حوارات

رئيس القطاع الاقتصادي السابق بالمؤتمر الوطني د. حسن أحمد طه في حوار مع المجهر السياسي ( 2 من 2)

* حكومة الوفاق الوطني مسؤولة عن الأوضاع الإقتصادية الحالية ..

* الميزانية العامة تحتاج لمراجعة ومن الأفضل أن نراجعها في وقت مبكر !
* أنت كنت تعلم أن مصفاتك تحتاج لصيانة وأنها ستتوقف إذا لم تقم بهذه الصيانة!
(نحن ما كان غالبنا نوفر المائة مليون)!
* شركات النفط الأجنبية ديونها علينا كبيرة وهي خرجت بسبب عدم وفائنا بها !
* بصراحة متابعة القطاع الاقتصادي للوطني خلال العامين الأخيرين لم تكن كما يجب، والتوسع الذي حدث في الاستدانة من البنك المركزي يؤكد ذلك !

حوار / سوسن يس

حمَّل الدكتور حسن أحمد طه رئيس القطاع الاقتصادي السابق بالمؤتمر الوطني، وزارة المالية ووزارة النفط وبنك السودان، مسؤولية أزمة الوقود التي تعاني منها البلاد حالياً واعتبر أن مسؤولية القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني عن الأزمة تنحصر في عدم المتابعة، باعتباره مسؤولاً عن التخطيط والسياسات الاقتصادية، وليس طرفاً تنفيذياً، وأقر بأن متابعة القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني في السنتين الأخيرتين لم تكن كما يجب، وكشف أن وزارة النفط كانت قد حذرت وزارة المالية قبل عام من عاقبة عدم صيانة مصفاة الخرطوم و كانت تصيح بملء فيها (المصفاة ستتوقف المصفاة ستتوقف) ولكن المالية كانت تأخذ مورد البترول لكن لم تكن تفي بالتزاماتها المالية تجاه وزارة النفط وتجاه الشركات، وتم في وقت سابق جدولة هذه الديون لكنها أيضاً لم تلتزم (مؤكداً أن لشركات النفط الأجنبية ديوناً كبيرة على حكومة السودان وكشف أن عدم إيفائنا بهذه الديون هو سبب خروج هذه الشركات المستثمرة في قطاع النفط، واصفاً خطوة السماح لهذه الشركات بالخروج بأنها خطوة غير حكيمة) و قال: (أنا لا أعرف ظروف وزارة النفط مع هذه الشركات، لكن أنا بفتكر في ظل الوضع دا الصينيين نحن محتاجين ليهم، وهم خاتين يدهم معانا، وعندهم ديون كتيرة علينا نحن ما أوفينا ليهم بيها، فمن حقهم علينا إنو كان نخليهم يستمروا معانا، ونحن ما في يدنا مستثمر تاني قوي في قدرة الصينيين عشان نضحي بالصينيين)
إلى ذلك أكد دكتور حسن أحمد طه أن الاستدانة من النظام المصرفي خلال العامين السابقين تجاوزت حدود السلامة المصرفية ” وفاقت كل الحدود ” بحسب وصفه، مشيراً إلى أن سماح البنك المركزي لوزارة المالية بالاستدانة فوق حدود السلامة المصرفية أدى إلى التضخم الجامح الذي وصلنا إليه الآن، وقال: (نحن قلنا هذا الكلام كثيراً وكتبنا تقارير ورفعناها قلنا فيها إن الاستدانة من البنك المركزي فاقت حدود السلامة المصرفية التي تؤدي إلى استقرار اقتصادي وأضاف: (إن ترك الأمر لكل وزير إنو دي مشروعاتك مجازة في الخطة، وموارد ليها ما موجودة، هذا هو الذي تسبب في هذا الأمر .. ميزانيتنا بابها ضلفة واحدة، والجميع يتقاتلون في هذه الضلفة، فتصبح كل المشروعات واقفة في النص، وما واصلة للنتائج .. والتهاون مع بعض الوزراء وبعض الولاة وبعض المناطق وبعض الجهات بالاستجابة لطلباتها هو الذي أدى لهذا الوضع) فإلى مضابط الجزء الثاني من الحوار :

* دكتور هذا السؤال يدور في أذهان الكثيرين نحن دولة تمتلك موارد عديدة ذهب وبترول وأراضي زراعية ومعادن فلماذا نسعى للعون الخارجي؟
– العون الخارجي أصلك حتسعي فيهو الليلة ولحدي بكرة وبعد بكرة و للمستقبل .
* أين الذهب و البترول؟ أين أثر هذين الموردين على اقتصادنا الآن؟
– البترول قلت لك متناقص! البترول ما فيهو استثمارات.. ودخلت فيه عوامل كثيرة كما قلت لك .. إنتاجنا في البترول كان 120 ونزلنا، الطلب العالمي نزل والآن ارتفع قليلاً وصل 70 ولكن في فترة وصل إلى 50 وإلى أقل من خمسين وفي هذه الفترة الشركات المستثمرة أصبحت غير راغبة في أن تستثمر .. البترول يحتاج لاستثمارات مستمرة .. أنا بدلاً عن أن أوصلو 180 خليتو نزل لـ80 وهذه مشكلة. . لذلك أنا أقول لابد من إعادة توجيه موارد التنمية و نشوف ما هي أولوياتنا .. أولوياتي البترول دا جاهز قاعد في الواطة دي وهناك تقنية ممكن تطوره وتزيد الإنتاج، فعليك أن توجه الموارد ليها .. زي الحصل في المصفاة دا أنا ما ممكن أخلي المصفاة لما تقيف ما أعمل صيانة ! النتيجة إنو بقيت أستورد من برة بتكلفة قريبة من الضعف .. يعني دفعت أكثر من الذي كنت سأدفعه .. أكثر من المئة مليون التي كان علينا أن ندفعها وبالتالي لابد من ترتيب الأولويات ..الذهب، البترول، المعادن، القطن، القمح .. السكر !! .. أنا عندي مشروع سكر النيل الأبيض أنفقت فيه أكثر من مليار ومئتي مليون دولار !! لماذا أترك هذا المشروع وأقف في النص وأمشي أشوف حاجة تانية؟ الأولويات تحتاج لاهتمام أكثر .

* السبب الذي أدى لأزمة الوقود هل هو إبعاد شركات البترول الأجنبية يا دكتور؟
– السبب ربما يكون قصة أولويات .. أنت تعرف أن مصفاتك تحتاج لصيانة وأنها ستتوقف إذا لم تقم بهذه والصيانة، وأن هذه صيانة كبيرة، أنت تعرف هذا من قبل عام و بالتالي نحن ما كان غالبنا نوفر هذه المائة مليون دولار ) ! لذلك أنا أقول لك ترتيب الأولويات كان هو السبب في الأزمة الحالية .. كذلك هل كان من الأفضل أن نخلي الصينيين يطلعوا ؟ أنا بفتكر دي كانت خطوة ما حكيمة، في تقديري هذا كان أمر غير حكيم ، أنا لا أعرف الظروف بتاعة الوزارة مع الصينيين لكن أنا بفتكر في ظل الوضع النحن فيهو الآن الصينيين نحن محتاجين ليهم، وهم خاتين يدهم معانا وعندهم ديون كتيرة علينا نحن ما أوفينا ليهم بيها، فمن حقهم علينا إنو كان نخليهم يستمروا معانا ونحن ما في يدنا مستثمر تاني قوي في قدرة الصينيين عشان نضحي بالصينيين .

* هم هل خرجوا بسبب عدم إيفائنا بهذه الديون؟ أم نحن الطلعناهم)؟

-هم طلعوا عشان الديون دي . ما طلعناهم نحن .. ما طلعناهم نحن قالوا ادفعوا ادفعوا ادفعوا كذا مرة، وما أوفينا بالتزامنا.
* و نحن لماذا لم نف بالتزامنا؟
– ظروفنا كانت بطالة بس .. وما رتبنا أولوياتنا و بنتصرف في ظروف غير عادية تصرف الظروف العادية.
* هل الديون كثيرة ؟
– ديون كثيرة جداً جداً .
* حوالي كم ؟
– ياتا فيهم ؟ كل الديون ؟.
* ديون شركات النفط الأجنبية ؟
– ديون الشركات أنا ما متأكد من الرقم، لكن ديون السودان كبيرة جداً فاقت الـ 54 مليار .

* ديون شركات النفط هل كبيرة ؟ ما ممكن ندفعها ونخليهم يرجعوا ؟
– الديون كثيرة .. الديون كثيرة.. وأنت لا يفترض أن تدفعها كلها، ولكن أن تعيد جدولتها ويكون عندك مصداقية .. لذلك أنا قلت لك خفض الإنفاق و ترتيب الأولويات… أنا لازم أتصرف ) بالقدر الذي يمكنني من السداد لأن المصداقية مهمة سواءا للفرد أو للدولة، فإذا كنت تستدينين من شخص فلابد أن تفي في مواعيدك وإذا إستمريت في عدم الوفاء فإنك ستخسرين هذا الشخص .. نفس الأمر بالنسبة للدولة .. الدولة لابد أن يكون عندها مصداقية في الاستدانة و مصداقية في السداد، وبالتالي لابد أن ترتب أولوياتك بحيث يكون لك قدرة على السداد .. وإدارة الدين الداخلي والخارجي من أهم الإدارات بوزارة المالية، ويفترض على هذه الإدارة أن توصي ما أستدين معناها ما أستدين، لكن ما أخلي الوزير الفلاني يمشي يجيب ليهو قرض، ونقول خلاص لقينالينا قرض وبالتالي كل يوم نلقى نفسنا مواجهين أمام عشرين واحد مطالبننا بديونهم لأننا خالين نوافذ مختلفة كل زول يمشي يستدين و يجيك شايل ليهو ديون ! الدين إدارته مثل إدارة الميزانية مهمة جداً جداً .
* الديون الآن تتم بعشوائية شديدة على ما يبدو؟
– الديون دي تمت بصورة خلتك ما عندك مصداقية، وأهم شيء هو المصداقية في الميزانية والمصداقية في الوفاء بالالتزامات .
* على ذكر المصداقية، الملاحظ في أزمة الوقود الحالية أن الحكومة أو وزارة النفط بالتحديد تعاملت مع الناس بعدم صدق وعدم شفافية كبيرين، لذلك الصورة منذ البداية كانت معتمة وغير واضحة .. مثلاً بالنسبة لسبب خروج شركات النفط الأجنبية وزارة النفط لم تكن شفافة، ولم تكن صادقة في هذا الأمر، وقالت إن سبب خروجها هو أن هذه الشركات لم تقبل بمحاولة الوزارة تعظيم نصيب الحكومة في العقودات الجديدة بعد انتهاء عقودات هذه الشركات ، وتعظيم نصيب الحكومة هذا تعبيرها هي وزارة النفط .. !

– هو إدارة الأزمة كانت غلط .. أنا أقول إدارة الأزمة ككل كانت غلط، ولم تكن بمستوى جيد..أولاً وزارة النفط لا تدير المسألة لوحدها تديرها معها وزارة المالية و بنك السودان .. هذه الأطراف الثلاثة هي التي تدير البترول .. لأن وزارة النفط تحتاج لموارد لتستورد المواد ..وهي ظلت تصيح بملء فيها منذ عام بأن المصفاة حتتوقف المصفاة حتتوقف، فوزارة النفط هي ” البتجيب النفط” والمالية تكرره وتبيعه، فلابد أن تدفع لها لأن عليها إلتزامات، فهي شكواها أن المالية تأخذ مورد البترول ولكنها لا تفي بإلتزاماتها، فهذه الشركات يفترض أن تدفع لها وزارة المالية ، و بالتالي النفط بالنسبة ليها خروج الناس ديل لأنو هناك عدم وفاء .. هناك جدول اتعمل مع الشركات وطلبوا منها الالتزام وما حصل التزام بحسب الإجراءات التي أتفق عليها، فالمسؤولية مشتركة بين هذه الجهات الثلاث .. نحن لا نلوم النفط لوحدها نلوم وزارة المالية و بنك السودان، فهذه الجهات الثلاث لابد أن يكون هناك تنسيق تام بينها للوفاء بهذه الالتزامات ولإدارة هذا المورد .

* ونحن نلوم 4 جهات .. نلوم وزارة المالية وزارة النفط وبنك السودان، والقطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني بإعتباره المخطط، وواضع هذه السياسات، وهو كان ينبغي أن يكون متحسباً لهذه النتائج؟

– شوفي .. القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني هو يضع السياسات العامة لكن التنفيذ هو مسؤولية الجهاز التنفيذي يعني أنا ما بنفذ .. و خاصة بعد حكومة الوفاق الوطني، فالمؤتمر الوطني لا يملك أن يفرض عليها رأيه، هذه الحكومة هي حكومة وحدة وطنية وبالتالي سياسات المؤتمر الوطني لا تنطبق على الحكومة كلها، و لكن وزراء المؤتمر الوطني هم المفروض يحملوا هذه السياسات و ينفذوها، ليس كل السياسات التي طالبنا بها و أصرينا عليها تم تنفيذها .. وأنا قلت لك نحن كقطاع نبهنا إلى ذلك، ولكن تبقى المسؤولية مسؤولية الجهاز التنفيذي، مسؤوليته كبيرة وكذلك الجهاز الرقابي مسؤوليته كبيرة، المهم نحن أمام وضع اقتصادي فيه أزمة كبيرة ليست صغيرة، تحتاج لإجراءات، إدارة الأزمة تكون باتباع نفس الوصفة وبمتابعة لصيقة يومية .
* أنا بالتحديد أعني المتابعة .. أنتم القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني قمتم بالتخطيط ووضعتم السياسات ولكنكم لم تتابعوها؟
– نحن نتابع التنفيذ لكن أقول لك بصراحة في السنتين الأخيرتين المتابعة كانت ليست كما يجب . بدليل أنه حدث توسعا في الاستدانة من النظام المصرفي، وفي الضمانات فاق حدود ما هو مدرج في الموازنة، ولم يعكس للمؤتمر الوطني .
* المتابعة خلال السنتين الأخيرتين كانت ليست كما يجب لماذا؟
– لأن وزير المالية ما كان بعكس الأشياء للمؤتمر الوطني في مواقيتها .
* دكتور حسن حكومة الوفاق الوطني هل هي مسؤولة عن هذه الأوضاع الاقتصادية الحالية؟
– المسؤولية تضامنية . الجهاز التنفيذي هو المسؤول وهذه حكومة وفاق وطني .. فهم من المفترض أن يتحملوا المسؤولية معاً المسؤولية تضامنية
* في فترة إجازة موازنة 2018 كان هناك جدلاً حول مدى مسؤولية حكومة الوفاق الوطني عن الميزانية وبعض الأحزاب المشاركة في الحكومة ذكرت أنها غير مسؤولة عن الموازنة و أن ناس المؤتمر الوطني ما اشركوها في وضع هذه الميزانية؟
– ما أشركوها كيف؟ و لماذا أجازتها؟ رئيس قطاع التنمية في الجهاز التنفيذي هو مبارك الفاضل وهو أجازها في مستوى القطاع الاقتصادي التنفيذي، وهو أجازها في مجلس الوزراء، وأجيزت في المجلس الوطني !
– الآن أنا أعتقد أن الموازنة لابد من مراجعتها . لأنه من الربع الأول وضح أن كثير من الأهداف الموضوعة لم تتحقق ..أولاً رفعنا السعر الرسمي للدولار من 6 إلى 18 وفي أول شهر أضطررنا نرفعه إلى30 ، وهذا كان له إنعكاسات على الموازنة نفسها ..وله أثر على مؤشرات الإقتصاد الكلي وله أثر على مكونات النقد الأجنبي الموجودة في الميزانية، وله أثر على كل إلتزاماتك الخارجية، وبالتالي لابد من إجراء مراجعة . مؤشرات التضخم التي تم وضعها، حددت أننا سنصل بنهاية العام للرقم 19 ، نحن كنا في 34 نحن الآن نمشي في الاتجاه العكس، وصلنا 54 و سنتجه لـ60، و نتجت زيادة كبيرة جداً جداً في الأسعار و أثر كبير جداً على محدودي الدخل، وهذه الموازنة لم تضع أي زيادة احتياطية لزيادة الأجور، والسيد رئيس الجمهورية كون لجنة لمراجعة الأجور، فمن أين ستزاد هذه الأجور إذا لم تحدث مراجعة؟ أنا أعتقد أن الموازنة تحتاج إلى مراجعة على ضوء المتغيرات التي حدثت في الربع الأول للميزانية، حتى لا نضطر لاتخاذ إجراءات أكثر في الفترة القادمة .. من الأفضل أن نراجعها في وقت مبكر .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية