عز الكلام

أزمة ضمير..

شهدت الخرطوم بالأمس الأول أزمة مواصلات طاحنة، وشهدت في ذات الوقت أزمة ضمير مخجلة، وبعض أصحاب المركبات العامة يستغلون الأزمة لتحقيق كسب غير مشروع وغير قانوني وغير أخلاقي، وبعض الخطوط تمت مضاعفة قيمتها مائة في المائة أو وبما يزيد، لتظهر في العلن نظرية ظلم الإنسان لأخيه الإنسان في أوضح معانيها، وليس هناك من مسوغ لهذا التصرف، سوى الجشع والأنانية والتربح في معاناة الناس وآلامهم، وخلوني أقول بالمنطق كده إن فساد الحكومات والأنظمة لا يساوي شيئا أن فسدت ذمم الناس، الذين يكونون طبقات المجتمع ويحددون شكله وخارطته، لأنه مهما كان حجم ذلك الفساد ،فإنه يبقى محصوراً في نسبة معينة من البشر، وأي تغيير جاد وحقيقي وحده قادر على تصحيح الصورة واستعدالها، لكن أن مات ضمير المجتمع نفسه فإنه الكارثة بعينها، لأن الله لا يبدل ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ومثل هذا الاستغلال الواضح في ظل غياب القانون والرقابة، هو فساد لا يقل فساداً عن فساد (القطط السمان) واهو كله فساد مع اختلاف الكيفية والملاعب والأهداف، وفي كلا الفعلين تنتصر الذات والأنانية وحب التملك حتى لو كان بغير حق، وفي كلا الحالتين هو نهم نحو الثراء السريع والجشع لكنه فساد مؤلم باعتبار أن المواطن يفترض أن لا يقسوا على أخيه المواطن مستغلا حاجته وظروفه، وهو يعلم أنه رهين لأوضاع صعبة اقتصادية واجتماعية، لايد له فيه لنشهد مثل هذه الغيبوبة الأخلاقية المحيرة، والأسواق تشهد انفلاتا غير مسبوق، ومافي زول خائف من زول، لأن من أمن العقاب أساء الأدب، وكدي قولوا ياتوا سوق يدخله المواطن وفيه تسعيرة ملزمة من السُلطات التي أن وجدت فهي غالبا ما تكون تسعيرة من التجار أنفسهم اتفقوا عليها بربطة المعلم، وأصبحت فرمانا لا يجرؤ أحد الاعتراض عليه، وعلى المواطن أن يقبله صاغراً خانعا وبذلك أصبح المواطن مستعمرا ومجرورا ومذلولا من إمبراطوريات تجارية مهيمنة ومفترسة، وهي طفيليات لا تتنامى وتكبر إلا في مثل هذه الأجواء التي نعيشها أجواء الانفلات الرقابي والجهات الحكومية، ترخي قبضتها عن الأسواق وتقف موقف المتفرج والعاجز، والمواطن لا يجد من يحميه أو يدافع عنه، كما حدث أمس وأصحاب الحافلات غيروا خطوط المواصلات بي كيفهم ومافي زول قال ليهم تلت التلاتة كم.. زودوا التعريفة رافعين شعار إما تركب أو تبيت في الشارع، وعارفين أنهم بعيدون عن يد المحاسبة أو المساءلة وما اظن اصلا على ما اظن أن هناك نص في القانون يجرمهم أو يعاقبهم لتبقى المصيبة على رجل الشارع مصيبتين وما عارف يلقاها من قطط الحكومة واللا من قطط السوق واللا قطط المواصلات؟؟!!!
كلمة عزيزة
لا ادري كيف يمر خبر توزيع دقيق فاسد لطلبة الداخليات بولاية نهر النيل، هكذا من غير لجنة تحقيق عاجلة تهز وترز وتقدم المسؤول عن هذا الفعل للعدالة أو على الأقل تضع النقاط فوق الحروف عن سبب فساد هذا الدقيق، الذي قيل إنه تركي.. فهل جانا من بلدو فاسد ومنتهي الصلاحية، أم أنه تم تخزينه بشكل سيء وعندما اكتشف أمره (لزقوا) للشفع المساكين الذين لولا عناية الله لراحوا في ستين داهية!!
كلمة أعز
نرجو أن يكون افتتاح الأخ الرئيس لمقر لجنة التحقيقات في قضايا الفساد فيه إشارة واضحة لجدية الدولة في محاربة (القطط السمان) وهو ما ينتظره الشعب السوداني بفارغ الصبر، وبذا تكون الحكومة دخلت في رهان مع شعبها أن كانت جادة في محاربة الفساد أم لا.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية