رأي

هل من وسيلة للم شمل أهل الإبداع وحل أزماتنا الثقافية؟

التجانى حاج موسى

قرار فصل وزارة الإعلام من وزارة الثقافة قرار صائب، وقد استبشرنا جميعاً بذلك القرار لكن.. وآهٍـ من لكن هذه، وأنا شاهد عصر بل كنت أحد قادة العمل الثقافي في يوم من الأيام.. وفرح أهل الإبداع عندما تم تعيين الأستاذ “السموأل خلف الله” كأول وزير للوزارة بعد فصلها من الإعلام ومبعث التفاؤل والفرح عند تعيين “السموأل” سببه أن العيش أعطي لخبازه كما يقول المثل، فالرجل ناشط ثقافي منذ أن كان طالباً، وبعد عودته مباشرة من الجامعة بالشقيقة مصر، أسس منظمة (نمارق للآداب والفنون) والتي أشرف عليها الشيخ الجليل المغفور له بإذن الله “علي عبد الله يعقوب”، ونشهد بأن نمارق استقطبت العديد من أهل الإبداع بشتى ضروبه برغم تحفظ بعض المبدعين في كون المنظمة تنتمي للتنظيم الإسلامي، وهنالك عدد من المبدعين الشباب تطوروا وكبروا تحت مظلة نمارق وأنتجوا العديد من الأعمال الإبداعية في الموسيقى والغناء والدراما وفي التشكيل وتشهد بذلك مكتبة التلفزيون القومي.. إذن كان “السموأل” الرجل المناسب في المكان المناسب.. تذكرت أيضاً الراحل بروفيسور “أحمد عبد العال” – يرحمه الله – عندما عملنا معه بالهيئة القومية للثقافة والفنون وهنالك عدد مهول من قبيلة الإبداع المشهود لهم بالدراية والعلم في المجال الثقافي، لكن كلهم كانوا كمن رموه في اليم وقالوا له إياك أن تبتل بالماء.. قلتها وأقولها مراراً وتكراراً إن علة أهل السودان في حكوماتنا منذ أن نلنا استقلالنا وذلك بنظرة كل الحكومات نظرة صفوية أو تمومة جرتق ولا تنظر إلى الفعل الثقافي باعتباره فعلاً إستراتيجياً، وأجزم أن أقل الميزانيات المتاحة من قبل الدولة هي الميزانية المصدقة لوزارة الثقافة المعروفة بميزانية التسيير الفصل الثاني، ووزارة المالية الاتحادية هي جهة الاختصاص بالدولة وهي الوصي على المال العام، وهي التي تمنح الوزارات الاتحادية الفصل الأول الخاص بالمرتبات والأجور الخ.. من بنود خاصة بالفصل الأول وهي التي تصدق بالفصل الثاني الذي تسير به الوزارات  الاتحادية أعمالها وذلك التزام واجب تنفيذه من قبل وزارة المالية الاتحادية.. إذن طالما ارتضينا النظام الاتحادي نظاماً لحكم أهل السودان اسمحوا لي بطرح أسئلة عديدة الإجابة عليها تثبت أن عجلة الفعل الثقافي متوقفة تماماً اللهم إلا حينما ينادي المنادي أن هلموا يا أهل الإبداع هنالك احتفال اقتضته حاجة الدولة يجب أن يقام.. ونتمشدق بمقولة أصبحت سمجة نقولها في مؤتمراتنا (الثقافة تعود الحياة) سؤال: إذا كانت هنالك وزارة ثقافة اتحادية لماذا لا تكون هنالك وزارة ثقافة ولائية. المعمول به الآن بالولايات وزارة ثقافة وإعلام وسياحة بالولايات.. هل يتسق ذلك والمنطق حتى من حيث شكل المُسمى؟ المفروض أن وزارة الثقافة الاتحادية هي المشرفة على تنزيل إستراتيجية الدولة لعمل الثقافة للوزارات الولائية.. هل تم ذلك؟ هل هناك علاقة وتنسيق بين المركز والولاية للنهوض بالعمل الثقافي؟ الثقافة يصنعها أهل الإبداع بالدولة، ما هي العلاقة بين أهل الإبداع والوزارة الاتحادية والوزارة الولائية خاصة في إنفاذ الفعل الثقافي؟ أنشأت الدولة صندوقاً لدعم المبدعين ما المال المخصص من وزارة المالية الاتحادية لهذا الصندوق الاتحادي؟ وهل هناك صناديق مماثلة بالولايات؟ وماذا قدم الصندوق من دعم حقيقي للمبدعين؟ وهل تشمل مظلة الدعم المبدع المقيم بالولاية؟ هنالك مجلس اتحادي للمصنفات الأدبية والفنية قانوناً من المفترض أن تكون هناك مجالس مصنفات ولائية.. هل تأسيس تلك المجالس بعدد ولايات السودان؟ وما العلاقة بين المجلس الاتحادي والمجالس الولائية؟ وهل شاعت ثقافة الملكية الفكرية من خلال مجلسها الاتحادي والمجالس الولائية.. إن كانت حقاً قائمة؟ هناك شرطة مصنفات اتحادية، هل هنالك شرطة مصنفات ولائية؟ نتحدث عن انفلات منشط الغناء إلى أي مدى لعب المجلس الاتحادي وإدارة الرقابة والشرطة ومجلس المهن واتحاد المهن الموسيقية والكيانات الثقافية بالمركز والولايات بالنهوض بأعبائهم الخاصة بالرعاية والعمل على تفعيل الفعل الثقافي والاهتمام بالمواهب؟ لماذا توقفت المهرجانات القومية للثقافة والفنون ومن المفترض أن تقام مثلما تقيمها كل الدول التي تعتد بالثقافة؟ أظن أننا انجزنا فقط ستة مهرجانات.. أليس كذلك؟ وبشق الأنفس ولا ترقى لمستوى ثقافة وحضارة وتراث أهل السودان..

هنالك جزر معزولة للفعل الثقافي تحتاج هذه الجزر إلى جسور تربطها ببعض.. ما معنى أن يكون هنالك كيان تحت اسم الاتحادي القومي للأدباء والكتاب السودانيين بالمركز وعلاقته واهية بالأدباء والكتاب والشعراء بالولايات؟ وكذلك اتحاد شعراء الأغنية السودانية وهو اتحاد عريق توقف نشاطه تماماً وداره جنوب المسرح لم تكتمل وأصبحت خرابة للكلاب الضالة.. ما علاقة هذا الاتحادي والمفترض أن يكون قومياً بشعراء الغناء بالولايات؟ ونفس السؤال لاتحاد أهل الدراما والتشكيل ولكيانات اتحادية من المفترض أن تكون ناشطة في العمل الثقافي.. هل نقترح قيام مؤتمر مثلا مؤتمر الحوار الوطني.. وماذا تم عن تنفيذ التوصيات الخاصة بالإبداع والمبدعين المضمنة في توصيات الحوار الوطني؟ كم طبعنا من مصنفات المؤلفين مبدعين سودانيين على نفقة الدولة؟.. وأسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات..

ولو أمعنا النظر في الأسئلة نجد أن الثقافة لدينا ليست فعلاً إستراتيجياً ولو كانت بحق لما نشبت حرب ولا عشنا شقاقاً ونزاعات ولا عانى الوطن من مشكلات اقتصادية والإنسان المثقف يعلم تماماً ما دوره تجاه أمته.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية