حوارات

رئيس الحركة الوطنية بجنوب السودان د. “كوستيلو قرنق رينج” للمجهر

مقترح يوغندا للحل السلمي ينطبق عليه تعريف “آينشتاين” للجنون
أي اتفاق يحتاج لبصمة من الدول المانحة وخاصة أمريكا لذلك اعتبروني عميلاً للأمريكان
نتوقع مقترحات جديدة نابعة من العبقرية السودانية التي تعرف جذور أزمة الجنوب
طائرات المساعدات الإنسانية الخاصة بالأمم المتحدة تأتي عبر الخرطوم
حوار – فائز عبد الله
اقتبس رئيس الحركة الوطنية بدولة جنوب السودان مقولة العالم الفيزيائي صاحب النظرية النسبية “البرت اينشتاين” لوصف الوضع القائم بين الفرقاء في دولة الجنوب، وقال في حوار إن الجنون هو أن تكرر نفس التجربة وأن تتوقع نتائج مختلفة.
وأشار إلى أنه إذا قارنا هذا التعريف بالوضع القائم في جوبا ومحاولة الوصول إلى تسوية سلمية مقبولة لكل الأطراف، فعلينا القول بأن المقترح للحل السلمي الذي تم تقديمه حديثآ من دولة يوغندا ينطبق عليه تعريف (اينشتاين) فإلى مضابط الحوار..
ماهو رأيكم في مقترح الرئيس “موسيفيني” بشأن التسوية والحل السلمي للأزمة الراهنة؟
أنا اتساءل، في البدء، لماذا يحاول “موسيفيني” تمرير مقترح عنتبى عبر محادثات الخرطوم؟.. إذا لم يكن السبب في ذلك أن المقترح هو محاولة لإفشال مقترح الخرطوم، وارى المشكلة في أن المعارضة اتت للخرطوم بقلب مفتوح وصدر رحب على أساس أن الخرطوم هي الدولة الأم التي انفصل عنها جنوب السودان، والرئيس “البشير” كان الرئيس المشترك ورجل عانى وقاتل في الجنوب فإن كان هنالك من يعرف الجنوب وأهل الجنوب جيدآ فلابد يكون ذلك هو الرئيس “عمر البشير” .وإننا نتوقع مقترحات من صلب العبقرية السياسية السودانية التي تعرف جذور أزمة الجنوب السودان، دون الرجوع إلى محاولات فاشلة سابقة، جرت من سياسيين لا يعرفون قضية الجنوب كما يعرفها “البشير”.
هل تفاجأت (الإيقاد) برفض المقترحات اليوغندية من قبل تحالف المعارضة والأحزاب السياسية بالجنوب ..؟
أين مقترحات السودان؟ إذا كانت المعارضة تريد القبول بالمقترح الذي قدمته يوغندا.
فإذا كانت كل القوى السياسية بجنوب السودان تريد التوقيع على مقترح “موسيفيني”، لوقعت على هذه الاتفاقية منذ بداية المحادثات في أديس أبابا، وهنالك إجماع في جنوب السودان، والرئيس “سلفا كير” يعلم بذلك، لأنه لم يكن صاحب مصلحة في شكل الاتفاق المقدم في الجولات السابقة، في أديس أبابا، ولو كان الأمر كذلك لاتفق مع المعارضة في ذلك، وأؤكد أن دول شرق أفريقيا المجاورة لجنوب السودان، لا تفقه شيئآ عن العقلية الباطنية والنفسية الجنوبية غير سواد البشرة والعيون .
لا تجمعنا تجارب نفسية ولا حتى سياسية مشتركة، وقد قلت ذلك في إحدى الحوارات قلت بأن قيادات شرق أفريقيا تظن بأن الحركة الشعبية هي جنوب السودان وهذا ما رأيته في المقترح الأخير حيث اقترح في عنتبى أن يكون الرئيس الجنوبي ونائبه الأول والثاني والثالث والنائبة الرابعة، كلهم من الحركة الشعبية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
هل فشل توحيد قيادات الحركة الشعبية في الوصول إلى تسوية يؤكد إفلاسها السياسي؟
إذا كانت الحركة الشعبية قد توحدت مسبقآ لتكون قيادة الدولة كلها في يد الحركة الشعبية دون غيرها، وحتى لو خرجنا بالترتيبات الأمنية الجيدة، وهذا ما نجح فيها السودان نجاحآ باهرآ وتخطى بذلك كل العقبات، التي كانت تواجه المحادثات السابقة. والضعف يتمثل في تمثيل المعارضة في القيادة الجديدة، وهو ما لا توفر اطمئناناً بأن الحكومة القادمة ستحترم كل الترتيبات الأمنية بعد الفترة الأولى من تنفيذ الأتفاقية.
ماهو الغريب في المقترح؟
الغريب في الأمر أن هنالك من يستغربون رفض المعارضة لهذه المقترحات وتحالف المعارضة وليس التحالف تنظيماً يمثل الأفراد بل توجد في (SSOA)التحالف المعارض بالجنوب كل الإثنيات الجنوبية، من (الدينكا والزاندي والشلك والنوير والباري).
وقد نجح هذا التحالف نجاحا باهرا سياسيا واجتماعيا، ولم يعد الحديث الأن عن صراع الدينكا مع قبائل الأخرى، والأن الحديث صار سياسيا، عندما بدينا العمل السياسي وأنشأنا التحالف كان الرأي السائد هو أن الدينكا يهيمنون على القبائل الأخرى، ويقتلون أبنائهم، لم يكن معروفاً بأن هنالك ايضا مجموعات من قبائل الدينكا محرومة من الحقوق ورافضة للنظام الطفيلي السياسي الموجود في جوبا، الذي خلق عداوة بين الدينكا والإثنيات الجنوبية الأخرى دون تمثيل رأي الدينكا وحقوق الدينكا، إلا بعد تكوين تحالف المعارضة الجنوبية التي تعطي الجنوب فرصة للوحدة.
كيف تنظر لمقترح تقسيم السلطة عبر النسب بين الحكومة والمعارضة؟
صحيح.. أنا اتساءل، ايضاً عن كيف يعطي تحالف المعارضة نسبة (10%) في حين أن الأتفاقية الانتقالية في أديس أبابا ومقترح التحالف المعارضة نفسه نص على (20%) ورفضت المعارضة اتفاقية أفضل في أديس أبابا.
هل تتوقع يوغندا قبول تحالف المعارضة بمقترح “موسيفيني”؟
مقترح “موسيفيني” أسوأ من بقية المقترحات
ولا يستطيع تجاوز العبقرية السياسية السودانية المجربة والمدركة لتفاصيل الأزمة . وترغب الأطراف بأن تتقدم الخرطوم بمقترحات سودانية أصيلة، تفاجأ بها الدول الأفريقية المجاورة للجنوب ويبرهن فيها السودان أنه هو الدولة الأم ويقدم مقترحاً جديداً لحل الأزمة.
وأنا ارى أن الخرطوم قادرة على تقديم مبادرات لا يستطيع الرئيس “موسيفيني” وأمثاله معرفتها واقول لابد للدول المجاورة تتبع خط السودان وليس العكس.
أما فيما يخص اتفاقيات البترول فكان يجب أن تكون بين الحكومتين لم أر قط اتفاقية أساسها بين دولتين يشترط فيها توقيع المعارضة التي تحارب في الأدغال أو تلك الموجودة في المنفى. فهي لا يمكنها تحمل مسؤولية النجاح أو الفشل في تطبيق ذلك الاتفاق، وتجنب بأن تبقى الاتفاقية السياسية منصوص عليها بأنها اتفاقية البترول وقد ناضل تحالف المعارضة ضد الظلم في جوبا وليعطي السودان دوراً محورياً، للوصول للسلام بالجنوب والمعارضة فعلت ذلك لأنها وكانت تتوقع بأن يأتي ذوبان الجليد من الخرطوم، ملتقى النيلين، وليس من عنتبى. فبعض من مجموعات المعارضة لم تكن لها علاقة بيوغندا إلا عبر السودان والآن على الذين يستشيرون القيادة السودانية لابد لهم من أن ينظروا إلى هذه الحقائق بعيون فاحصة، بدلا من أن يعتبروا المعارضة مجموعات متعاكسة.
لماذا يطلب دكتور “كوستيلو” بأن يكون التفاوض بين “سلفا كير” و”مشار” دون المجموعات الأخرى؟
قلت إن على الوساطة الوصول إلى اتفاقية بين “سلفا كير” ود. “رياك مشار” وحدهما، دون إشراك بقية المعارضة، ولكن إذا كان الهدف من المحادثات الجارية هو (خم) واستخدام تحالف المجموعات والأحزاب السياسية المعارضة كديكور، بدلا من اتفاقية حقيقية فعلى الرئيس “سلفا كير” ود. “رياك مشار” اللذين يعتبرهما البعض ورماً مستعصياً يؤلم ويقتل إذا التهب الورم أن لم يتم استئصاله.
البعض من قيادات الحركة الشعبية يقول إنك عميل أمريكي ؟
لأني أقول إن أي اتفاقية تحتاج إلى بصمة من الدول المانحة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا يعتبرني البعض عميلا للأمريكان بدلا من أن يعرفوا من هم الغيورون على مصالح جنوب السودان، والسودان يبذل ما لديه من جهود وأنا لا أريد إلا الخير للخرطوم وجوبا لقد انتهت (الناطح مع الجبال)،، دون شيء مدروس.
والسلام الحقيقي في الجنوب يبدأ بتطبيق الاتفاقية كما قال “رياك مشار”. فالورقة الصبورة وإن تم التوقيع عليها لا يعني وصولك لاتفاقية السلام، وإلا لما انتهى الحال بالدكتور “ريك مشار” بالمنفى بجنوب أفريقيا، بعد أن وقع على اتفاق عام 2015م، ولإنجاح الاتفاقية لابد من كسب المانحين للوصول إلى الاستقرار الاقتصادي بجنوب السودان ولتحقيق ذلك سنحتاج على حسب معلومات المتخصصين إلى ما يعادل (450) مليون دولار تقريباً ،و(2) مليار دولار، لتسيير أمور الدولة مبدئيا هذه المبالغ لن تأتي من إنتاج البترول (المعروفة الكمية) فهي أبسط ما يتخيل، والديون ثقيلة والكبرياء الموجودة في أوساطنا كجنوبيين تمنعنا من الاعتراف بالواقع المؤلم.
فالحركة الشعبية الآن حزب دولة وليس حركة مقاومة في الأدغال وحتى في ذلك الحين كان هنالك ما يُسمى (خط الحياة أو شريان الحياة) السودان حيث كانت طائرات الأمم المتحدة تأتي بالمساعدات الإنسانية عبر الأجواء السودانية وتسقط المساعدات الإنسانية.
ولم تستطع الهبوط (حالة عدم الدولة) ولذلك لن تمولها وحدها، وها نحن الآن نكابر على أصدقاء الأمس، ونقول لهم دون (الإحمرار خجلاً) بأنهم السبب مآسينا، فأنا أناشد الخرطوم وجوبا بحل مشاكل الجنوب بعيداً عن مقترح عنتبى واعتبر أن الله أعطاهما فرصة أخيرة لتصحيح ما اخطأوا في الماضي.
ما رأيك في مقترح الجديد للخرطوم البديل لعنتبى؟
الرئيس “البشير” نفسه قال في ملف السُلطة بأن (32) ولاية كثيرة، وتصعب تحديد حدودها والقضايا الأساسية مثل قضية (مملكة الشلك) لم تحل وهناك المقترحات المقدمة من يوغندا وأصبح توزيع المناصب المشكلة الأساسية ورفع عدد أعضاء البرلمان لتصل (550) عضواً برلمانياً …الخ .

في دولة تعداد سكانها لا يزيد عن العشرة ملايين نسمة. سكان الصين مليار ونص المليار نسمة، كم ستكون عدد أعضاء مجلس الشعب الصيني إذا أعطوا كل عشرة ملايين نسمة (550) عضوية.
الدول، مثل المانيا، لا تحتاج إلى منح أجنبية بل هي المانحة وعدد أعضاء برلمانها (700) عضو، وعدد سكانها (82) مليون نسمة، الدول المانحة لن تدفع مرتبات أعضاء البرلمان وهذا ما تقوله المعارضة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية