رسالة من المحامي (هشام الزين) إلى السيد (محمد عثمان الميرغني)
أفسح المجال للأستاذ (هشام الزين) المحامي والقيادي البارز بالاتحادي الديمقراطي الأصل، وهو يرسل نداءً قوياً وتاريخياً إلى مولانا (محمد عثمان الميرغني) في هذا الظرف العصيب، فالأستاذ (هشام) تعود علاقتي الشخصية معه إلى زهاء الـ(23) عاماً عندما تعارفنا في عرين الأستاذ (سيد أحمد الحسين).
ويمكنك أن تجر الجبل لكن لا يمكنك إقناع الأخ (هشام) بوجهة نظر أو رؤية معينة لا يوافق عليها، مهما كانت ملامح العلاقة والتقارب معه.
إليكم ما جاء في رسالة الأستاذ (هشام الزين) إلى مولانا (محمد عثمان الميرغني)..
عادل عبده
بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة مولانا محمد عثمان الميرغني
رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومرشد هيئة الختمية للدعوة والإرشاد
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال تعالى في محكم تنزيله: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) (148) سورة النساء.
سيدي نحن في الاتحادي الديمقراطي الأصل نتوكأ على مفترق طريق فاصل، إما أن نكون على السطح، وإما أن نتوارى في الثرى، وحين يغيب الأسد قسراً أو عجزاً تحل الضباع مكانه دون أن ترسم صولجانه!! والوقوف على الرمال لا يجعل الأقدام ثابتة وحكمة الصحابي الجليل سيدنا (على بن أبي طالب) تصدح قائلة إن إضاعة الفرصة غصة في الحلق!!
لا يغيب عليكم أيها الزعيم الكبير وأنت سيد العارفين.. كم انزلق حزبنا إلى الوحل!! وكيف انحسر بريقه!! حتى صار بلا كرامة ولا ضيم، فقد كنا نقسم العطايا والمنحة في زهوة وشمم وأصبحنا اليوم نتعشم الوزارة والمغنم من الذين كانوا في الظل والعدم حينما كان حزبنا العتيد في الجوزاء أيام الأزهري ورفاقه الميامين!!
هنالك جاذبية كهربائية تسري في دمائي وإحساسي يموج بوخز الضمير يجري في دواخلي، وأن هذا الواقع الصادق يدفعني إلى إرسال هذا النداء إلى مقامكم العالي والأمل يطوقنا بأن نجد من شخصكم المبجل الفرج من الكروب والنجاة من الكوارث قبل أن يحل الليل البهيم والعار المقيم، ولا خير فينا إذا لم نقلها ولا يجوز من ثنايا حكمتكم أن لا تقبلوا هذه الرسالة المخضبة بالشفافية الشديدة والجرعات المرة قبل فوات الأوان!!
سيدي
لقد صارت مستحقات التكاليف العامة وأولويات القاموس السياسي في العصر الحديث، تقوم على نظرية الانتقال المرتب في المواقع القيادية من خلال أجواء طبيعية ومعافاة دون تكلس واحتكارية جوفاء على المواقع والكراسي الحاكمة، لذلك فإن الأصوات التي تنادي بإمكانية تنازلكم عن قيادة حزبنا والاكتفاء بدور الرعاية والمتابعة لا تعني الحرب عليكم والتقليل من التضحيات الغالية التي بذلت من جانبكم خدمة للوطن والحزب في الزمن العصيب.
إن ترميم عقول بعض منسوبي الحزب يحتاج إلى أسلوب الصدمات وانتزاع العاطفة الكلاسيكية ومحاربة التحركات الانتهازية، حتى تتضح رؤية منهج الانتقال والتنازلات من قبل الرؤساء والزعماء كمسألة صحية في عالم السياسة تنم عن الفخر والقوة العقلية وتقدير النوازع الإنسانية!!
ونقصد أن يكون تنازلكم في المستقبل بمحض إرادتكم عندما تتهيأ الأوضاع الملائمة لذلك.
عفواً مولانا إذا أفرطت ولم أفرط، وليمسح لي سيدي بأن أقول لكم إن مشاركة حزبنا في السلطة لا تشرفنا على الإطلاق، فالجلباب أضيق من حجمنا الحقيقي، حيث انزوى دستوريو الحزب في ركام المكاسب والمغانم.
لم يعد لنا صوت ولا وجود في بطارية الحكم، والطريق أمامنا مليء بالأشواك والحصرم إذا أردنا الوصول إلى قواعدنا.
أما المؤتمر العام للحزب، فهنالك من يحاول السيطرة على اتجاهاته بلا حكمة ودراية، وكم من مشاحنات واختلافات جرت بين أعضاء لجانه.
والقلق الواضح والتبرم الشديد صار السمة البارزة حول ترتيبات وملامح المؤتمر، وهؤلاء يرون بأن مخرجاته ستؤدي إلى مدارج الخزي والندامة.
سيدي
الأهوال والمصائب والخطوب في حزبنا كثيرة ومتشابكة إلى حد لا يوصف، فهنالك قضية اختفاء القيادات والرموز الكبيرة من ساحة الاتحادي الأصل، والسياج المضروب حول مقامكم من بعض الانتهازيين، فضلاً عن فقدان البوصلة التي تحدد المنهج والخطوط، وضياع النكهة الحزبية النادرة النابعة من الوسطية والمزاج السوداني الأصيل.
سيدي ومولاي
لا أريد الاستمرار في إضاءة المصابيح عن بلايا وإشكاليات حزبنا، سيما وأن تلك الملاحظات كانت قاسية وموجعة غير أنه يلزم القول بأنها كانت واجبة ولازمة في الإفصاح عن تفاصيلها، استناداً إلى قدسية الأمانة الحزبية والذمة الأخلاقية.
وفي الختام، أتمنى أن تكون تلك الإشارات التي وردت في رسالتي قد لامست الحقائق والأمنيات في ضمائر جميع الاتحاديين، وأن تكون قدمت رؤية عميقة في منتهى النزاهة والموضوعية، ثم يبقى الوقوف بأدب أمام مقامكم شيئاً ضرورياً ومطلوباً، وأن يتم ذلك بمنتهى الاحترام.
هشام الزين عيسى المحامي
عضو هيئة القيادة بالاتحادي الديمقراطي الأصل