تصدرت الأخبار بالأمس وحتى اليوم (الأحد) زيارة السيد الرئيس إلى جمهورية روسيا الاتحادية بدعوة من الرئيس “بوتين” بغرض قمة ثنائية بين الرئيسين، وحضور نهائي المونديال العالمي، الذي انطلق هناك في هذه الدورة.. وقد دُعي لتلك المناسبة رؤساء وممثلون لخمس وعشرين دولة منها جمهورية السودان. ولذلك معناه سياسياً ودبلوماسياً. إذ ليست جمهورية الصين الشعبية وحدها القطب العالمي الذي يقف إلى جانب السودان اقتصادياً ودبلوماسياً واستثمارياً، وإنما الآن الاتحاد الروسي الذي له وضعه العالمي والقطبي المعروف منذ الأمس وإلى اليوم.
الزيارة المشار إليها ليست بين السودان وروسيا ، ولكنها الثانية إذ قبل ستة أشهر من الآن تقريباً، أي في نوفمبر الماضي، كانت للرئيس “البشير” الزيارة الأولى لموسكو، التي تمت فيها جملة اتفاقيات وتفاهمات، ربما يجري في القمة التي بين الرئيسين اليوم مراجعتها والتدقيق فيها وما يمكن أن يضاف إليها، كما جاء في خبر الزيارة والدعوة.
فالقمة بين الرئيس “بوتين” و”البشير” تُعنى بالاقتصاد والسياسة وزيادة فرص الاستثمار في الزراعة والطاقة، علاوة على تحديث القوات السودانية التي يشارك وزير الدفاع فيها السيد الرئيس “البشير” في زيارته أسوة بالدكتور “عوض الجاز” المعني بشأن اللجنة العليا للعلاقات مع دول البركس.
هذا كله وغيره في غاية الأهمية، ولكن مجيئ الزيارة والدعوة من الرئيس “بوتين” في هذا الوقت، الذي يحاول البعض أن يبعث فيه ويحرك دعاوى الجنائية الدولية ضد الرئيس “البشير”، يُعد الأكثر أهمية، (ربما ) ذلك أن الاتحاد الروسي قطب دولي له حضوره .. وغضه الطرف عما ذهبت إليه الجنائية الدولية وممن خلفها يعيد إلى الذاكرة أنها أداة لخدمة أغراض سياسية ودبلوماسية لمصلحة آخرين، وضارة بمصالح آخرين في افريقيا وبقية دول العالم الثالث .. وعندما تواءم ذلك وتلاقى مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية الأخير ضد الجنائية الدولية، يعني أنها قد باتت بلا غطاء ودعم ولا ينتظر منها وممن خلفها القيام بما تطلعوا إليه ورغبوا فيه .
ذلك وغيره من آثار الزيارة الخارجية، ولكنها داخلياً ـ أي في السودان ـ تطيح بآمال الكثيرين من رموز المعارضة وأحزابها ومكوناتها السياسية.
وما يذكر هنا قبل غيره ، فقدان الحزب الشيوعي السوداني لعصاه التي كان يرهب بها الآخرين ولجزرته التي كان يعزي بها آخرين أيضاً ، كما كان يحدث في سالف العصر والأوان، أي في عهد الاتحاد السوفيتي القديم، فالحزب الشيوعي اليوم وبعد العلاقة الطيبة بين جمهورية السودان الديمقراطية والاتحاد الروسي صار مستثمراً بلا رصيد ورجل أعمال سياسة بلا مال.
ومثله ربما كان آخرون في المعارضة كالسادة “عرمان” و”عقار” و”المهدي” وحلفائهم ممن توالت عليهم الضربات السياسية والدبلوماسية وغيرها .. وتبعاً للأخبار ربما عاد الرئيس “البشير” من الكرملين ونهائي المونديال العالمي في موسكو بالكثير والمفيد، الذي يدعو من يهمهم الأمر إلى قراءة الأمور بصورة جديدة وفي مسارها ومساقها الصحيح. فالزيارة الثانية جاءت في محلها.
والله المستعان