عز الكلام

مهرجان الوطن وعيد القوات المسلحة

واحدة من المشاكل الحقيقية التي تواجه بقاء الأمة السودانية وديمومتها على ظهر الأرض، ليست وحدها بأي حال من الأحوال انعدام الخبز عن المخابز أو أي شكل من أشكال الضائقة الاقتصادية الأخيرة، ونحن حقيقة مواجهين بتهديد الفناء والانقراض بشكل أكبر بسبب انعدام الوازع الوطني والحس القومي، في أعداد كبيرة من أبناء وبنات هذا الجيل، ولا ندري كيف سيكون حال الأجيال القادمة التي هي محتاجة لمزيد من جرعات الوطنية، والانتماء لهذا البلد والانحياز له بفقرة وشقاوته وبؤس حاله بطريقة (وطني ولا ملي بطني)، ولعل واحدة من هذه المحفزات والحصص في جرعات الوطنية أستاذها الأول ومعلمها هو الفني العموم والغناء على وجه الخصوص الذي يتغلغل في المسام وينساب في الروح ويجد القبول والاستجابة، لذلك سعدت بالمهرجان الذي جاء تحت مُسمى مهرجان “محمد الأمين” للأغنية الوطنية، وكانت ليلته الختامية أمس الأول بقاعة الصداقة وللأمانة أول مرة اسمع بفعاليات هذا المهرجان، لتكون له ليلة ختامية وبالضرورة كانت له ليله افتتاحية (يطرشني ماسمعت بيها) في العموم ما علينا والأمسية جاءت مميزة ودافئة، وعلى عكس ما يظن القارئ أنني سأتحدث عن جزالة الكلمات أو جمال الألحان أو روعة الأداء لما قدم من أعمالك، لأن ما حدث في هذا الليلة يؤكد أنه رغم مصيبتنا الاقتصادية والعك الذي تمارسه الحكومة، لكننا أحسن كتير من غيرنا، وأقول ليكم كيف إذ إنه ومهما ارتفع سقف توقعاتي لما كان سيغنيه الفنان الكبير “محمد الأمين” أمام الرئيس شخصياً، ما كنت أتوقع أن يغني أغنية كلماتها هي نبض الشارع وإحساس المظلومين ومطالبات الموجوعين، لكن أن تقال بهذا الشكل المباشر أمام الرئيس، وفي إحدى دول العالم الثالث، صدقوني لا يحدث هذا إلا في السودان، و”محمد الأمين” غنى بصوته الجهور (مبدأ التطهير يصير ما شعار خاوي كبير والحساب لكل واحد الصنائعي والوزير، امضوا طهروا بعدالة وابعدوا الذاتية غادي وابقوا عشرة على المبادئ وكل شهيد روحه بتنادي ابقوا عشرة على المبادئ) ليوصل الفنان القامة نبض الشارع وإحساس الغلابة بمباشرة ووضوح ما بعده وضوح، ليؤكد الفنان “محمد الأمين” أنه فنان كبير واعٍ لرسالته وقضيته، يعرف ماذا يغني في الزمان والمكان المناسبين، ويقول شنو وقدام منو، ومن جانب تاني كان ما غناه “محمد الأمين” أمام الرئيس، منقولاً على الهواء مباشرة، وهو ما لا يجرؤ على فعله فنانون كبار في بلاد كثيرة، ولا يجرؤ على الاستماع له رؤساء كتار في بلاد تحيط بنا إحاطةً السوار بالمعصم، يعتبرون ما قاله الفنان أو الشاعر جريمة قد تزج بهم في السجون، لكن على العكس من ذلك تحدث الرئيس بعدها عن “محمد الأمين” حديثاً طيباً يليق به وبتاريخه، وتحدث بفهم ووعي عن دور الأغنية الوطنية في صناعة وصياغة الحس الوطني للإنسان السوداني، ليؤكد الرئيس سعة أفقه واتساع صدره لسماع صوت الشعب الذين كان لسانهم ساعتها الفنان “محمد الأمين”.
الدايرة أقوله إن وقائع ما حدث في الليلة الختامية لمهرجان الأغنية الوطنية، هو محاضرة حقيقة ألقاها القامة “محمد الأمين” على مسامعنا في كيف يكون الفنان واعياً لمطلوبات شعبه، كيف يكون ملامساً لقضاياها وكيف يكون قادرا على عكسها متى ما سمحت الفرصة والمناسبة وتهيأ لها المسرح لفعل ذلك،
والليلة أكدت أيضاً أنه ورغم مشاكلنا وأزماتنا، إلا أن الرئيس رجل منفتح ومستوعب لدور الفن والفنانين، لم يتضايق أو يتململ لما بدأ أنه حديث موجه إليه مباشرة ومنقول على الهواء مباشرة على مرأى ومسمع من الحضور، ليؤكد المشهد برمته أننا شعب راقٍ وفينا خير كتير ومتقدمين على الآخرين بخطوات بس لو (تظبط معانا البلية) وينصلح حال اقتصادنا البائس، بقرارات جريئة ومصيرية كما فعل “أردوغان” أمس وهو يعلن لشعبه بعد انخفاض عُملة بلاده أمام الدولار، أنه سيتجه لتحالفات سياسية جديدة رداً على السياسات الأمريكية التي تريد محاصرة بلاده وبلدنا بإنسانها وزرعها وضرعها لا تنقصها إلا مثل هذا القرارات والإرادة والكفاءات المنفذة لها،
فشكراً الأستاذ “محمد الأمين” على توصيل الأمانة، وشكراً أخي الرئيس على استلامها ومنتظرين أن تكون موضع التنفيذ.
كلمة عزيزة
مهما تعرضنا لأزمات، ومهما انكشفنا لعواصف، دائما ثقتي في الله لا تحدها حدود، بألا ينفرط عقد هذه الأمة وتتشتت حباتها، وثقتي أيضاً بلا حدود في قواتنا المسلحة عين شمسنا وتقالة قلبنا وضهرنا الذي نستند عليه، وخلوني أقول إن القوات المسلحة السودانية ظلت وطوال تاريخها الناصع مصنعا لا ينتج إلا فرز أول من الرجال، وشجرة لا تثمر إلا نقاوة النقاوة من الفرسان، لذلك ظلت محل ثقة المواطن السوداني، ضامنة لأمنه وحارسة لعِرضه وأرضه، كل من فيها يعلم أن الكاكي ليس وظيفة يقبض راتبها أو منصباً يتباهى به، العسكرية شرف باذخ مهره الدم وتمنه الروح، لذلك هم على الثغور مرابطين ومدافعين لم يشتكوا ولن يشتكوا من شظف عيش أو عكورة موية أو سخونة جو أو برودته، جميعهم مكحلين بالشطة جسارة ورجالة وحمرة عين، جميعهم أخوان فاطنة ومقنعين كاشفات، ودراقين عوجات.
فالتحية لهم جميعا بعيد القوات المسلحة نشاركهم العيد ابتهاجا وفخرا وعظمة، إننا ننتمي لهم وينتمون إلينا، فالتحية لهم فردا فردا بدءاً من قائدهم الأعلى الأخ الرئيس، ووزير دفاعنا جبل الحكمة بحر الصبر والركوز الفريق “عوض ابنعوف” وكل هيئة الأركان المشتركة والتحية للضباط وضباط الصف والجنود المرابطين، تلبية لنداء الواجب الواقفين في خط التماس رهن الإشارة وعند الطلب.
كلمة أعز
لا أدري ما علاقة وزير الإعلام “أحمد بلال” بحديث من شاكلة أن الأزمة الاقتصادية ستصبح من التاريخ!! لأن الرجل غير معني بملف الاقتصاد، ولا يملك حيثيات لهذا الحديث، الذي كان يمكن أن نديه أضانا لو أنه صدر من وزير المالية مثلاً، عموما يا دكتور ما ظنيت سنخرج من هذه الأزمة، ما لم تصبح وأمثالك من الذين يتحدثون في ما لا يعرفون من التاريخ!!!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية