{ (مسجد كأنني أكلت) عنوان لقصة دينية واقعية مؤثرة وجدتها خلال تجوالي اليومي بين المواقع الإلكترونية الإسلامية، ومن القصة عرفت أن وراء هذا الاسم الغريب (مسجد كأنني أكلت) حكاية غريبة وعجيبة، تعود للعهد العثماني وردت في كتاب “روائع من التاريخ العثماني” للأستاذ “أورخان محمد علي”، ولروعة القصة والحكاية التي أدهشتني من البداية وتأثيرها الروحاني العجيب أردت أن أنقلها هنا (بكل الوضوح) لكي يستفيد الجميع لما فيها من عبرة وحكمة.. وتقول الحكاية التي أدهشتني:
{ كان يعيش في منطقة “فاتح” بالعاصمة التركية إسطنبول شيخ ورع من المتصوفة الزهاد يدعى “خير الدين أفندي” وكان هذا الشيخ الزاهد التقي عندما يمشي في السوق، وتتوق نفسه لشراء أي من أنواع المأكولات الشهية فواكه، أو لحوم، أو حلوى أو غير ذلك من ما لذ وطاب، دائماً ما يردد في نفسه عبارة بالتركية: (صانكي يدم)، وتعني بالعربية (كأنني أكلت) أو (افترض أنني أكلت)!!
{ وظل “خير الدين أفندي” لزمن طويل يكف نفسه عن لذائذ الأكل مردداً عبارته تلك، ثم يضع ثمن الطعـام الذي يشتهيه في صندوق له ومضت الأيام والسنين، وكانت النقود تزداد شيئاً فشيئاً إلى أن استطاع بما توفر من مال بناء مسجد صغير في منطقته “فاتح”، ولما كان أهل المنطقة يعرفون حكاية هذا الشيخ الورع الفقير، وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد، أطلقوا عليه اسم: (صانكي يدم أي) وهي تعني (مسجد كأنني أكلت) الموجود حتى الآن ويعدّ من المساجد العتيقة في إسطنبول.
} وضوح أخير
{ نعلم أن هناك الكثير من مشايخ الطرق الصوفية الزهاد العباد الصادقين الصالحين في السودان، وفي أزمان متوالية، أسسوا مساجد وخلاوى بطريقة مشابهة لصاحب القصة أعلاه (مسجد كأنني أكلت)، ولكن للأسف الشديد في هذا الزمان الغابر ظللنا نسمع كثيراً عن قصص وحكايات من (يأكلون أموال المساجد) بالباطل ويتصرفون في عائد أوقافها بغير وجه حق، كما ظللنا نسمع عن من ظلوا يهدمون المساجد ويحولون أراضيها إلى صروح استثمارية لبيع (المأكولات والمشروبات) وغير ذلك من الاستثمارات بحثاً عن الكسب الدنيوي.
{ ليتهم ينتبهون لقوله تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) صدق الله العظيم.