لا شك أن الدور الذي قام به السودان أخيراً في (لملمة) ملف الجنوب والخروج بنتيجة مرضية فيه تمحورت حول وقف الحرب بين حكومة الرئيس “سلفا كير” وقوات زعيم المعارضة “رياك مشار”، وعودة الأخير ليكون نائباً أول للرئيس.. هذا الدور وضع الخرطوم الحكومة والدولة في المسار الصحيح من جارتها الحديثة النشأة والتجربة والتي كانت وربما لازالت جزءاً من ضلعها الأم.. كما أن التعاون الذي تم بين الخرطوم وكمبالا للوصول لهذه النتيجة يدل على أن كلا الجانبين (السودان الشمالي واليوغندي) قد دخلا معاً إلى مربع النضج في نظرتهما لواقع ومستقبل الدول الثلاث والمنطقة برمتها، ولعله من الجيد بمكان أن تم تحقيق ما تم بعيداً عن الزخم الدولي بشخوصه البالية الفعل والغائرة المقصد والهدف، وهو أيضاً أمر يشير إلى شيء من الصحوة تجاه ابتهال الحلول لأزمات المنطقة بيد وإرادة غير مرتبطة بالضرورة بإشارات الكبار التي تمليها مصالحهم وأهدافهم.. فقط يتبقى الصمود لإكمال هذا المشهد وترسيخ ملامحه وقسماته عبر المتابعة الدقيقة والحضور الدائم بين أطراف الاتفاق حتى لا يعود الموقف ليشتعل من جديد، وحتى تمضي الترتيبات التي بدأت إلى نهاياتها دون خرق من هنا أو من هناك، وهذا يتطلب وبالتأكيد اعتماد جسم رئاسي رباعي يضم بجانب الوسيطين السوداني واليوغندي طرفي الاتفاق الجنوبيين.