على أصوات الشباب الساخطين: (الحركة الإسلامية) تفيق من غيبوبتها أخيراً قبيل مؤتمرها!!
(لقد أفقنا على حقائق (مرعبة) عن واقع الحركة الإسلامية في السودان ونحن مقبلون على مؤتمرها، السودانيون أيضاً أفاقوا على هذه الحقائق، وحتى إخواننا في الخارج لا يعتقدون أنها حركة إسلامية أو دولتها دولة إسلامية) هكذا تحدث “قطبي المهدي” الذي حاصرته ورفاقه من القيادات رشاشات الشباب الإسلاميين، الذين أخرجوا كل الهواء الساخن من صدورهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل شخَّص متحدثون من طلاب الجامعات حالة الحركة ودولتها بصورة غير مسبوقة، حتى أن القيادي الإسلامي البارز “أحمد عبد الرحمن” فوجئ هو الآخر بواقع جديد دفع به للقول (أشعر بالتباين الفكري بيننا والأجيال الشابة).
في المنتدى السياسي الذي جاء تحت عنوان (الحركة الإسلامية السودانية الواقع والتحديات المستقبلية)، الذي يسبق انعقاد المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية الخميس المقبل بـ(قاعة الصداقة) بالخرطوم، وقدمت فيه (5) أوراق عمل ناقشت (تطور الخطاب السياسي للإسلاميين في السودان خلال ربع قرن) قدمها المهندس “سليمان صديق”، و(الإسلاميون والدولة المدنية) لدكتور “رحاب عبد الرحمن”، إضافة إلى (الإسلام والنظام الدولي لحقوق الإنسان) وهي ورقة الدكتور “أحمد المفتي”. وقدمت في الجلسة الثانية وورقتان أخريان حملتا عناوين (تحدي الحرب والسلم في السودان) لـ”أحمد إبراهيم الطاهر”، وورقة أعدها الأستاذ “أمين حسن عمر”وأخرى لـ”محمد الواثق” حملت اسم (الحركة الإسلامية مسارات المستقبل) وتخلل الجلستين تعقيب ونقاش من “عمر باسان”و”حسب الله عمر”، “د. مصطفى عبد المكرم”، إضافة إلى تعقيب الدكتور”عمر عبد العزيز”، وأثرى الحضور النقاش المنفتح حتى أنه أثرى بطرحه “العميق” مضامين كل الأوراق.
وفتحت أوراق العمل نقاشاً عميقاً لمجمل تجربة الحركة الإسلامية السودانية في الحكم طوال (23) عاماً، ولكن ما جد هذه المرة ذلك الاكتشاف الكبير الذي ربما (صدم) قيادات من الإسلاميين، بخلاف المنشقين عنها بقيادة الدكتور “حسن الترابي”، الأمر الذي وضعهم في خانة الدفاع و(التبرير)، حيث كان نقد التجربة بكاملها لسان حال الجميع من الشباب الإسلاميين، والذين اتفقوا على حقائق وصفها “قطبي المهدي”بـ(المرعبة)، وأضاف بقوله: “لابد أن نؤهل أنفسنا لمجابهة هذه التحديات)، وفي باحة القاعة وصلت الرسالة تماماً إلى من يعنيه الأمر، فما أن تحدث أحد الطلاب الإسلاميين واسمه “عمر” ويدرس بـ(جامعة الخرطوم) لسان حال للطلاب الإسلاميين، وصف رؤيته بأنها (رؤية الأجيال الجديدة)، وهو قال إن الحركة الإسلامية منذ أن (قلبت) الحكم وهي لم تكن تمتلك الرؤية، محملاً إياها المسؤولية التاريخية عن انفصال الجنوب، وأضاف (لو عاش الشهداء الذين استشهدوا هناك لكان لهم دور آخر الآن في هذه البلاد)، ثم مضى في نقده للتجربة بالقول، لقد سلمت الحركة الإسلامية لألد أعدائها، كما أنها المسؤولة عن تعميق القبلية والجهوية و”زولي وزولك” ولو وجد حاملو السلاح فرص العمل لما كان لديهم الوقت ليفعلوا ذلك)، وتساءل كذلك عن مفكري الحركة الإسلامية السودانيين، فقال ( أين هم مفكرو الحركة الإسلامية، هل انتهوا أم ماتوا؟ فنحن مازالت أدبياتنا تعتمد على نتاج “سيد قطب” و”محمد قطب”)، وأضاف: (للإخوان المسلمين والحركات الإسلامية الأخرى رأي في تجربتنا في السودان، والدليل على ذلك عدم استقبال الدكتور “محمد مرسي” للرئيس “عمر البشير” في (مطار القاهرة). وسبق للشيخ “راشد الغنوشي” أن قال رأيه في تجربة السودان الإسلامية، وشكا “عمر” من التعاطي الأمني مع الحركة الإسلامية عوضاً عن الفكري والتنظيمي، وقال: (القبضة الأمنية المسيطرة علينا نحن كطلاب إسلاميين هي التي ولدت العنف داخل الجامعات).
الواقع الجديد الذي اكتشفته قيادات الحركة الإسلامية وهي تفتح نقداً لتجربتها قبيل انعقاد مؤتمرها الثامن، حدى بالقيادي الإسلامي “أحمد عبد الرحمن” إلي محاولة الدفاع عن “كسب” الحركة طوال (50) عاماً، قال إنهم خاضوها كمعركة طويلة، وقال (من قال إن الجنوب أرض إسلامية، وهل حاربنا من أجل الاسلمة بالقوة؟ كيف أتت هذه الأفكار؟)، واعترف بوجود قضية فكرية، حيث لم تعمل الحركة في المجال الفكري.
فيما أكد “قطبي المهدي” أنهم بصدد بناء حركة جديدة ليس بسبب القلق في القواعد، (نحن في القمة نعرف أن لدينا مشاكل فكرية وتنظيمية، ومسؤوليتنا الآن أن نصلح ونعالج هذه المشاكل).
وكان البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” خاطب الجلسات التي أدارها الدكتور “أزهري التيجاني”، وأعلن فيها انعقاد المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية، وقال “إن الحركة الإسلامية السودانية” عصية على أن تترك مناهجها، وهي تستجيب للنقد البناء، وقابلة للنقاش والسؤال.
من جهته وصف رئيس اللجنة العليا للمؤتمر البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” انعقاد المؤتمر الثامن (بالمهم في تاريخها، خاصة وأن الساحة الدولية شهدت حركات وتقلبات كثيرة، فالتحدي لم يعد داخلياً فحسب ولا إقليميا، إنما تحدٍ عبر للقارات، ووطننا يطل من النافذة على الثقافات العالمية الأخرى، ويمثل المؤتمر مائدة مستديرة لمناقشة الإسلام والآخر، والآن الحركة الإسلامية تواجه تحدياً كبيراً، كما يناقش المؤتمر قضايا ذات بعد كبير، إضافة إلى التحديات المستقبلية، ويناقش دستوراً جديداً للحركة)، وأضاف: (لا نخش تقديم أنفسنا كحركة إسلامية ولا مؤسساتنا لما فيها من شورى وقدرة على التكيف والتعامل مع الواقع).