الجولات الميدانية التي يقوم بها رئيس مجلس الوزراء القومي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “معتز موسىط لا شك أنها سيكون لها مردود إيجابي للعمل التنفيذي الذي يصب في المصلحة العامة، ومن ثم التعرف على مواقع الخلل للمعالجة الفورية.. فالعمل الميداني يعطي الفرصة الكبيرة للتعرف عن قرب على المشاكل والعمل على معالجتها.
كانت أولى زياراته لبنك السودان المركزي حيث تعاني البلاد منذ فبراير الماضي أزمة حادة في السيولة لم نتعرف على أسبابها حتى الآن.. فالأزمة الحادة في السيولة عطلت العملية الإنتاجية وانعكست على الثقة في الجهاز المصرفي وبات العملاء يلجأون إلى شراء الخزن الحديدية لدخر أموالهم بالمنازل خوفاً من أن يذهب للبنوك ويأتي بمبالغ زهيدة (لا تسمن ولا تغني من جوع).. وظهرت حالة استياء في المجتمع السوداني كون البنوك تمنّ عليك بحقك الشرعي وانتشرت الصفوف أمام الصّرافات الآلية التي ما تزال مستمرة حتى الآن، ووصل تصاعدها للقمة إبان عطلة العيد وحاجة العملاء الكبيرة لتلبية احتياجات العيد.. هكذا كان الحال والذي ما زال مستمراً.
الآن حدد رئيس الوزراء وزير المالية فترة زمنية للحل النهائي لأزمة السيولة.. حددها في غضون شهرين وربما يكون الحل النهائي عن طريق طباعة النقود الورقية ونحسب أنه الحل الأمثل لإنهاء أزمة باتت تهدد الجهاز المصرفي.. فلماذا لم تفكر الجهات المختصة في اللجوء لمثل هذا الحل الناجع؟؟ هل خوفها من ارتفاع التضخم أو ارتفاع الأسعار.. وفي كل الأحوال التضخم ما زال يوالي الارتفاع شهراً بعد شهر، حيث وصل خلال شهر أغسطس المنصرم إلى (67%)، كما أن الأسعار تسير في الارتفاع بوتيرة مخيفة جداً، وهددت الكثير من الأسر وكان لارتفاعها آثار اجتماعية سلبية، إذ إن رب الأسرة أصبح محاصراً ما بين تلبية الاحتياجات الأسرية من أكل وشرب وملبس وعلاج وما بين راتبه الذي لا يساوي شيئاً حتى أصاب البعض الجنون.
ففترة الشهرين الآن انقضت منها بضعة أيام.. فالحل أصبح قاب قوسين أو أدنى، فالتحديد الزمني مهم لأنه يجعل الجهة المعنية التي تتم متابعتها تعمل من أجل الوصول إلى الهدف قبل أو في الفترة الزمنية التي تم تحديدها.. ونحسب أن النهج الذي انتهجه رئيس مجلس الوزراء يعدّ نهجاً حضارياً وعملياً يؤدي إلى الحل السريع.. فعندما عُيّن “معتز” لهذه المهمة حدد للفور فترته بـ(400) يوم أو ما يعادل (3) آلاف ساعة وحدد أولوياته وبرامجه التي تصب في الإصلاح الاقتصادي وكانت هذه ضربة بداية العمل، الأمر الذي يؤكد همته العالية للعمل التنفيذي.
بعد بنك السودان زار “معتز موسى” المصفاة من أجل الوقوف على حجم الإشكال الذي تسبب الفترة الماضية في شح أو انعدام المواد البترولية، ثم زار الإمدادات الطبية حيث الدواء وحاجة المواطن للعلاج في ظل ارتفاع أسعار الأدوية.. وغداً سيزور المخزون الإستراتيجي.. بمعنى أن زياراته يصب جلها في مصلحة ومعاش المواطن (السيولة وتوفير الدواء وتأمين المواد البترولية والغذاء) وتأتي من أجل إصلاح الاعوجاج الاقتصادي. فالشعب السوداني لا أظنه سيتوقف عن العطاء إذا ما توفرت معينات العطاء التي فقدناها طوال الفترة الماضية.. أيضاً عدم متابعة العمل.. نضع الخطط والبرامج ولكننا لا نتابعها حتى يحدث (التراخي) في التنفيذ.. فكل هذه الأشياء تنعكس بصورة أو بأخرى على الاقتصاد بصورة عامة.
نعم صبرنا حتى نفد صبرنا ولكن الآن ظهرت في الأفق بوادر أمل تلوّح بقدوم الأجمل، خاصة وأن هنالك فترات زمنية قد حددت وتوجيهات قد صدرت مصحوبة بالمتابعة اللصيقة والتقارير اليومية.