حوارات

والي ولاية سنار.. د. “عبد الكريم موسى” في أول حوار مع (المجهر)

لم يدر في خلدي أن يتم تعييني والياً.. وكنت منغمساً في قضايا وزارة الشباب والرياضة عند إذاعة خبر تعييني
أهمّ الملفات التي نعمل عليها الآن قضية الاقتصاد ورفع شعار (لا صوت يعلو فوق صوت الإنتاج)
استطعنا تحريك إنشاء مصنع سكر السوكي وقد ظل (14) عاماً يراوح مكانه

في خطوة مفاجئة أعلنت رئاسة الجمهورية تغيير نصف طاقم حكام الولايات، وتم تعيين وجوه جديدة لم يسبق لها أن خاضت تجربة حكم الولايات.. وقتها كان الدكتور “عبد الكريم موسى” منغمساً في ملفات وزارة الشباب والرياضة حين أُبلغ بخبر تعيينه والياً على سنار.. تلك الولاية التي تعاني من ضعف تنموي كبير، وعدم رضا مواطنيها بتردي الخدمات، رغم أنها تعدّ من الولايات الغنية جداً زراعياً وحيوانياً، (المجهر).. أجرت أول حوار مع والي سنار بعد تعيينه.. فإلى المضابط..
حوار – رشان أوشي
{ ثمة حديث عن أن ولاية سنار تعاني من تهميش تنموي وعدم اهتمام من المركز.. ما حقيقته؟
_ المركز مهتم بالولاية، بدليل أننا الآن نعمل على رصف (540) كيلومتراً مربعاً داخلها، وقد تم التعاقد مع الشركات المختلفة لإنجازه.. الطرق المرصودة في الميزانية (700) كيلومتر، و”سنار عاصمة الثقافة” أهدت هذه الولاية بنيات تحتية كبيرة جداً، وحواراً ثقافياً كبيراً جداً، وعُدّت إحدى أدوات إدارة التنوع.. حظيت الولاية بمشروعات كبيرة جداً من ضمنها شبكات المياه.. نعم ما زال هنالك كثير من الخدمات ضعيفة ودون طموحات المواطن، نتحدث عن الكهرباء التي غطت (80%) من مساحتها الكلية، (20%) الآن قُطع فيها شوط، إضافة إلى مشروع كهربة المزارع.. المركز له اهتمام بالولاية، ولكن دون السقف الذي يطمح له المواطنون.
{ ماذا استفادت سنار من منشط عاصمة الثقافة باستثناء بعض البنايات الجديدة؟
_ قطعاً استفادت من ناحية المعاني، حيث رسخت لبُعد الدولة السنارية القديمة، التي أطرت للقطرية السودانية، واللبنة الأولى لتماسك السودانيين وتلاقي مكنوناتهم وجدت في سودانوية السودان.. من ناحية المباني أورثت بنية تحتية في مجال الثقافة والمسرح، والسياحة.. الآن سنار تم تسجيلها في الـ(إيسسكو) كواحد من المراكز العالمية.
{ ما مدى تنسيقكم مع الهيئة البرلمانية لنواب الولاية لطرح قضاياها؟
_ تنسيق عالٍ جداً، التقينا حوالي ثلاث مرات في اجتماعات مختلفة وناقشنا القضايا ذات الصلة، خاصة المشروعات الكبيرة التي تمول مركزياً، مثل الطرق وملاحقة دفعيات الولاية، والخدمات لإنسان الولاية.. في تقديري أن أهل سنار لهم من الحظ نصيب كبير بهيئة برلمانية واعية تدرك ما تفعل، ولهم تنسيق عالٍ، إضافة إلى تجانس بين ممثلي الأحزاب الأخرى، والمستقلين.. الوعي الكبير داخل الهيئة البرلمانية كبير بقضايا سنار.
{ حزب المؤتمر الوطني يعاني من شروخ داخلية في معظم الولايات المجاورة وصلت حد الصراع العلني كما حدث في ولاية الجزيرة.. ما الذي يحدث بالضبط في سنار؟
_ وعي إنسان ولاية سنار بشكل عام وتماسك الاجتماعي داخل المجتمع، خاصة في حزب المؤتمر الوطني والالتفاف حول قيادته، بجانب كثير من الحاكمية في هياكله وبنائه التنظيمي.. أدى كل ذلك إلى الاستقرار، وهذا يرجع إلى طبيعة التكوين المتراضى عليه في ولاية سنار، ولا يقف ذلك في حزب المؤتمر الوطني فقط، بل لنا تنسيق عالٍ مع الأحزاب السياسية الأخرى، وبين مجلس الأحزاب، والهيئة التشريعية.
{ ولكن سنار تفتقر للحراك السياسي على عكس الولايات الأخرى؟
_ هنالك حراك سياسي كبير جداً، أفقي ورأسي، بين مكونات الولاية السياسية، خاصة الأحزاب المشاركة، كما أنه حراك واعٍ وراشد تعلي فيه من قدر الثوابت الوطنية، وتصر على أن تكون المحصلة تفضي لصالح الولاية الكبيرة.
{ هناك ارتباط وثيق بين سنار وولاية النيل الأزرق.. والأخرى تعاني من بعض المشاكل.. كيف تتدبرون أمركم؟
لا أعرف أن هناك مشكلات في النيل الأزرق.. كل ما أعرفه عنها أنها تعيش استقراراً كبيراً جداً، هي ولاية متناسقة وبها قيادة واعية.. الأخ الوالي رئيس المؤتمر الوطني له مقدرة عالية على لملمة أطراف الأمور.
{ ولاية سنار نفسها تعاني من إشكالات كثيرة على رأسها قضايا التنمية فقد شكا سكان الولاية كثيراً من تردي الخدمات.. ما هو دوركم؟
_ أهم الملفات التي نعمل عليها الآن، هي قضية الاقتصاد حيث نرفع شعار (لا صوت يعلو فوق صوت الإنتاج)، الولاية زراعية من الدرجة الأولى، ولها ميزات كبيرة جداً في هذا المجال، سواء كان مجال الزراعة المروية لإنتاج المحاصيل البستانية، أو الزراعة المطرية لإنتاج المحاصيل النقدية كالسمسم، القطن المحور وراثياً، وعباد الشمس.. خلال هذه الفترة ركزنا على أن نجعل من قضية الإنتاج لأجل الصادر الملف الأوحد تنفيذياً، وبهذه الخطة حركنا كل المجتمع والمستثمرين، وحشدنا الإرادة الشعبية وإرادة الدولة الرسمية، ووجدنا سنداً وعضداً من رئاسة الجمهورية، مروراً بوزارة المالية، ووزارة الزراعة، الاستثمار، وكل مجلس الوزراء الاتحادي هم الآن داعمون لهذا الخط، في أن يكون ملف الإنتاج وحتى 2020م هو الأعلى صوتاً، وفي سبيل ذلك عندما أتينا وجدنا أن هنالك قراراً رئاسياً منذ العام 2004م بأنشاء مصنع سكر السوكي، وظل (14) عاماً يراوح مكانه، واستطعنا تحريك هذا الملف في أقل من (45) يوماً، وتخطينا به كل الصعوبات، والآن بالتنسيق مع وزارة الصناعة تم التوقيع على إنشاء مصنع السوكي بتكلفة (464) مليون دولار بإنتاج (127) ألف طن، ثم هنالك أيضاً مشروع الارتقاء بالصادرات البستانية خاصة الموز، ونعلنها داوية بأن سنار هي ولاية الموز، (Banana State)، نستهدف (50) ألف فدان، وأن تصل مجمل صادراتنا في الـ(50) ألف فدان (4) مليارات و(450) مليون دولار في العام.. أيضاً نعمل على إقامة مسالخ، لأننا نقع في الوسط وتمتلك الولاية (20) مليون رأس من الماشية، سنصدرها عبر مسار النورانية.. وهذا هو مجمل البرنامج الذي نعمل عليه الآن، في تطوير الولاية والارتقاء بالمواطن في مجالات الخدمات وغيرها.. ليس لنا ملف سوى ملف الإنتاج، وأعلنا أننا حوّلنا الولاية إلى وزارة زراعة كبيرة لنقدم حلاً ناجعاً للاقتصاد، لأننا نؤمن بأن اقتصادنا لن ينصلح إلا إذا رصد كل الولاة في عملية الإنتاج والإنتاجية من خلال تنفيذ المشاريع في مجالات الثروة الحيوانية، ومناجم الذهب والزراعة، إذا عملنا جميعنا بهذا الشكل قطعاً سنقدم علاجاً ناجعاً للقضية الاقتصادية، لأننا نؤمن بأن الاقتصاد لن ينصلح إلا عبر الارتقاء بالصادر وتعديل الميزان التجاري.
{ ولاية سنار تعيش استقراراً اجتماعياً كبيراً على عكس معظم الولايات.. ما هي خطتكم للحفاظ على هذه الميزة؟
_ واحد من أهمّ الاشياء التي ساعدتني كثيراً هي قضية أن هذه المملكة قامت على التنوع، لذلك قلما تجد من يتحدث عن حاكورته أو قبيلته… الخ على عكس الولايات الأخرى، نحن الآن نُفعّل حراكاً مع الإدارة الأهلية من النظار والمكوك والسلاطين في ولاية سنار، والسادة الصوفية (المكاشفية، اليعقوباب، السمانية، الركابية، الاشراف، كركوج).. كل هذا الزخم الكبير من الإدارة الأهلية، والطرق الصوفية، نعمل أيضاً على أن يكون هنالك رضا اجتماعي في كثير من المشتركات التي تؤدي إلى التناحر، أي نبعد كل أسباب التناحر من خلال إقامة العدل بين المكونات المختلفة، وهذه إحدى الضمانات التي تبعد احتمالات التشاكس بين المكونات الاجتماعية في الولاية.
{ كيف وجدت إنسان الوسط.. وأنت القادم من دارفور؟
_ وجدته طيباً وواعياً جداً، وله مقدرة على الإنتاج وروح النفير، كما دارفور أيضاً، وروح التعاضد والالتفاف حول القضايا الكبيرة، ولكن الملاحظ أن إنسان الوسط متسامح جداً، لا يجنح للعنف والتنافر والعداء، فهو أكثر تعاوناً في القضايا القومية، ربما بطبيعة تكوين سلطنة سنار التي تكونت من مجموعات مختلفة (الفونج، العبدلاب…الخ)، والمجموعات السكانية التي أتت من مختلف مناحي السودان، هذا النسيج الذي يجعله إنساناً متفرداً وأكثر تعاضداً حول سنارية المعاني والمقام.
{ كيف تلقيت خبر تعيينك والياً؟
_ كنت منغمساً في قضايا وزارة الشباب والرياضة على رأسها الاتحاد العام لكرة القدم، وتجميد الـ(فيفا) وعملنا على فك التجميد، وبعدها دخلنا في عملية الانتخابات الأخيرة، وقضية المدينة الرياضية حتى ظهرت بالشكل الذي ترينه الآن.. فلم يدر في خلدي أن يتم تعييني والياً، ولكننا جبلنا على أن الحزب يحرك الأشخاص من منطقة ألى أخرى، وفق متطلبات الحزب، والرؤية الكلية للحكومة، وعندها تلقينا ذلك الخبر وقلت إن كان لي خير في ذلك سيكون، في كل حال هو تكليف وأمر تنظيمي، يجعلني أرفع التمام أينما طلب مني ذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية