حوارات

والي وسط دارفور “محمد أحمد جاد السيد” للـ(المجهر)

*لم يتم جمع السلاح المرصود حتى الآن

* طرحنا ثلاثة خيارات لتوطين النازحين
*الكفاءة والمقدرة، معايير تعيين الولاة، لا الانتماء القبلي والمناطقي
*ملتزم تجاه الحزب وحيثما وجهت سأعمل

حوار: رشان أوشي

“محمد أحمد جاد السيد” أعلن والياً على ولاية وسط دارفور، ضمن قائمة تغيير ولاة الولايات الأخيرة، جاء من طاقم التنفيذيين الذين عملوا بالولايات بعيداً عن أضواء العاصمة منذ مجيء الإنقاذ، وقال في حوار مع (المجهر) إن توفيق أوضاع النازحين ليس بتفكيك المعسكرات قسراً حسبما متداول، وإن عملية جمع السلاح وإن لم تجمع كل السلاح المرصود، عملت على اختفائه مما قلل الصراعات وعمليات القتل في الولاية.. فإلى مضابط الحوار..

*تفاجئ المشهد السياسي بتعيين ولاة لبعض الولايات من خارج الأسماء المعروفة؟
الحزب هو الذي يقرر من الأصلح للمرحلة الحالية، الجميع في منظومة حزبية واحدة، ولكن القيادة هي من تقرر تقديمه.
*لماذا اختار المؤتمر الوطني الدفع بوجوه جديدة لهذه الولايات؟
المناصب ليست حكراً لشخصيات معينة، إنما هي تتبع لحزب المؤتمر الوطني، أي شخص عضو فيه هو كادر يستحق أن يقدم للمناصب التنفيذية، ولكل زمان رجال، لم يتم تغيير الولاة السابقين لأنهم “ما نافعين”، أن تذكري من قبل حدث تغيير كبير شمل كابينة القيادة الأولى (د.نافع، علي عثمان…الخ)، التغيير هو توزيع أدوار وتجديد دماء الحزب.
*يقال إن الولاة الجُدد تم انتقاؤهم بعناية من قبل السيد الرئيس، قصد من ذلك الدفع برسالة محددة؟
هذا متروك للقيادة، أنا ملتزم تجاه حزبي، أينما وجهت أعمل.
*هل تعتقد أن تم تقديمكم لإنجاز مرحلة محددة؟
هذا تقدير القيادة، هي من رأت أن نقود هذه المرحلة، ونحن لم نطلب ذلك لنقول إننا رجال المرحلة الحالية أو القادمة، إنما تقدير الحزب.
*حدثت التغييرات في ولايات بعينها دون الأخريات؟
تم التغيير بموجب تقديم أداء الولاة، في إطار شامل داخل الحزب شمل حتى أماناته.
*ظلت ولاية وسط دارفور تحت أعين الإعلام لما لها من خصوصية، هي ولاية حديثه، كانت معقلاً للتمرد؟
هي منطقة ملتهبة وظلت كذلك لفترة من الزمن، أولاً بدأت بالتمرد استمر لفترة طويلة، وقبل أن ينتهي نشأت بها صراعات قبلية، أدت إلى شرخ وتدمير العلاقات الاجتماعية والبنيات التحتية، الآن بعد أن انتهى التوتر الأمني بات لزاماً علينا إعادة إعمار ما دمر وإعادتها إلى سيرتها الأولى.
*إقليم دارفور ذو طبيعة خاصة وظروف استثنائية، ألا تعتقد أن ولاتها يجب أن يتمتعوا بمواصفات خاصة؟
دارفور جزء من السودان وليس شرطاً أن يحكمها أحد من أبنائها، من الممكن أي شخص من أبناء بقية الأقاليم أن يحكمها، أنا من أبناء شرق دارفور، واليا شمال وشرق دارفور، ليسا من الإقليم، الحزب هو من يحدد من المناسب، وليست وسط دارفور هي من لها خصوصية قبلية، ولكن السودان كله كذلك، لم يؤثر ذلك في مسألة التعيينات، إنما الكفاءة والمقدرة على العمل هي من تحدد ذلك.
*ولاية وسط دارفور منذ إعلانها ظلت مهملة خاصة في جوانب الخدمات؟
إهمال ليس متعمداً، ومن المعلوم أن الحرب أثرت على التنمية فهما خطان متوازيان، بالتالي ضعف التنمية من 2003 حتى 2018م، يعزى للصراعات القبلية والحرب، ولكن طالما انقشعت غيمة التمرد والصراعات القبلية أصبح لها الأولوية من الدولة.
*الولاية تحتاج لجهد كبير ووقت، ما هي الخطط التنموية العاجلة لإعادة الإعمار؟
هناك مشاريع لسد ثغرة الخدمات بدأت من خلال خيار تأمين الموسم الزراعي الحالي، لإيماننا أن اليد العليا خير من اليد السفلى، والآن بعثة (اليوناميد) خرجت من المنطقة، والمنظمات المانحة غادرت، نحاول أن نعيد النازح إلى إنسان منتج كما في سابق عهده قبل الحرب وزيادة دخل الدولة، إذاً من أولى أولوياتنا اهتمامنا بالموسم الزراعي وإنجاحه، من اهتماماتنا هي العودة الطوعية التلقائية، الآن هناك عودة في موسم الزراعة، ولكن نحن نخطط لعودة نهائية، خيارنا الأول أن يختار المواطنون بحُرية كاملة كنازحين أو متأثرين بالحرب، أن يذهب النازح إلى منطقته القديمة والدولة توفر لك الخدمات، أو منطقة يختارها بإرادته، إذا لم يتوافق الخياران مع المواطن له الحُرية في البقاء في المدينة.
* راجت أحاديث حول إعادة تخطيط المعسكرات ودمجها في المدن، نسبة لتغيير أنماط حياة وتأقلم النازحين مع حياة المدن، هل ذلك متاح في ولايتكم؟
النازح لم يختر أن ينزح، إنما هي ظروف الحرب، والآن تلك الظروف اختفت، التمرد انحسر، الصراعات القبلية انتهت، المنظمات الدولية غادرت الإقليم، لا يمكن تفكيك المعسكرات بالكيفية المتحدث عنها الناس، طرحنا خيارات للنازحين، منها خاطبناهم باعتبارهم مواطنين لهم الحق في الخدمات، أن اختاروا البقاء في المدينة، بدلاً من إقامتهم في المعسكرات سنمسح المنطقة ونوزعها قطع أراض، البعض اختاروا البقاء قمنا بتوزيع أكثر من (7000) قطعة أرض في معسكر طيبة، هؤلاء اندمجوا في المجتمع، البعض اختاروا العودة وطالبوا بالخدمات، والآن نعمل على ذلك، عبر المنظمات واتفاقية الدوحة، كما حدث في رامتاز وقارسيلا، البعض اختاروا قرى بديلة نقدم لهم الخدمات، الدولة همها الأول والأخير هو العودة الطوعية التلقائية.
*منطقة وسط دارفور ظلمت أثناء عملية إعادة الإعمار التي نفذتها السُلطة الإقليمية لدارفور؟
الحكومة كلها مهتمة بالعودة الطوعية، ولاية وسط دارفور ليس الولاية الوحدها التي ستتمكن من إعادة الإعمار، بل أعلنا نفير وسط دارفور الذي استجاب له أبناؤها داخل وخارج السودان، والخيرين، عقد اجتماع في الفاشر قبل أسابيع ضم كل ولاة دارفور ناقش ثلاثة محاور(العودة الطوعية)، وتساهم فيه الدولة بصورة مباشرة، صندوق الإعمار، الشؤون الاجتماعية، المنظمات الطوعية، إضافة إلى صندوق قطر، ومن ثم الولاية، ثم محور (جمع السلاح)، من خلاله يتوفر الأمن وبسط هيبة الدولة وبالتالي تصبح العودة حقيقية، وبعدها المحور الأمني في إطار مكافحة المخدرات.
*هل هناك تنسيق بينكم كولاة في الإطار الأمني.. وجمع السلاح؟
نعم.. اجتماعنا الأخير في الفاشر أهم ما ناقشه هو مسألة التنسيق الأمني بين الولاة، الآن هناك تنسيق محكم بين الثلاث ولايات المتجاورة (جنوب، وسط، غرب)، بحيث إذا أصدرت قرارات تخص السلاح أو الكدمول، أو سيارات الدفع الرباعي، وهناك ولاية متراخية في الأمر سينتقل للولاية التي تجاورها، إذاً هناك رؤية متكاملة تنسيقية بين الولايات في محاور جمع السلاح، المخدرات، العودة الطوعية.
*إلى أين وصلت مراحل جمع السلاح؟
مرت بثلاث مراحل، أولها الإعلام، ثانيها الجمع الطوعي، والأخيرة هي الجمع القسري، لم يجمع كل السلاح المرصود حتى الآن، ولكنه اختفى عن الوجود، مادام اختفى أصبح تأثيره بسيطاً، الآن نحن في مرحلة الجمع القسري، والتي تحتاج وقت وجهد لتعثر على السلاح المدفون والمخبأ في الكهوف، يجب أن تتوفر آليات رصد، كلاب بوليسية، …الخ، وهو ما نعد له الآن.
*صدرت قرارات من الدولة بشأن منع سيارات الدفع الرباعي، عارضها بعض السياسيين من أبناء الإقليم.. كيف أدرتم الأمر؟
أي قرار تم اتخاذه لا يجد إجماعاً عليه، فعلاً هناك الكثيرون عارضوا قرار منع سيارات الدفع الرباعي متعللين بوعورة الإقليم، وقلة الطرق المسفلتة وهذه السيارات تساعدهم في التنقل، والبعض قالوا إن الدراجات النارية أيضاً وسيلة حركة، ولكن الغالبية العظمى هي مع جمع السلاح، تقنين سيارات الدفع الرباعي، منع الكدمول، الأثر واضح من خلال الاستقرار والعودة الطوعية والأمن، طيلة وجودنا في ولاية وسط دارفور منذ استلامنا لم يأتنا بلاغ قتل عمد، أو خطف، مما يؤكد أن من يعارضون قرار منع سيارات الدفع الرباعي جانبهم الصواب.
*بعض المواطنين عارضوا قرار منع سيارات الدفع الرباعي باعتبارها مصدر رزقهم كترحيل جماعي؟
في المرحلة الأولى أعلن كل من يمتلك سيارة دفع رباعي أن يقوم بتسليمها تلقائياً، وتحصر، ووفدت فرق فنية من المركز ضمت (النقل الميكانيكي) لتقييم العربة بالموديل، وصلاحية الماكينة، والسعر المجزي، بعد الجمع جاءت اللجان وعوضت الجميع، كنت وقتها وزيراً في شرق دارفور وشهدت التعويضات بنفسي.
*منطقة جبل مرة التي عانت كثيرا من الحروب، وهي أرض خصبة للزراعة والسياحة، ماذا تخططون بشأنها؟
بعد إعلان مشروع نفير نهضة وسط دارفور، وفي أكتوبر القادم بعد التشاور مع المركز سنرفع شعار (وسط دارفور تتعافى)، من خلال نفرة تضم كل الأطياف السياسية والثقافية و…الخ، وسننقل العاصمة بشكل مؤقت إلى بعض المدن (قلول.. نيرتتي)، سنحولها إلى منطقة ذات استقرار حتى تكون قبلة للسياحة والتسوق.
*أنت أول مرة تتقلد منصب الوالي في منطقة صعبة.. ألم تهب التجربة؟
هو تكليف، أنا تنقلت في مناصب دستورية كثيرة، قبلها كنت معتمداً بمحلية عديلة الكبرى، ثم أبو كارنكا، السلام قبل تقسيم الولاية، وشغلت منصب رئيس ديوان العدالة للعاملين، وفي بواكير الإنقاذ، كنت عضو اللجنة الشعبية للإنقاذ على مستوى إقليم دارفور بقرار من رئيس الجمهورية، وآخرها وزيراً للحُكم المحلي بولاية شرق دارفور، لا يوجد فرق في هذه المناصب، والأهم أن الوالي لا يعمل وحده، يعاونه الوزراء، والخبراء، أنا أرعى كل هذه المنظومة التي يعمل عليها الكثيرون.
*ولاية وسط دارفور يغلب على سكانها الانتماء الإثني لقبيلة بعينها.. وبها صراعات قبلية انتقلت إلى الساسة أيضاً؟
ولايات دارفور لا تختلف عن بعضها، ما يحدث هنا يحدث في كل مكان، جميعنا كنا نمارس السياسة في الفاشر باعتبارها المركز، حينها كان الحاكم “دريج” وأعقبه “تجاني سيسي”، ولاية وسط دارفور من حيث التركيبة القبلية وصراعاتها الإثنية لا تختلف عن رصيفاتها كثيراً.
*هل هنالك تنسيق بينك وبين الإدارة الأهلية في المنطقة؟
الإدارة الأهلية في ولاية دارفور تم حلها، باستثناء ولاية وسط دارفور، موجودة ككيان، (الدمنقاوي، الشراتي، العُمد)، وكانوا في مقدمة المستقبلين لي، نحن الآن استعنا بهم في نجاح الموسم الزراعي عبر لجان مشتركة من الشراتي والعُمد والقوات النظامية ذهبوا وافتتحوا المراحيل والصواني ويرتبوا عمل الزراعة، والفصل بين المزارع والراعي، وإذا تعذر الأمر أهلياً بعدها تتدخل الدولة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية