رأي

انتبهوا !! هذا يحدث في أفراحنا!!

تجانى حاج موسى

الأسبوع الماضي عاشت أسرتي الممتدة الكبيرة بأم بدة فرحاً كبيراً.. تزوج ابن المرحومة “فاطمة” بت أمي “زينب” شقيقة والدتي “دار السلام” لهما الرحمة – يا خال دايرين منك صبحية بمزاجك، قالها العريس.. فكان له ما أراد، وفرضت مزاجي إذ أخرجت لهم صبحية صدح فيها أصدقائي من نجوم اتحاد فن الغناء الشعبي، يتقدمهم بلبل فلاح “الطيب مصطفى” والمطرب “جمال النحاس” و”طارق النحاس” والفنان الشاب “غاندي” والفنان “عوض كسلا” والمطرب الفنان “عثمان الأطرش” بعد صلاة (الجمعة) بدأنا الحفل واتفقت ومجموعة المطربين على انتقاء أغنيات من عيون الحقيبة، وعلى آلتي الأورج “حسن” ابن أخت الراحل الموسيقار “محمدية”، وموسيقي آخر شاب، وصديق لي عزف على الإيقاع، وجلست بعيداً استمع للغناء الجميل وأراقب العجائز الذين واللائي ناداهم مكبر الصوت ولسان حالهم يقول: (ذكرتنا الذي مضى) ومنهم من اعترتهم هزة الطرب فدخلوا حلبة الحفل يبشرون ويهزون ويرقصون وقبيل المغرب ذهبنا للصلاة.. نسيت وليمة الغداء كانت سودانية صحون من الكسرة وأم رقيقة تلك الصينية التي يجلس عليها خمسة أشخاص بدلاً من صحن الورق المقوى (الموبايل) الذي يحوي أصنافاً من الطعام، وفدت إلينا كالبيرقر والكاتشاب والهوت دوق ونحو ذلك.. خلاصة القصة بإجماع الكبار والصغار أشادوا بالحفل النهاري الذي نصبنا له خيمة بالقرب من منزلنا ولا صالة ولا استلاب طعامي ولا دوشة مواصلات بالنسبة للجيران وأهل الحي.. أقول صراحة تم اختراق بعض عاداتنا وموروثاتنا في مناسبات أفراحنا.
ما انتهت القصة لأن ليلة الزفاف كانت بعد يومين من حفلنا النهاري (حنة عريسنا) فذهبت مكرهاً أنا لا بطل!!
أول حاجة بص كبير (بص الوالي) بالشيء الفلاني!! وهناك من استأجروا أمجاداً وحافلات إلى الصالة التي تبعد أميال عن أم بدة.. والصالات أمر وافد علينا وعمرها سنوات، بل أصبحت أمراً لازماً للمقبلين على الزواج، وإن شاء الله تديَّن عشان تبين، وأجرة الصالة والعشاء والتصوير والفنان الموضة.. وما مهم يغني شنو لأن الشباب أصبحوا يسمعون بأرجلهم.. والعشاء الموبايل الكلمتكم عنو في الفقرة السابقة، والناس الما معزومين وقاشرين يتبخترون ويرقصون وناس العريس يظنون أنهم من ناس العروس والعكس صحيح!! هذا هو حال حفلات الصالات في عاصمتنا المثلثة!! عذرت صديقي الذي اشترط إبراز كرت الدعوة عند الدخول للصالة.. طبعاً معظم الطعام يذهب للزبالة لأنه غير مستساغ ولا يشبه ما ورثنا من طعام.. الفتة بالرز وقدحة التوم ما عيبها؟! والله العظيم أشهى طعام العصيدة بي ملاح النعيمية والتقلية والضلع لمحبي اللحم والكمونية وصحن الكباب.. أحمد الله أنا نباتي مرتاح.. وأولمت الناس القلة من أصدقائي فول مصلح بالجبنة وموية الثوم وزيت السمسم والطعمية الممزوج بالشمار الأخضر.. لا زال بعض أصدقائي يذكرون ويشيدون بي عزومة عرسي!! ويا جماعة الخير أنا معجب بالمثل السوداني الشهير القائل: (من خل عادتو قلت ساعدتو) وعلى النقيض لا أحب المثل القائل: (اتدين عشان تتبين) أدين ليه؟! والدين يذل الرجال.. وبيني وبينكم لا أحب حفلات الصالات.. ولو انجبرت أوري وشي للزول العزمني وأكب الزوغة، لأني حضرت حفلاً من إياهم ورجعت حابس أدمعي في الليلة ديك.. كما قال المرحوم الشاعر “بابكر الطاهر” في أغنيته الشهيرة التي أبدع في تلحينها صديقي الملحن “عمر الشاعر” أطال الله عمره – وأبدع في أدائها صديقي الراحل “زيدان”.
ولأني كبير العايلة انجبرت أحضر لغاية ما جاء العريس ابن أختي يتأبط ذراع عروسه الجميلة.. طبعاً العربة المزينة والمكتوب عليها عبارات بالإنجليزي.. تقليد مستورد.. طبعاً ما في هلال في جيبنو ولا ضريرة في شعرو ولا حريرة في أيدو وطبعاً ما في سيف وزينة الخرز والسوميت.. حدثوني قالوا في حفل خاص بالجرتق.. ما شفت حفل الجرتق.. لكن اندهشت لشابين من الأولاد والبنات انتظموا في صفين لاستقبال العرسان وهم يرتدون أزياء موحدة وانبعث صوت مسجل الصوت يصدح بالأغنيات الأجنبية الخاصة باحتفالات الأجانب.. وتوارت (يا عديلة يا بيضا ويا ملايكة سيري معا) ولدينا من الموروث الغنائي السوداني ما يناسب أفراحنا.. أما أزياء البنات فحدث ولا حرج محكمة التحزيق كاشفة للمستور من أجسادهن وأعلم غضب الآباء وهم يشاهدون بناتهم بذلك السفور.. لكن يسوا شنو؟! قال شنو؟! قال دي الموضة وده العصر.. والحقيقة هذا تقليد أعمى لعادات وتقاليد لا علاقة لها بأمة تعد من أعرق الأمم حضارة.. والأمر خطير لأنه يطمس الموروث الثقافي للأمة.. الفنانة “ستونة” صدرت طقوس الزواج للشقيقة مصر وأصبحت أشهر مصممة للأزياء ومخرجة لحفلات الزفاف هناك، ولأنها شاطرة استفادت من إرثنا من أكسسوارات وأزياء ومراسم.. أعلم أن التأثر وارد لعالم صار التواصل فيه ميسور، لكن ليتنا نتاثر بما يضيف لحضارتنا ولا نستورد ما يطمسها ويشوهها.. طبعاً هل لاحظتم حلاقة شعر أبنائنا ومكياج بناتنا؟! حاجة بشعة.. مُش؟!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية