رشان أوشي
أُعلنت حكومة الوفاق الوطني بدولة جنوب السودان، حيث ضمت (4) نواب لرئيس الجمهورية، وإضافة (150) نائباً للبرلمان، وعدد مقدر من الوزراء، وعاد الدكتور “رياك مشار” إلى منصبه الذي تمرد عليه قبل (5) أعوام، لا جديد يذكر باستثناء اتفاق السلام الذي رعته الخرطوم، ونتمنى أن يصمد طويلاً.
دولة جنوب السودان لا تحتمل كل هذا الكم من الضغط الدستوري على ميزانيتها، حتى وإن كانت تضم احتياطي نفط كبير، فسنوات الحرب العجاف عطلت عجلة الاقتصاد بها، ودفعت بازدياد معدلات التضخم، حتى بلغ الجنيه الجنوبي مواضع بائسة من الانهيار أمام العملات الأجنبية، وضرب الغلاء والندرة كل السلع حتى الفواكه المنتجة محلياً، ونزح الآلاف من المواطنين إبان الحرب الأهلية، مما يعني توقف عجلة الإنتاج تماماً، فكان من الأفضل أن تتراضى الأطراف المتصارعة على مشاركة رمزية في السلطة حتى تستعيد البلاد عافيتها اقتصادياً، ولكن أنانية الساسة تقضي على كل شيء.
المدهش في الأمر أن الأمور الداخلية في الدولة الحديثة تمضي بما يشابه سيرها في السودان، فذات الأزمات السياسية والاقتصادية، وطريقة إدارة الدولة، والتمسك الشديد بالسلطة من قبل الرئيس “سلفا كير” حتى على حساب شعبه المكلوم منذ نصف قرن من الزمان، وتعنت المعارضة، ورغبات “رياك مشار” الذاتية، وحلمه المدمر بضرورة حكم جنوب السودان، والذي بموجبه أزهقت الأرواح، وراح الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء، الجميع يصرون على تنفيذ رغباتهم الشخصية حتى على حساب البسطاء من أهلهم، ممن باعوا لهم الأحلام الوردية بالرفاه والاستقرار حال الانفصال، ليتفاجأوا بعد وقت وجيز بعودة الحرب مرة أخرى بلا رحمة.
إذن ملخص ما حدث في جنوب السودان بعد توقيع اتفاق الخرطوم للسلام، وتشكيل الحكومة الجديدة، ما هو إلا إعادة إنتاج للأزمة، ونتمنى أن يتجاوزها شعب الجنوب بصبر وحنكة.