مسألة مستعجلة

جنوب السودان.. بشريات تلوح

نجل الدين ادم

تطور إيجابي في مفاوضات الفرقاء في دولة جنوب السودان قادهم أول أمس إلى التوقيع على أهم ملف، وهو الترتيبات الأمنية، وبذلك حُسمت النقاط التي كانت عالقة.. حدث ذلك بعد أقل من أسبوعين من الحوار المستمر الذي احتضنته ورعته الخرطوم.
الترتيبات الأمنية تشمل بنوداً في غاية الأهمية على رأسها وقف إطلاق النار، وهو بالتأكيد يؤسس لمرحلة جديدة يمكن أن تعبر الأطراف خلالها إلى عملية السلام الشامل في دولتهم الوليدة التي لم ينعموا بخيراتها منذ انفصالهم عن السودان، أيضاً ما يتضمنه ملف الترتيبات الأمنية بند قوات المعارضة المختلفة التي تحمل السلاح في وجه الحكومة، وهذا بالتأكيد يعمل على تقنينها ودمجها وتسريح ما زاد عن العدد المطلوب، وفي مقابل ذلك تحوُّل الجيش الشعبي – جيش الحكومة- إلى قوات قومية فعلية بعيدة عن القبلية والانتماء السياسي، لأن المعارضة المسلحة ترى أن الجيش الشعبي حاد عن الطريق ومضى إلى سبيل تحقيق مصالح القبيلة دون النظر إلى الأدوار الحقيقية التي ينبغي أن يقوم بها.
مؤكد أن ملف الترتيبات الأمنية وما علق فيه من بنود خلال المفاوضات السابقة في العام 2015 يؤسس لأرضية صالحة تمكّن حكومة جوبا من استخراج البترول، وبالتالي تحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي الذي ظلت تعاني منه جوبا منذ إعلان الفصائل الحرب على “سلفا كير”.
استخراج البترول يعني أيضاً تحسن الوضع الاقتصادي ومعالجة الاختلالات السياسية، وبالتالي يحد من أعداد اللاجئين الجنوبيين الذين يقصدون دول الجوار مكرهين بسبب الحرب والاقتتال وانتفاء أشكال الاستقرار كافة.
ملف الترتيبات الأمنية على أهميته ينبغي أن يجد الصدقية من أطراف التفاوض والالتزام به كما ينبغي، لأنه يمهد لملفات تفاوض أخرى من شأنها أن تُحدث استقراراً تنموياً وتحقق جزءاً من أحلام النخبة الجنوبية في حكم أنفسهم.
مفاوضات الخرطوم الحالية هي بمثابة فرصة أخيرة لوقف الحرب وتحقيق السلام، لأن المواطن عانى ما عانى من ويلات الحرب وفقد الأرواح والممتلكات.
لقاء الرئيس “البشير” ونظيره اليوغندي “يوري موسيفيني” يوم أمس بالعاصمة كمبالا كان لبحث المزيد من التدابير للمضي بمفاوضات فرقاء الجنوب إلى الأمام وتحقيق السلام الشامل.. الرئيسان جمعا الفرقاء الرئيس “سلفا كير ميارديت” ونده المعارض دكتور “رياك مشار” للمرة الثالثة يوم أمس بغية كسر المزيد من هواجس عدم قبول الآخر.. الرئيس “سلفا كير” يحتاج أن يغير لغته التفاوضية الحالية ويعطي الأمر حقه ومستحقه ويترك فرص التوافق تمضي دون أي اعتراض.
ليس مطلوباً من “سلفا كير” أن يعلن مواقف مسبقة بعدم قبول مشاركة نده في الحكومة لأن القبول بمبدأ التفاوض يعني أنه لا بد أن تكون الأجندة مفتوحة، وأنه ليس من مستحيل.. كل شيء يتم بالتوافق واحترام الآخر.
مطلوب في ذات الوقت من زعيم المعارضة دكتور “رياك مشار” أن يترك الأجندة الخاصة ويعلي المصلحة العليا على أي شيء.. مطلوب منه إبداء مرونة حتى تصطف المعارضة الجنوبية خشية أن يخرج معارضون جدد.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية