تقارير

المجلس الوطني يمنع الصحافيين من دخول مبناه.. ونواب يعترضون!

الصحافة والبرلمان: العداء الخفي يخرج إلى العلن

الخرطوم : يُوسف بشير
في خطوة، تُعد الأولى من نوعها، منع المجلس الوطني مناديب الصحف السياسية ووكالات الأنباء، من دخول مبناه، لمزاولة نشاطهم المهني، المتمثل في نقل أعمال البرلمان للرأي العام. واستثنى البرلمان وكالة السودان للأنباء والتلفزيون القومي والإذاعة السودانية ومركز (SMS) ،وقنوات الشروق ،والخرطوم، وسودانية (24). وأتت خطوة البرلمان كردة فعل منه على مقاطعة الصحافيين لأنشطته يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، احتجاجاً على استمرار حظر زميلتهم “هبة عبيد” بالزميلة (الانتباهة) من تغطية أعمال البرلمان، بعد نشرها خبراً صحفياً لم يرق لسُّلطاته. وقد أبدى الصحافيون، رفضهم الواضح، في قروبات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، لمنع زملائهم من دخول البرلمان، وامتد الرفض إلى نواب من البرلمان نفسه.
# أصل الخلاف..
بداية، حظر البرلمان، بإيعاز من مستشار رئيس البرلمان “عبد الماجد هارون”، دخول الصحافية، بصحيفة الانتباهة “هبة عبيد”، من دخول مبناه، بعد نشرها خبراً صحفياً عن تركيب شاشات داخل القاعة الرئيسية لرصد النواب الذين ينومون أو ينشغلون بهواتفهم أثناء الجلسة. فأصدر زملاؤها بياناً بداية الأسبوع يطالبون فيه البرلمان بفك حظر دخولها. غير أن البرلمان لم يأبه ، فقرروا، يوم (الثلاثاء) الماضي، مقاطعة أعمال البرلمان لمدة يومين احتجاجاً على استمرار حظر زميلتهم، وفي بيان أُصدر في ذات اليوم، جاء فيه أن خطوة المنع تعد منهجاً من إدارة البرلمان للتضييق على الصحافيين للحيلولة دون نشر ما يدور بداخله إلى الرأي العام. واستند الصحافيون في ذلك على المادة (34/1)، من اللائحة المنظمة لعمل البرلمان لعام 2015م، تعديل 2017م، التي نصت على: (تكون جلسات المجلس الوطني علنية ويجوز أن يحضرها الجمهور وأن تُنقل بوسائل النشر العامة، إلا في الأحوال التي يقرر فيها الرئيس أو المجلس غير ذلك، بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو أيّ من الوزراء أو باقتراح إجرائي من أيّ عضو بأن المصلحة العامة تقتضي مناقشة الموضوع المطروح للمجلس في جلسة سرية).
# توسع المنع..
بناءً على لائحة أعمال البرلمان، لا يحق لإدارة المجلس الوطني، منع أي مواطن أو صحافي من دخول البرلمان لمتابعة أنشطته. وبالتزامن مع بيانهم الصادر (الثلاثاء)، دفع مناديب الصحف بمذكرة احتجاج إلى رئيس البرلمان، البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، ومذكرة أخرى مماثلة إلى رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين “الصادق الرزيقي”.
وبعد مضي يومي المقاطعة ، يمم الصحافيون، أمس، شطر البرلمان لأداء واجبهم المهني، المكلفون به من قبل صحفهم، ليتفاجأوا بقرار منعهم من دخول المبنى، دون ذكر أسباب المنع. غير أن إدارة الإعلام بالمجلس الوطني ارتأت لاحقاً، خلال ذات اليوم، التعليق على قرار المنع الجماعي ببيان، قالت فيه : إنها وضعت ضوابط جديدة للتعامل مع مناديب المؤسسات الإعلامية والصحفية، دون أن تذكر تلك الضوابط. وأكدت الإدارة التزامها بإتاحة جلسات البرلمان للصحافيين والجمهور، وقالت: إن اللائحة نصت على أن أعمال اللجان الدائمة سرية، غير متاحة للإعلام، عدا الحالات التي تقرر فيها إدارة البرلمان، وأضاف البيان: (وبناء عليه ستتواصل إدارة الإعلام مع كل وسائل الإعلام لتمكينهم من المعلومات المطلوبة والأخبار)، مما يعني قولها: (يا أيها الصحافيون: كونوا في مقار صحفكم وسنعطيكم الأخبار التي نريدها أن تُنشر). وبذلك، وضعوا الدور الرقابي الذي تقوم به الصحف في (الرف)، فهم لا يريدون لها القيام بدورها الرقابي.
# تفنيد بيان البرلمان..
وأشار بيان إدارة الإعلام بالبرلمان، إلى إن قرار منع الصحافيين من دخوله، ساري إلى حين انعقاد دورة انعقاده، أكتوبر المقبل. ويظهر بصورة واضحة، أن المجلس الوطني استند إلى لا شيء في قراره، فمناديب الصحف لا يغطون الوّرش واجتماعات اللجان الدائمة المغلقة، و ينتظرون ختامها لأخذ تصريحات من المسئولين. ولم يحدث قط أن حضر صحافي اجتماعاً أو ورشةً مغلقةً. وهذا ما أوضحه الصحافيون في بيانهم أمس: (نوضح أننا ظللنا على الدوام نغطي أنشطة البرلمان خلال رفع جلساته لاسيما اجتماعات اللجان التي يُصرح فيها رؤساء اللجان عقب انتهاء الاجتماعات). وتأسف الصحافيون على مسلك البرلمان، بحرمانهم من نشر أعمالها إلى الرأي العام، وأضافوا: (مما يؤكد أن البرلمان لديه جوانب لا يرغب في إخراجها للعلن). وشددوا على أن المنع مخالف للقانون والدستور، على الرغم من أن البرلمان مؤسسة تشريعية مناط بها حفظ سيادة القانون والدستور، وتابعوا: (إلا إنه وبهذه السابقة يكون أول من خرق وانتهك قوانين ولوائح وضعها بنفسه). وقطعوا بأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي وإنما سيتبعون كافة الوسائل الممكنة والإجراءات القانونية لاسترداد حقوقهم الدستورية في دخول البرلمان.
# اليد الخفية..
مُنذ أن عُين مستشار لرئيس البرلمان، ظل “عبد الماجد هارون”، يهدد الصحافيين، أثناء الحديث الودي مع بعضهم، على منعهم من دخول البرلمان، أثناء إجازة المجلس الوطني الدورية، غير أنهم لم يأخذوا حديثه مأخذ الجد. فهذا، أولاً، ليس من اختصاصه مطلقاً. ثانياً، وظيفته تحتم عليه التصريح باسم رئيس البرلمان فقط، إن أخذ الصحافيون بقوله. و أكد عدّد من الصحافيين إن قرار منعهم تمّ بإيعاز من “عبد الماجد هارون” ، مستغلاً في ذلك علاقته الجيدة برئيس البرلمان.
تضامن كثير من نواب البرلمان، مع الصحافيين الممنوعين من دخول المجلس الوطني. وقال النائب عن حركة الإصلاح الآن، “فتح الرحمن فضيل”: (قرار المنع مرفوض تماماً)، وتوّعد باتخاذ موقف. وأضاف رئيس كتلة التغيير، البرلماني “أبو القاسم بُرطم”، إن البرلمان المفترض به أن يحمي الحرية ويدافع عنها هو أول من استباحها، مؤكداً أن هناك خللاً واضحاً يراد له أن يدفن ، وأضاف: (الصحافة الحرة هي صوت الشعب الصادق، وهي من يكشف الفساد بكل أنواعه)، وتساءل: (لماذا يخاف البرلمان من الصحافة؟). وأدان النائب “مبارك النور”، خطوة البرلمان، وقال: (هذا السلوك لا يمثلنا كنواب لهذا الشعب الذي يرفض التضييق على الحريات)، وطالب قيادة المجلس الوطني السماح لكل الأجهزة الإعلامية بتغطية أعمال البرلمان دون تضييق، ودون إملاءات من أيّة جهة.
وعلى أيام رئاسة مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر” للبرلمان ، نفذ الصحافيون حملة مقاطعة لتغطية أنشطة البرلمان ،بيد أن البرلمان اعتذر بصورة رسمية للصحافيين عما حدث، وأدى لمقاطعة الصحافيين الذين باشروا تغطيتهم لأعمال البرلمان بصورة طبيعية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية