.. الصورة التي يظهر بها في هذه الأيام المعلمون الذين يقومون بتصحيح أوراق الشهادة السودانية، هي بالتأكيد صورة لا تليق بهم وبمكانتهم الرفيعة وسط المجتمع بحُكم رسالتهم السامية والدور العظيم الذي يقومون به في تعليم الناشئة وإخراجهم أعضاء ناجحين وعاملين من أجل بلادهم وأهليهم .. أعداد من هؤلاء تجدهم الآن وقد وضعوا في (معسكرات تصحيح قاسية) داخل فصول عدد من المدارس المنتشرة بولاية الخرطوم، ينامون داخلها دون معينات حياة ولو في حدها الأدنى وبعضهم يفترش الأرض ويلتحف السماء داخل هذه الحيشان، كما تجد بعضهم وقد أصبحوا كما وطلاب المدارس متجمعون أمام (دكاكين) الأحياء الصغيرة ليتناولوا طعامهم منه، والذي غالباً ما يكون زبادي صغير مع بسكويت أو كيكة صغيرة، ومنهم من يشتري الفول في صحن ضخم أو (بوش) في صحن أكبر حيث يتولى بعضاً منهم تقطيع السلطة والآخرون (فت العيش) والباقون شراء الزيت وشيء من الجبنة البيضاء ..!! ثم ينام الجميع ليغادروا فجراً وعلى الأقدام لمراكز التصحيح المعلنة ..!!! .. والله حرام عليكم .. أهكذا يهان هؤلاء الكبار في قدرهم ورسالتهم ؟!! .. أين وزارة التربية والتعليم ؟ .. بل أين نقابة المعلمين التي أصبحت لها أبراجاً بوسط البلد ؟ .. بعض من منظمات المجتمع المدني وعدد من المواطنين اتجهوا لتقديم المساعدة لهؤلاء المعلمين عبر توفير ترامس الشاي ومياه الشرب وبعض من الوجبات المتواضعة والبليلة العدسية ..!! .. ما هذا الذي يحدث .. شيء بالتأكيد محزن ومؤلم ومثير للشفقة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
