.. لم يستطع أحد أن يحير الأوروبيين طوال تاريخهم ويجعلهم يضربون أخماساً في أسداس كما يفعل بهم الآن الرئيس “دونالد ترمب”، وقد بدأ الرجل ممارسة هذا مع عضوية الناتو منذ حملته الانتخابية التي ذكر فيها بأن حلف الناتو قد عفا عليه الزمن، وهو ما دفع الأوروبيين، ومنذ تلك اللحظة للنظر لهذا الوافد الجديد بعين الريبة خاصة مع تقاربه الغريب مع بوتين.. وبالأمس فقط صرخ الرجل في وجه قادة الناتو مؤكداً ضرورة تحملهم فاتورة الإنفاق العسكري، ولم يكتف الرجل بهذا بل لوح بإمكانية تغيير الخارطة التاريخية للتحالفات الدولية، وهو الأمر الذي ارتفعت له حواجب الأوروبيين، وقد قالها “ترمب” هنا واضحاً: (أصبحت قدرتي على التفاهم مع روسيا أيسر من اتفاقي مع أوروبا).. كلمات مثيرة دفعت الأوروبيين لإنعاش الذاكرة الأمريكية بأنهم كانوا دوماً الأكثر قرباً وإخلاصاً لأمريكا.. المدهش أن “ترمب” عاد وقبل ساعات فقط، ليتهم ألمانيا بأنها باتت أسيرة لروسيا، وهو ما يكشف النوايا الحقيقية لـ”ترمب” الذي ليست لديه أي خطط للمساس بتحالف بلاده التاريخي مع أوروبا وحلف الناتو، ولكنه فقط يتعامل بروح رجل الأعمال الذي يزاود قبيل انعقاد قمة الناتو لتحقيق الأرباح والمصالح، بحيث يرغم أوروبا على دفع ما يسميه تعويضاً عن تحمل بلاده لفاتورة الحلف طوال السنوات الماضية.. إذاً هذا الـ”ترمب” يمارس الابتزاز والسرقة في وضح النهار، و(على عينك يا تاجر) حتى على حلفائه التاريخيين، بمثل ما فعل ببعض أهل الشرق الأوسط الذين سلموه ما طلبه في يده (كاش) قفل بعده الرجل باب النقاش ورحل بكريمته الظريفة الصفيقة.