ربع مقال

“البشير” و”السيسي”.. كلام على الأرض!!

د. خالد حسن لقمان

لأول مرة في عصرهما الحديث ونشأة علاقتيهما كدولتين جارتين، اتسمت عبارات وكلمات زعيميهما بالمنطق والحديث الواقعي البعيد عن المستهلك من عبارات التوادد والكياسة والدبلوماسية التي ما أثمرت على شعبيهما نفعاً.. ولا أمطرت في سماء بلديهما خيراً.. ويبدو أن ما مر به البلدان خلال السنوات الأخيرة.. وما لفهما من سوء الظن المتبادل والحذر الحاضر في مساحتهما المشتركة مما أقعد بهما معاً وأدخلهما في دائرة الاضطراب والعوز والفقر في وقت يحقق فيه جيرانهما في أفريقيا النجاحات الاقتصادية وحتى السياسية.. قد استفزاهما ليفعلا شيئاً محترماً يليق بتاريخهما وقيادتهما في المنطقة والإقليم برمته.. وأعتقد أن أي حديث غير الذي قاله “البشير” أمس الأول.. بشأن الدخول فوراً في تنفيذ مشروعات تعاون مشترك كالربط الكهربائي وتمديد خطوط السكة الحديد والتعاون الزراعي والصناعي والخدمي.. أي حديث غير هذا من قبل “البشير” كانت ستقابله وعلى الفور عبارات الاستهجان والسخرية.. كما أن أي حديث لـ”السيسي” غير الذي أدلى به في ذات الاتجاه مع إشاراته التي كانت ذكية في اتجاه دعم القاهرة للخرطوم فيما يجري من متحركات الإقليم حولهما.. أيضاً كانت ستجد ذات الاستهجان وذات السخرية.. إلا أن الرجلين قد دفعهما حسهما ليدركا وفي لحظة واحدة أن لا وقت البتة لأي تفاهمات سياسية مستهلكة للوقت وقاتلة له.. فإما أن يضعا يديهما على بعضهما البعض بمنطق وواقعية وصدق.. وإلا فلينتظرا مصيراً واحداً لا مفر منه البتة وهو الانهيار الاقتصادي والتفكك السياسي الذي لا تحمد عقباه مطلقاً.. خاصة وأن بلديهما وبحكمة من الله.. ظلا هما فقط الواقفين على الحلبة ولم يسقطا بعد في أتون الانقسامات والحروب المدمرة لدولتيهما.
لقد كان لقاء الخرطوم بالأمس بين “البشير” و”السيسي”.. هو لقاء المنطق.. بل إنه لقاء الفرصة الأخيرة لكليهما كرئيسين ولبلديهما كدولتين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية