حوارات

الأمين العام للجنة أطباء السودان د.”عمر صالح “في إفادات جريئة لـ(المجهر السياسي)

*معظم الاعتداءات على الأطباء تقع بأقسام الحوادث والطوارئ

*النظام العالمي اعتمد نظام الـ(8) ساعات تفادياً للإجهاد ،فيما يعمل الطبيب هنا لمدة(36) ساعة متواصلة
*لا يمكن تجريم الطبيب على قصور الجهات المختصة
*التضارب بين المجلس الطبي ووزارة الصحة أكبر مهددات التدريب
كثرت ظاهرة الاعتداء على الأطباء في المستشفيات ، بجانب تردي بيئة العمل وضعف الرواتب، مما دفع بعدد كبير من الأطباء للهجرة خارج البلاد، وخلق ذلك عجزاً كبيراً في القطاع الصحي في البلاد،وتضررت الولايات بشكل أكبر من نقص الكوادر الطبية ، إضافة إلى الأخطاء الطبية التي أودت بحياة كثير من المرضى،وهزت ثقة المواطن في القطاع الصحي بالداخل ، (المجهر السياسي)، التقت بالأمين العام للجنة أطباء السودان د.”عمر صالح ” لسبر غور ما يحدث في القطاع:
حأورته:رشان أوشي

*تكررت ظاهرة الاعتداء الجسدي على الأطباء..ماهي رؤيتكم لوضع حد لها؟
بدايةً السلام عليكم، وخالص تحاياي إلى أطباء السودان على امتداد الوطن الحبيب و في منافيهم القسرية خارج البلاد وصوت شكر ووقفة امتنان على الأدوار التي ظل يقدمونها غير مكترثين للتردي العام في مؤشرات أداء بالقطاع الصحي ، ظاهرة الاعتداءات على الأطباء من الظواهر المتكررة والتي أصبحت تهدد استقرار الخدمة الطبية باستمرار ففي حال حدوث اعتداء على طبيب أو كادر طبي مساعد ولانتفاء عنصري الأمن والسلامة الذي يجب أن يتوفرا لكي يتسنى لهم تقديم الخدمة، يتوقف العمل ويتضرر عدد كبير من المرضى (حالات حرجة أو مستقرة) من جراء هذا التوقف ، خصوصاً وأن السواد الأعظم من هذه الحوادث يقع بأقسام الحوادث و الطوارئ .
*نفذتم إضراباً جزئياً عن العمل العام الماضي، هل حققتم مطالبكم؟
في عام 2016 كان إجماع عموم أطباء السودان على ضرورة التوقف وتصحيح الأوضاع فكان الإضراب التاريخي لأكثر من (85) مستشفى بالعاصمة و الولايات وكانت مذكرة أطباء السودان التي أجمع عليها عموم الأطباء كوثيقة حقوق وظروف حد أدنى للعمل تلقت أيضاً قبولاً من جهات الاختصاص ووُصفت بالموضوعية وعدالة المطالب رغم ذلك وُجهت لهم اتهامات بنيابة أمن الدولة (الجرائم الموجهة ضد الدولة) ، تتمثل حلولنا المطروحة في تحسين بيئة العمل وتصحيح القصور والفقر البنيوي، والتي تساهم بشكل كبير جداً في التسبب في هذه الاعتداءات، وبالإشارة إلى بيئة العمل يجب توضيح المعنى الدقيق المشار إليه، فبيئة العمل تشمل كل الظروف التي تجعل من انسيابية العمل ممكنة، وتكون البداية بوجود الكادر الطبي المدرب والمتمرس من الأطباء و الممرضين بأقسام الحوادث و الطوارئ مع استصحاب ضرورة تناسب العدد المناسب للكادر مع تردد المرضى فلا يمكن لطبيب في حوادث ان يعاين أكثر من 25 مريضاً ويكون على ذات التركيز المطلوب ويترافق مع ذلك مع عدد ساعات المناوبة فلا يمكن أن يغطي طبيب حوادث ل24 ساعة بنفس التركيز (ومواصلة الدوام بشكل اعتيادي لليوم الذي يليه من محولات وعمليات و قد يعمل الطبيب لمدة 36 ساعة متواصلة) ونجد أن النظام العالمي يعتمد نظام الـ8 ساعات تفادياً للإجهاد المتراكم الذي يؤثر على جودة الخدمة المقدمة ، توفير معينات العمل الأساسية مهم جداً ويبدأ ذلك بتوفير الموظفين الذين ينظمون حركة دخول المرضى للحوادث حفاظاً على النظام وخصوصية المرضى مروراً بالمستهلكات الطبية وصيدلية الطوارئ وصولاً إلى توفير الأجهزة التي تساهم في حفظ حياة المرضى وعربات الإسعاف لتحويل الحالات التي تتطلب ذلك ..
*أغلب المعتدين برروا لسلوكهم هذا بسوء تعامل الأطباء؟
هناك كثير من الدعاوى التي تجرم الأطباء وتنادي بذلك ، نحن مع مبدأ المحاسبة بشكل عام ولا نرفض أي إجراء قانوني في حق أي طبيب ولكن يجب أن يتم ذلك بكامل الموضوعية فلا يمكن أن يجرم الطبيب على قصور الجهات المختصة.
*كثرت الأخطاء الطبية مما أضحت ظاهرة مخيفة هزت ثقة المواطن في الطبيب السوداني؟
الخطأ الطبي وارد بطبيعة العمل البشري ويتفاوت حسب تأثيره على المريض وله اشتراطات محددة لتسميته كخطأ طبي، فيجب أن تكون محكمة متخصصة بها خبراء أطباء ذوو خبرة ودرجات علمية، كقضية مدنية وليست جنائية أو الذهاب في المسار الإدارى مباشرة عن طريق المجلس الطبي السوداني والذي هو الجهة المسئولة عن محاسبة الأطباء ومنحهم تراخيص العمل ويقع على عاتقه مهمة متابعة واعتماد كليات الطب التي تخرج أطباء مؤهلين (غياب هذا الدور) ، أيضا من صلاحياته الرقابة على منافذ تقديم الخدمات والمؤسسات العلاجية حسب نظامه الأساسي.
*انعدام الرقابة على الأطباء أفضى لكل هذه الفوضى؟
وبلا شك هناك قصور في هذا الدور من المجلس الطبي السوداني ، وتدريب الأطباء ليست قضية منفصلة عن موضوعنا فالتدريب الجيد ينتج طبيباً مؤهلاً ولكن بالنظر لأوضاع التدريب في السودان مستشفيات وزارة الصحة نجد أن التدريب سجل درجات متقدمة من التدني فمنح الطبيب شهادة التسجيل الدائم من المجلس الطبي يجب أن يأتي بعد فترة امتياز في مستشفيات مؤهلة وبواسطة مدربين وبإشراف من المجلس الطبي واستصحاب آراء أطباء الامتياز فيما يخص المعوقات التي تواجههم فلا يعقل أن يقضي طبيب فترة الامتياز في مستشفى تطلب منه الحضور ليوم واحد في الأسبوع للمستشفى ..! ، على مستوى آخر نجد تدريب نواب الاختصاصيين والذي هو مهمة المجلس القومي السوداني للتخصصات الطبية هو المسئول عن اعتماد مراكز التدريب المناسبة لتوفير عملية تدريبية سليمة ومنح درجة الدكتوراة السريرية للطبيب الذي تدرب بالشكل المطلوب وتوفير كل معينات ومتطلبات التدريب من كورسات وورش وطرح منح الابتعاث الخارجي وفق شروط محددة وواضحة للجميع، ولكن عدم الانسجام والتضارب بين هذا المجلس ووزارة الصحة هو من أكبر مهددات التدريب مثلما حدث بولاية الجزيرة ، وعملية التدريب بشكل عام إضافة إلى دور المجلس الطبي السوداني في الرقابة على كليات الطب هما المسئولان عن مهنية واحترافية الطبيب.
*عدم الاهتمام من جانب الأطباء ، وتجاوز اخلاقيات المهنة تجاه المرضى كاستخدام الهواتف النقالة والانشغال بالدردشة على الواتساب دون مراعاة شعور المرضى وذويهم؟
كثر الحديث عن هذا الموضوع (الهواتف أثناء الدوام) ولكن بالنظر إلى طبيعة العاملين بالمستشفيات نجد السواد الأعظم منها مغطى بالمتدربين (نواب – امتياز) وهذه الهواتف حالياً أصبحت مصدراً مهماً (عالمياً) للمعلومات وآخر التحديثات في عالم الطب وهو صديق دائم للطبيب (يعني ما أي طبيب بقلب في التلفون هو بدردش) ولكن طالما لم يؤثر ذلك على أدائه فليس هناك ما يمنع طالما يمكن أن يغطي لأكثر من 36 ساعة متواصلة فهو في المقام الأول إنسان وله احتياجاته الآدمية .
*هجرة الكوادر الطبية هروب من المسئولية، تركت المرضى تحت رحمة المستشفيات الخاصة؟
أما بخصوص الهجرة و الالتزام الأخلاقي فهناك أيضاً التزامات مهنية واجتماعية واقتصادية تقتضي الهجرة والتطور المهني وزيادة الدور والتأثير الاجتماعي وتحسين الوضع الاقتصادي ، ولا توجد فئة خدمية تقوم بأدوار موازية أو تقارب ما يقوم بها بمطالبات دائمة لتحسين جودة الخدمة وتوفير العلاج للمرضى والحوامل والأطفال ويشهد بذلك آخر إضراب قومي تم وهذا دور أصيل للطبيب، وخصخصة القطاع الصحي تمت بتجفيف المستشفيات الحكومية وفتح الاستثمار في الصحة بلا رقابة ولا شروط تصب في خدمة المريض أو تسهل مسألة بل سلعة يتحصل عليها من يدفع ..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية