حوارات

تاج الدين بانقا عضو مجلس الولايات عن المؤتمر الشعبي في حوار مع (المجهر السياسي)

* هذه الحكومة ليست حكومة وفاق وطني وكل وزير فيها يعمل في جزيرة معزولة !

* إذا أخذنا مخرجات الحوار حرقناها ، فإن عمل هذه الوزارات سيستمر كما هو ، لأنه لا علاقة لما تقوم به ببرنامج الحوار!
* كيف يكون دخولنا لمجلس الولايات مكافأة و ترضية ! دخولنا حق قررته مقررات الحوار !
* ما يقال عن نسبة انفاذ المخرجات هو تقديرات شخصية ونحن لا نملك مرجعية لنقيس بها ما تم إنفاذه!
* هذه شهادة حق أقولها في حق ناس مجلس الولايات !
حوار – سوسن يس
* بعد أيام، في مايو الجاري تكون حكومة الوفاق الوطني التي تم تكوينها في مايو من العام السابق، إنفاذاً لأهم  مخرجات الحوار، قد أكملت عامها الأول ..  فكيف كان أداؤها خلال هذا العام الذي مضى؟ وهل نجحت في إنفاذ مخرجات الحوار الوطني؟ وفي تنزيلها على أرض الواقع؟  ما هي النسبة الحقيقية لما تم تنفيذه من المخرجات، و لماذا لم تنعكس على المشهد العام، وعلى الأوضاع السياسية والاقتصادية  وعلى حياة الناس الذين علقوا آمالاً عراضاً على الحوار الوطني ..?!
القيادي بالمؤتمر الشعبي، عضو مجلس الولايات، تاج الدين بانقا، قدم في هذا الحوار تقييما موضوعياً لأداء حكومة الحوار الوطني ، وعزا ضعف إنعكاس هذا الأداء على المشهد  العام لأسباب ..  فماذا قال؟ إلى مضابط الحوار:
* أستاذ تاج الدين بداية كيف تقرأ المشهد العام؟
–  إذا أردنا أن نقرأ المشهد العام فعلينا أن نرجع إلى الوراء قليلاً، لمشروع الحوار الوطني ، الذي جاء بعد مخاض طويل، بعد أن تأزم الوضع بصورة كبيرة، وعلق عليه معظم السودانيين أملهم، لكن، وللأسف ،منذ تشكيل حكومة الحوار وحتى الآن مر عام، وليست هناك بشارات واضحة، بالنسبة للوضع الاقتصادي فهو تأزم أكثر بصورة كبيرة، فإذا قلنا الحريات، الموقف في الحريات تراجع، وإذا قلنا مشروع السلام ، فهو لم يتحقق بعد رغم حملة جمع السلاح،  فما زالت هناك حركات مسلحة ،وما زالت هناك مفاوضات مستمرة وما زالت هناك أحاديث عن وقف إطلاق النار الدائم والمؤقت .. وفي كل المجالات ،لم  يحدث الانفراج ، الذي كان يتوقعه الشعب السوداني من الحوار .. هذا هو المشهد بصورة عامة .
* نعم الحوار الوطني لم يظهر له أثر على المشهد العام، ولم ينعكس على حياة الناس .. في تقديرك لماذا ؟
– في تقديري لأننا فارقنا منهج التوافق في مرحلة تكوين الحكومة .. فالمنهجية التي تم بها الحوار كانت هي التوافق والحوار جرى في مائدة مستديرة كل الأطراف كانت متساوية سواءً الحزب الحاكم أو الحزب المنشأ حديثاً، أو الحزب المشارك في الحكومة،  لكن عند تكوين الحكومة فارقنا منهج التوافق .. فالحكومة لم تتكون بالتوافق، بل تكونت مثلها ومثل سابقاتها بالتشاور الثنائي بين المؤتمر الوطني والقوى المشاركة في هذه الحكومة، سواء أكانت القوى التي هي أصلاً مشاركة، أو التي دخلت عن طريق الحوار .. وإنفاذ برنامجها لم يكن فيه روح التوافق، فأي وزير  يعمل في جزيرة معزولة، وحتى التقرير الصادر بخصوص إنفاذ مخرجات الحوار ليس به أي شكل من أشكال التوافق، دعك من روح التوافق! في تقديري هذا هو السبب الرئيسي، لأن مخرجات الحوار كانت عبارة عن حزمة كاملة، ومثلما أجيزت بالتوافق، كان من المفترض أن يتم إنفاذها بالتوافق، وأن تتم برمجتها الزمنية بالتوافق .. لكن لأن هذا لم يحدث كانت النتائج …

* مقاطعة: و لماذا هذا لم يحدث؟ هل لأن المؤتمر الوطني كان مهيمناً ومسيطراً على كل شيء في مرحلة تكوين الحكومة؟  أم بسبب طبيعة  القوى المشاركة في حكومة الحوار أنها قوى تفتقر إلى روح المبادرة أم … ؟
– لا أبداً .. لأن منهجية تكوين الحكومة قلت لك لم تكن هي التوافق .. الحكومة كونها المؤتمر الوطني بالتفاوض الثنائي بينه و بين كل حزب .. الآن الحكومة فيها أكثر من 20 حزباً وهذه الأحزاب لم تجلس على مائدة واحدة وتتوافق على تكوين الحكومة .. كل هذه الأحزاب جلست منفردة مع المؤتمر الوطني، وهو حدد لكل حزب وزنه في الحقائب الوزارية وفي المقاعد البرلمانية سواءً على مستوى المركز أو الولايات . لذلك ليس هناك تجانس .

* إذن هذه الحكومة لا ينطبق عليها اسم حكومة الوفاق الوطني؟

– اسماً فقط .. لكن فعلاً هي ليست حكومة توافق .
* هي حكومة المؤتمر الوطني ؟
– أبداً .. هي حكومة خليط من أحزاب كثيرة لكن المنهجية التي تكونت بها ليست منهجية توافق .
* من الممكن أن تكون حكومة المؤتمر الوطني و مع ذلك تتكون من خليط من أحزاب كثيرة، لا أعتقد أن وجود الأحزاب يمنع ذلك ..
( المؤتمر الوطني ممكن يكون مشغل معه هذه الأحزاب )؟!
– لا هي ليست حكومة حزب واحد لأن المؤتمر الوطني عنده أقل من 50% من الوزارات .
– ( أنا ما بقدر أقول مشغلهم) ..  الآن كل وزير هو من يحدد أولوياته و يحدد أشيائه و برنامجه، لكن لو كانت حكومة توافق ، فالبرنامج ليس برنامجك البرنامج هو ما توافقنا عليه داخل الحوار .. فمن مخرجات الحوار الوطني تكوين حكومة توافق أولى مهامها أو مهمتها الأساسية هي تنفيذ مخرجات برنامج الحوار الوطني .. الآن الوزارات ما عندها  علاقة ببرنامج الحوار، فهم الآن ينفذون برامج عادية (كأنه مافي حاجة اسمها توافق .. يعني لو شلنا وثيقة برنامج الحوار دي حرقناها، بنلقى أداء مجلس الوزراء هو نفس الأداء، وما عندها أثر على الإطلاق) .
* أستاذ تاج الدين كان من المنتظر أن يتم بعد الحوار الوطني تكوين حكومة وفاق وطني  تحدث تغييراً، وأن تنعكس مخرجات الحوار على المشهد العام، وعلى حياة  الناس ولكن ذلك لم يحدث .. أنت تحمل مسؤولية عدم حدوث ذلك لمن؟

– أنا أحمل المسؤولية إبتداءً لقوى الحوار، لأن هذا حق .. هذا واحد من مخرجات الحوار، أن يتم تشكيل حكومة بالتوافق والمهمة الأساسية لهذه الحكومة إنفاذ مخرجات الحوار .. وكون أن تأتي جهة أو حزب يغير منهجية تكوين الحكومة وهم يقبلوا، فعليهم أن يتحملوا المسؤولية .. جميعهم يتحملون المسؤولية، حتى لو المؤتمر الوطني هو الذي قام بهذا الفعل وغير المنهجية، فمن سكت على هذا هو شريك للوطني، فهم شركاء كلهم .
* من الملاحظ أن المؤتمر الشعبي متماه مع حزب المؤتمر الوطني و(ماشي معه على الخط تماماً) ؟
– لا أتفق معك . لا يوجد تماهٍ على الإطلاق .
* أنتم متماهون ومتساهلون في إنفاذ مخرجات الحوار، وما زلتم مستمرون في حكومة الحوار ، رغم أنها  لم  تحدث أي تغيير؟
– التغيير لا يحدثه المؤتمر الوطني، التغيير تحدثه أحزاب الحوار الوطني .. يحدثه كل الذين أسهموا في الحوار، لذلك كل الشركاء يتحملون المسؤولية بما فيهم المؤتمر الشعبي .. لكن بالنسبة للتماهي ،المؤتمر الشعبي غير متماهٍ لا في المؤسسة التشريعية ولا التنفيذية ، ولا على مستوى المركز ولا الولايات .. ولو نظرنا للمحطات الكبيرة، ميزانية 2018 المؤتمر الشعبي  كان له موقف ضدها، وصوت ضدها، وعبر عن موقفه  داخل البرلمان، وعقد مؤتمراً صحفياً، وأصدر بياناً، الميزانية هذه  كنموذج ولكن نحن كانت لنا مواقف واضحة في قانون الكوارث، وفي قانون الصحافة وفي غيرها.

* الحكومة تقول إنه قد تم إنفاذ 40% من مخرجات الحوار الوطني .. في تقديرك هل ما تم تنفيذه هو بالفعل 40%؟
– طبعاً سؤالك هذا يقودنا لمسألة جوهرية: ما هي المرجعية التي نقيس بها .
– لأنه ومنذ أن تكونت هذه الحكومة – وهي لم تتكون بمنهجية التوافق –  كل آليات الحوار الوطني تم حلها .. الحوار صدرت عنه مخرجات خام لم يعمل لإنفاذها جدول زمني ..  قالوا هذه المخرجات هي برنامج حكومة التوافق ،و مدتها 3 سنوات تبدأ منذ 2017 و حتى 2020 ، و لكنهم لم يرتبوا هذه المخرجات . ترتيب انفاذ المخرجات حسب أولويتها، كان ينبغي أن تقوم به المفوضية العليا .. إذا، تم هذا فكان يمكن أن نقيس بناءً على ذلك، ونقول مثلاً منذ 2017 ونحن الآن في 2018، ما الذي كان يجب أن يتم تنفيذه في هذه الفترة، وما الذي تم تنفيذه .. عندئذٍ يمكن أن نقول تم تنفيذ 30% أو 5% أو كذا في المئة  . لكن و لأنه ليست هناك مرجعية فالحكم و التقدير  الآن فردي . هناك من يرى أن ما تم تنفيذه يبلغ 50% و هناك من يقول 30 ،و قد يقول آخر: والله ما تم تنفيذه لا أهمية له ولا يعني شيئاً..
طالما نحن حكومة توافق فيفترض أن يكون لدينا معيار للقياس بمصفوفة زمنية واضحة، حتى نستطيع أن نحاكم أنفسنا في الإنفاذ .. أما ما يقال الآن عن نسبة الإنفاذ فأنا أفتكر هذا تقدير شخصي لا يصلح أصلا في الحكم على مسألة عامة .
* و بحسب تقديرك الشخصي .. كم يبلغ ما تم إنفاذه ؟

– أنا عندي رأي في مسألة الأرقام .. لأنه قد تجدين 700 توصية يتم إنفاذها، وواحدة أهم من هذه السبعمائة  قد لا يتم إنفاذها .. بالنسبة لما تم إنفاذه أنا أقسمها لثلاث مراحل .. المرحلة الأولى كانت مرحلة الرئيس، وهي المتعلقة بالتعديلات الدستورية .. لماذا نسميها مرحلة الرئيس؟ لأنه ووفقاً لدستورنا الرئيس هو الشخص الوحيد الذي يبتدر التعديلات الدستورية ..  فالتعديلات الدستورية في مرحلة الرئيس إنفاذها  تم في تقديري بنسبة عالية.. الإنفاذ ممتاز . ثم خرجت من مرحلة الرئيس و دخلت إلى الهيئة التشريعية التي تقوم بالخطوات الإجرائية .. أنا في تقديري ما تم في مرحلة الهيئة التشريعية منقوص .. فما أجيز في الهيئة التشريعية  من التعديلات الدستورية التي أودعها الرئيس كان منقوصاً ، بالأخص فيما يتعلق بمسألة الحريات ..  المرحلة الثالثة هي التنفيذية، أو ما قام به الجهاز التنفيذي .. وبالمناسبة التقرير الذي صدر قبل أيام عن الأداء أنا أفتكر أنه ضعيف جداً جداً . فأضعف حلقة في إنفاذ مخرجات الحوار كانت في الجانب التنفيذي .. وفي تقديري هذا واحد من الأسباب التي جعلت المواطن لا يشعر بمخرجات الحوار الوطني .. فالمواطن يشعر بالمخرجات  في مرحلة التنفيذ عندما تتنزل واقعاً عن طريق ما يقوم به الجهاز التنفيذي ولأن الأداء في هذه المرحلة كان ضعيفاً فهو لم يشعر بها.

* من الملاحظات بروز اسم (مجلس الولايات) بعد الحوار الوطني، أو بعد دخولكم فيه كنواب للحوار الوطني، فقبل الحوار ما كنا نسمع بإسم هذه المؤسسة التي تضم الآن عددا كبيراً من أعضاء الشعبي وأعضاء الحوار  .. يبدو وكأنما  مجلس الولايات قدم لكم  كمكافأة و كترضية سياسية لقبولكم دخول الحوار الوطني؟
– طيب .. نحن كمؤتمر شعبي عضويتنا في مجلس الولايات أقل من عضويتنا في المجلس الوطني، وأقل من عضويتنا في مجلس الوزراء، لكن إذا كان وجودنا في مجلس الولايات أحدث حراكاً وإضافة (كما تقولين)، فهذا يحمد لنا .. لكن من ناحية عدد، فنحن شخصان فقط من عضوية المؤتمر الشعبي بمجلس الولايات .. لكن أنا أقول لك: ليست عضوية المؤتمر الشعبي فقط، ولكن عضوية الحوار سواء أكان في المجلس الوطني أو في مجلس الولايات أحدثوا  إضافة ملموسة وإضافة نوعية، وكل الناس يذكرون ذلك  .. و ربما الفرق بين مجلس الولايات والمجلس الوطني أن مجلس الولايات العدد فيه أقل، لذلك تأثير عضوية الحوار يكون أوضح .. فمجلس الولايات عضويته كانت 54 عضواً، و بعد الحوار أصبحت العضوية  72 عضواً.. لكن المجلس الوطني قبل الحوار كان 426 وبعد الحوار أصبحوا 490 عضوا .. لذلك الإضافة في المجلس الوطني أثرها لا يظهر مثل الإضافة في مجلس الولايات .. أيضاً، وهذه شهادة أنا أقولها في حق ناس مجلس الولايات، نحن عندما جئنا كنواب حوار إلى مجلس الولايات، لم نجد حواجز بيننا وبين النواب  الموجودين .. نواب مجلس الولايات استقبلوا النواب القادمين بحفاوة عالية جداً، واستوعبوهم في كل آليات المجلس، لذلك هم وجدوا فرصة أكبر وأوسع في أن يكونوا إضافة نوعية، وفعلاً أحدثوا إضافة.

* إذن ليس في وجودكم كأعضاء أحزاب حوار  بمجلس الولايات مكافأة أو ترضية سياسية ؟
– كيف مكافأة؟ هذا حق من حقوق الحوار.. فمن مقررات الحوار أن تحدث مشاركة من قوى الحوار الوطني ..  والتمثيل التشريعي تم تحديده (بالنسبة) في مقررات الحوار، بينما التمثيل التنفيذي لم يتحدثوا عن مستوى المشاركة فيه (بنسبة محددة)  ونفس النسبة المقررة لمجلس الولايات هي  نسبة المشاركة في المجلس الوطني، ولكن لأن العدد في المجلس الوطني أصلاً كبير، فالناس ربما لم يشعروا بالإضافة .. لكن في المجلس الوطني نفسه نواب الحوار سيكونون قد احدثوا تأثيراً كبيراً بالتأكيد، لأن روح الحوار كانت حاضرة .. و إن كان غياب روح التوافق جعل أثر الذين دخلوا سواء في الجهاز التشريعي أو التنفيذي ليس بالصورة التي عبرت عنها مخرجات الحوار .

*هناك تساؤل  عن لزوم أو أهمية مجلس الولايات هل هو مؤسسة مهمة ؟
– مجلس الولايات أصلاً واحدة من المؤسسات الأساسية جداً في أي نظام فدرالي في الدنيا .. يعني من مطلوبات النظم الفدرالية أن يكون هناك مجلس يمثل مصالح الولايات في المركز .. في أمريكا يسمونه مجلس الشيوخ وهو موجود كذلك في 70 دولة في العالم .. يسمونه (نظام الغرفتين)  في السلطة التشريعية  .. و نحن في السودان لدينا المجلس الوطني ومجلس الولايات والتطبيق الفعال للفدرالية السياسية والإدارية والمالية وغيرها – هذه هي مهمته الأساسية .

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية