يكاد الشعب السوداني أن يكون بالأمس قد انقسم إلى طودين عظيمين بشأن ما أعلنه الرئيس “البشير” من حل لحكومة الوفاق الوطني وتقليص عدد الوزارات الاتحادية من (31) إلى (21) وزارة مع تخفيضات وإصلاحات هيكلية في الولايات والمحليات، بجانب تسمية رئيس وزراء جديد ونائب للرئيس، وترك مساحة لرئيس الحكومة القادمة ليخرج وعبر التشاور مع رئيس الجمهورية بأسماء وزرائه الجدد ووزاراتهم الجديدة.
انقسام الناس جاء من باب محاولة توقع وقياس مدى تأثير هذه الإجراءات على الوضع بالبلاد، خاصة في جانبه الاقتصادي، فمن أعلن غبطته يقول إن هنالك وجهاً جديداً من الجدية للإصلاح تبديه الحكومة الآن لم يكن موجوداً، كما أن ما تمر به البلاد حتّم على الحكومة هذه الإجراءات وما تجاوبها معه إلا إعمالاً للعقل والحكمة.. الآخرون الذين يبدو أنهم قد استنفدوا مخزونهم من الصبر عبروا عن عدم إحساسهم بأي جديد وعدّوا ما حدث مجرد مناورة أخرى من جانب الحكومة لكسب الوقت حتى يمنحها الله قدراً جديداً بمثل ما اعتادت أن تجد في ذلك مخرجاً لأزماتها السابقة.
لكن، وعلى كلٍّ فإن المؤشر العام لما حدث يشير إلى دخول الجميع في مربع (الفرصة الأخيرة) التي لا يدري أحد ما سيحدث بعدها إذا ما فُقدت، لذا فإنه من الأفضل أن يكون ما أُعلن بالأمس تمهيداً للإعلان عن برنامج اقتصادي حقيقي يعلنه الشاب “معتز موسى”، فتقليص الوزارات ودمجها وتحوير المحليات وكمشها وإعفاء المسؤولين وإقالتهم لا يدخل تحت مسمى البرنامج الاقتصادي، بل هي معالجات مطلوبة لإعداد الملعب النظيف الذي يدار بفكر جديد ومنهج جديد تستقطب له العقول وتستنفر له الطاقات الوطنية المخلصة.. وهذا هو دورك يا “معتز”، وقد هبت رياحك فاغتنمها.. وها هو القدر يختارك الآن لتقدم تجربة شباب انتظر طويلاً ليجد فرصته في إدارة شأن البلاد.