لن يجد أي أحد وبقراءة كل الحالة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد من الغلاف إلى الغلاف ما قد يساعده في تبرير ما قام به أخيراً ومن داخل البرلمان وزير الخارجية “إبراهيم غندور”، خاصة وأن الرجل هو تحديداً الذي يجلس على (عتبة الباب الخارجي) للبلد يسمع وينظر للجميع بعينيه وأذنيه بمثلما ينظرون إليه ويسمعونه، وبالتالي فهو الأكثر علماً ودراية بحساسية ما قاله بشأن الوضع المالي لسفارات وبعثات السودان بالخارج، ولعل هذه الإحاطة هي ما تجعل موقفه غير مفهوم حيث لا يمكن تصنيف ما قاله هنا في خانة التقدير السيء، ففي تقدير كثيرين فهو أذكى من أن يغفل عن ما سيترتب على تصريحات كهذه .. إذاً لماذا فعلها غندور؟.. هل أراد الخروج من التشكيل الوزاري قبل أن يتم إخراجه منه في التشكيل المرتقب خلال الفترة القليلة المقبلة، وذلك على خلفية ما بقي في النفوس عقب الاستقالة التي تقدم بها الرجل احتجاجاً على إسناد الرئيس لملفات خارجية لبعض الشخصيات المتنفذة بالدولة.. فهكذا سيكون الخروج أكثر قوة بدراماتيكيته وقد يترك له صورة تاريخية لرجل شجاع كان يوماً وزيراً للخارجية السودانية .. هذه الفرضية اذاً تضع ما قام به “غندور” في خانة الانتحار السياسي أو بلغة أهل الدبلوماسية وأصحاب الياقات البيضاء (الاعتزال السياسي) ..