليقدم ضمن مقترحات الموازنة أمام البرلمان بعد أسبوعين، مشيراً إلى أن القرار بهذا الشكل وضع البرلمان أمام أمر واقع باعتباره المنوط به مناقشة الضرائب والزيادات .
من جهته، قال النائب البرلماني “مهدي أكرد” إنهم بدأوا في جمع توقيعات لمسألة مستعجلة لوزارة المالية لقطع الطريق أمام أي توجه لفرض زيادات، وأضاف: (أي قرار لا يقره البرلمان غير قانوني وباطل.
المالية تحرر السكر كاملاً
وكانت وزارة المالية قد أصدرت قراراً بتحرير سعر سلعة السكر عرضاً واستيراداً وأسعاراً، استمراراً لسياسة التحرير المعلنة، وسيؤدي القرار إلى زيادة جوال السكر لأكثر من (30) جنيهاً لتاجر الجملة. وزير الدولة بالمالية د.”عبد الرحمن ضرار” حدد الرسوم والضرائب وتحصيل المساهمات على النحو التالي:
سعر جوال السكر زنة (50) كيلو لأغراض الضرائب (156,90) جنيه، رسوم الإنتاج (26,27) جنيهاً ، الضريبة على القيمة المضافة (31,21) جنيهاً ،المساهمات الأخرى ولايات وغيرها (33) قرشاً، وستؤدي الضرائب والرسوم إلى زيادة سعر الجوال لتاجر الجملة لأكثر من (30) جنيهاً.
حماية المستهلك تقاطع
فيما دعت جمعية حماية المستهلك الى المقاطعة كنهج نجح في ردع سلع أخرى، على الرغم من أن الزيادة هذه المرة ليس للتجار أي يد فيها بل إن التجار مندهشون لسياسات الدولة المتضاربة.
آخر من يعلم
في الوقت ذاته أكدت غرفة تجارة السكر(للمجهر) على لسان الناطق الرسمي “علام صغيرون” أن الغرفة لم يصلها أي إخطار رسمي بزيادة سعر السكر وأن الشعبة اطلعت على الخبر من وسائل الإعلام
الركود يخيم على السوق
ومن داخل إحدى الأسواق بدت همهمات تسري بين التجار لوضعية السعر الجديد بالنسبة للسكر، وقال التاجر “محمد علي لـ(المجهر) إن الزيادة ستؤدي إلى ارتفاع سعر الجوال من (240) جنيهاً إلى (280) جنيهاً للجوال زنة (50) كيلو بينما سعر الجوال (10) كيلو (57) جنيهاً بدلاً عن (52) جنيهاً وسعر الكيلو بـ(6) جنيهات، وقال “علي” إن الزيادة خلقت ركوداً كبيراً في السوق مع ضعف في القوة الشرائية فيما أوقفت الشركات التسليم للتجار وأرجعت لهم شيكاتهم تحسباً للزيادة الجديدة التي قدّرت بـ (44) جنيهاً للجوال.
تحوطات مبكرة لدعم الميزانية
ويشير خبراء إلى أن الخلافات السياسية على ملف الأمن والتوقعات بتعثر اكتمال اتفاقية النفط قادت الدولة إلى التحوط مبكراً بفرض الضرائب على السلع الضرورية لزيادة مواردها ويرى البروف “عصام الدين”، في حديثه لـ(المجهر) أن السكر لم يكن السلعة الوحيدة إذ ربما تبعتها سلع أخرى لتدعيم ميزانية الدولة، وذلك إثر التوقعات بشأن إرجاء ترحيل نفط الشمال عبر الجنوب، والدولة في هذه الحالة تتحسب لعدم دخول النفط في ميزانية العام 2013 وعدم الاعتماد عليها ويقول بوب إن القرار الأخير للمالية لا يتعلق بتوفير السكر أو بسياسة العرض والطلب وإنما في الأصل زيادة صريحة لحجم الإيراد.
وأخيراً نقول هذه ليست المرة الأولى فقد ظلت قرارات رفع الدعم تصدر من المالية وتواجه باعتراضات من البرلمان لكن في النهاية يتم إجازتها ليواجه بعدها المواطن مصيره.