{ الدول المتقدمة التي تقود العالم الآن وحتى الدول المتأخرة من حولنا وعت جيداً دور الصحافة كأداة تنبيه لتصحيح المسار ومرآة لكشف ما هو مخفي ومستور من العيوب والأخطاء والسلبيات والإخفاقات، لأجل الإسراع لمعالجتها في الوقت المناسب قبل أن تتفاقم الأمور وتتأزم وتصل إلى مراحل كارثية يصعب إصلاحها، ولكن للأسف الشديد عندنا في السودان الحكومة مازالت تعمل على حشد العقوبات والجزاءات التي تقيد حُرية الصحافة وتلجم أقلام الصحفيين آخرها وأقبحها عقوبة (إيقاف الصحفي عن الكتابة).
{ يبدو أن غالبية المسؤولين عندنا مازالوا يخافون بل ويرتعبون من الصحافة في حين أن المسؤولية الدينية والأخلاقية والقيمية تحتم على قادة أي دولة خاصة الدول الإسلامية وهم يتحملون أمانة الحكم ألا يخشوا إلا الله سبحانه وتعالى (علام الغيوب) ومن يخشى الله بالتأكيد لا يخاف الصحافة ولا يخشى (كشف الحال) لأن حاله ومن الطبيعي يفترض أن يكون في الوضع (السليم) وهذا لأنه يعي ويؤمن تماماً أنه كحاكم أو مسؤول إذا خرج عن سبيل الرشاد أو غادر المسار الصحيح في (مسؤولية الحكم) فهناك كتاب يسجلون كل (كبيرة وصغيرة) لا تستطيع أي قوة في الأرض إيقافهم من الكتابة ألا وهم الملكان (رقيب وعتيد) .
{ وضوح أخير:
{ مالكم كيف تحكمون؟! حقاً الوقت غير مناسب لإجازة قانون جديد للصحافة والمطبوعات ولا حتى إجازة دستور جديد للبلاد أو حتى مجرد مناقشة مثل هذه الأمور في هذه الظروف العصيبة، فالأوضاع في بلادنا بالجد لا تحتمل غير التركيز في البحث عن مخرج أو مخارج تخرجنا من دوامة الأزمات والنكبات الاقتصادية المتلاحقة التي ضيقت على المواطن وعصرته وضغطته إلى الحد البعيد ومن جميع الاتجاهات، ولذلك نرجو من السادة في مجلس الوزراء والسادة نواب البرلمان أن يجتهدوا في وضع قوانين تأتي بعقوبات وجزاءات رادعة لمحاسبة المسؤولين المقصرين في أداء واجباتهم والمفسدين في الأرض المعتدين على المال العام، ولمن ظلوا يكرسون للمحسوبية والجهوية داخل دواوين الدولة، وعقوبات صارمة لتجار وسماسرة الاحتكار المتحكمين في وضع الأسعار، ورجال الأعمال الخارجين عن الطوع والمتلاعبين بقوت الشعب .
{ محاربة ومحاسبة وملاحقة غير الراشدين تقودنا إلى المجتمع الراشد وإلى الحُكم الرشيد.