المشهد السياسي

العبرة في ما تركه هؤلاء لا غير

موسى يعقوب

الأسبوع الماضي، وأزمة الوقود في قمتها كان الأستاذ “الهندي عز الدين” قد قال في شهادته لله إنه لا جاز بلا جاز، في إشارة إلى الدكتور “عوض الجاز” وزير الطاقة والنفط في أول عهد الإنقاذ، وكان من إنجازاته أن كان للبلاد جاز وبنزين في ظرف كان فيه الحصار الاقتصادي في البلاد في قمته، وكانت “شيفرون” الأمريكية قد غادرت مواقع نشاطها وعقودها النفطية تاركة خلفها زجاجة نفط واحدة احتفل بها يومئذ في عهد الرئيس “نميري”!
“الجاز” رجل الإنجاز – حفظه الله – كان بعد أن دخلت البلاد في عقودات استخراج النفط مع شركات صينية وهندية وآسيوية رجل عمل ومتابعة لصيقة، بل كان يبيت ويقضي أياماً في بعض حقول النفط حيث الإنتاج والخطوط الناقلة التي تمددت من ولاية الوحدة إلى بورتسودان، حيث الميناء ذو الشهرة العالمية.. وقبلها إلى مصفاة النفط بالجيلي التي كانت تؤدي نشاطها بحيوية والتزام وخبرة.
وما لا ينسى لـ”الجاز” غير نشاطه وحيويته وخبرته الإدارية، هو أنه كان قد بدأ العقد النفطي بالدخول فيه بنسبة (خمسة بالمائة) بغرض توطين الخبرات النفطية وسودنتها.. ولعل ذلك ما حدث إلى حد كبير، فالخبرة في هذا المجال معروفة، و”الجاز” متعه الله بالقدرة والعافية كان من أمثاله المهندس الراحل رحمه الله، “محمود شريف” وزير الكهرباء الذي كان يبيت ويسهر أياماً وليالي في متابعة خزان الروصيرص ليطمئن على العائد الكهربائي للمحطة.
“الهندي” في شهادته لله ذلك اليوم كان قد ذكر أيضاً الدكتور “عبد الحليم المتعافي” والي الخرطوم، والوزير السابق الذي كان له عطاؤه هو الآخر وحسن إدارته لما أوكل إليه من مهام. ذلك كله كان قد سال به قلم الأستاذ “الهندي” والحاجة قد بدأت ماثلة لتعديل وزاري وإعادة هيكلة ربما للطاقم الإداري بكامله بعد ما حدث مؤخراً من أزمة وقود واقتصاد وعمل دبلوماسي.
وفي صحافة الأمس، كانت العناوين البارزة قد تناولت الإعلان عن تعديل وزاري وشيك في إطار حزب المؤتمر الوطني والتشاور مع شركائه في السلطة.. أي الأحزاب الأخرى.. وفي ذات المعنى أشارت بعض الصحف إلى احتمال عودة الدكتور “الجاز” والدكتور “المتعافي” إلى مواقع أعمالهما السابقة مرة أخرى.
القرار على كل حال هو قرار الجهات المسؤولة وترتيباتها وليس فيه ما يقلل من قيمته، وقد كانت عودة الفريق “قوش” للجهاز الوطني للأمن حالة في ذات السياق.
غير أني أقول إن العبرة دوماً في ما ترك أولئك المشهود لهم بالعمل الصالح والتجربة الحسنة التي ينبغي أن تكون مرشداً وبرنامج عمل لمن يخلفهم أو يرغب في الإصلاح المؤسسي والعملي.
فالشيخ “علي عثمان” والدكتور “الجاز” والدكتور “المتعافي” والمهندس “شرف الدين بانقا” وغيرهم كثيرون ينظر إليهم اليوم كأصحاب تجارب وخبرات لها مقامها ومكانها وما يمكن أن تضيفه للمستقبل.. ولكل مقام مقال.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية