فوق رأي

إنسان مجفف

هناء إبراهيم

يولد الإنسان مليئاً بالمشاعر مهيأً لأن يقول صباح الخير وبريدك وقلبي مالو اليوم وفي هواك يا جميل وكل (التعبيرات) التي يحتاجها أهله وأصدقاؤه وزملاؤه وبنو قلبه.. لكن المجتمع المحيط به يحيله فجأة أو بالتدريج إلى كائن مجفف المشاعر..
والله جد..
فيصير حينئذ إنساناً يخجل من التعبير عن مشاعره أو قد تجده بات يخضع تلقائية التعبير لحسابات وتعقيدات من شاكلة لو قلت كذا ماذا سوف يعتقد الطرف الآخر وما ظنه حيال هذا التعبير؟!
يجرب هذا المسكين التعبير عن هذه المشاعر فتُفهم بشكل آخر..
يقوم البني آدم حينها بتجفيف مشاعره للحفاظ على كرامته وماء قلبه..
والله جد..
ومن أطرف ما قيل في هذا الشأن قول إحدى الحسناوات :
)مشاعري.. زي عدة أمي
قاعدة لكن ما بطلعها.. يقوموا يكسروها لي الشفع ديل)
اتفرجتوا؟!
الشفع هنا تعبير مجازي بالطبع..
أما كسر المشاعر فهو موت متعدد..
والله جد..
نحن نجفف مشاعرنا وفقاً لنظام مجتمعي تالف..
نجفف مشاعرنا ونعرضها للتلف البطيء خوفاً من الكسر العاجل..
يعيش البني آدم وهو يلعب (دس دس) مع مشاعره إلى أن ينتقل إلى الدار الآخرة وهو محمل بمشاعر ماتت قبله بعشرات السنين لم يقلها لأمه وأبيه وإخوانه وأبنائه وزوجته وأصدقائه وزملائه..
وهسه شربنا الشاي..
أقول قولي هذا من باب الحاصل
و…
ألاقيك صدفة وأدفع كم؟!
لدواعٍ في بالي

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية