جرس انذار

التسوية البراغماتية علاج قضايا الفساد!

بقلم - عادل عبده

القوانين الرادعة لا تحارب الفساد ولا تمحو جذوره ولا تخيف (القطط السمان) من القيام بأعمالهم الإجرامية ولا تجعل دهاقنة التجاوزات المالية يتوقفون عن سرقة المال العام واستحلاب مدخرات البنوك والشركات والمؤسسات، فقد صار الاعتداء الفاضح على المال العام وحقوق الناس أمراً طبيعياً، فقد دخلت الطفيلية البغيضة والعقلية السارقة في الدولاب الحكومي، كما تدخل الريح على الحدود والأمكنة.. وكم من لص خرج من التهم كما يخرج السهم من الرمية! وكم من (قطط سمان) لم يستطع القضاء الحصول على الأدلة الكافية التي تثبت أفعالهم الشنيعة.. فالشاهد أن هؤلاء يتحركون بميزان دقيق وتحوطات مدروسة وخطوات خطيرة، فقد اتضح في أحايين كثيرة قدرتهم في السيطرة على سوق الذهب والدولار والسُكر والدواء والمحاصيل، وذلك باستخدام الحيلة الجهنمية والخبرة التراكمية في الاستحواذ على ركائز الثراء.. فكيف يكون العلاج.. إذا كان إطلاق الصواريخ الحاسمة لا يصيب الهدف، وكم ذهبت التحقيقات والإجراءات القانونية أدراج الرياح إلى نقطة اللا شيء دون الحصول على الدلائل والبراهين التي تدين هؤلاء المجرمين؟ إذن لا بد أن نتساءل عن الحلول الناجعة التي تعيد الأموال المسروقة والمنهوبة إلى الخزينة العامة وتصب الماء المثلج على الأعصاب المتوترة وتعيد الحقوق إلى أهلها، فلا بد من خطوة قانونية وعقلانية ومنطقية تحمل مضامين ذكية ومعالجات براغماتية وصيغة معمول بها في كثير من الدول والمجتمعات، إنها التسوية القانونية التي تكون بديلاً للمحاكم في مواجهة المتهمين.. فالتسوية تمثل شجاعة وحكمة في آن واحد، فالواضح أن هذا المنهج العدلي يعيد الأشياء الضائعة والأموال المنهوبة في ظل تعقيدات المحاكم وضعف الأدلة، حيث لا توجد عيوب أخلاقية ومهنية في التعامل بالتسوية القانونية، ويجب أن لا نفكر في الحصول على كل شيء أو نخسر كل شيء، فإن التسوية تمثل التوازن بين الحقوق العامة والمال المختلس، فهي تمثل مكسباً كبيراً لصالح الدولة والخزينة العامة.. فما الفائدة من سجن السارقين أو بقائهم في الحبس إذا كانت التسوية تعيد تلك الأموال إلى الخزينة العامة دون كثير عناء، فهذه الخطوة الجبارة فعلها الأمير “محمد بن سلمان” ولي عهد السعودية، عندما حبس دهاقنة التجاوزات المالية والفساد في المملكة، وخرج منهم بأموال كثيرة تفوق المليارات من الدولارات لصالح الحكومة السعودية، وذات الأسلوب يطبق في العديد من الدول الأوروبية والمجتمعات الليبرالية، ومن هنا يتبين بأن التسوية البراغماتية تمثل العلاج الناجع لقضايا الفساد!..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية