الرئيس "البشير" في افتتاح الدورة السادسة للبرلمان .. حديث السلام والتنمية
بعد عودة رئيس الجمهورية “عمر البشير” من أديس أبابا يحمل معه رزمة أوراق الأمل ممثلة في (9) اتفاقيات في التجارة والأمن وأمن الحدود، وتبقى تطبيق البنود بعد التوقيع الرسمي بشهادة دولية ومباركة إقليمية.. صادق مجلس الوزراء على كل الاتفاقيات وأشاد بالفريق “سلفاكير ميارديت”، وتلقى الرئيس هاتفاً من مولانا من القاهرة بواسطة “الخليفة عبد المجيد”، ولم يكتف “المهدي” بفلذة كبده “عبد الرحمن الصادق” بل بارك وأشاد، كما أوضح وفسر وحذر، أما أحزاب الحكومة العريضة فزغردت للاتفاق واتفقت بالتالي كل الساحة، حتى المؤتمر الشعبي أثنى عليه باعتبار أن الحوار هو الطريقة المثالية لحل المشكل السوداني، ونظر الحزب الشيوعي إلى التفاصيل منتظراً النتائج الحقيقية على أرض الواقع.
في ظهيرة أمس (الاثنين) انعقدت أولى جلسات الهيئة التشريعية (البرلمان) للمصادقة على اتفاق أديس وبحث تكويناته وفهم إمكانية تنفيذه وتنزيله على الأرض.
بدأت الجلسة بآيات مختارة تلاها النائب “دفع الله حسب الرسول” صاحب الملاسنة الأخيرة مع وزير الصحة في مسألة (الكاندوم)، واختار حسب الله آيات ربما موجهة للقيادة مثل (وجاهدوا في سبيل الله)، (والسارق والسارقة)، (فإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط)، (وكيف يحكموك وعندهم التوراة فيها حكم الله)، (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور)، (فاحكم بينهم بما أنزل الله واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله)، (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة)، (أفحكم الجاهلية يبغون)، (وأن احكم بما أنزل الله إليك ولا تتبع أهواءهم).
هذا التقديم والحشد للآيات الكريمة في جلسة برلمانية لمناقشة ومصادقة اتفاق مع دولة مسيحية جارة ربما يكشف خلفية بعض النواب للطريق الذي يجب أن تمضي فيه الأمور، وجاء تقديم رئيس البرلمان الأستاذ “أحمد إبراهيم الطاهر” حول كيفية تنفيذ أول اتفاق ثنائي بعد نيفاشا، كما نعي باسم النواب “فتحي خليل” و”حامد الأغبش” و”جعفر محمد علي” وشهداء طائرة الحمرة، منوهاً لكتابة الخطاب قبل وقوع الحادث الأليم، منتظراً توضيحاً موسعاً من وزير الدفاع لاحقاً، كما أكد على مضي سياسة التقشف المعلنة بتقدم ملحوظ في برنامج الإصلاح الاقتصادي قائلاً: سنمضي في الرقابة وتخفيض الهياكل وإنهاء ممارسة التجنيب في الوزارات وضرورة فك الارتباط مع المجموعات المسلحة.
{ خطاب الرئيس.. فكرة عن المستقبل:
وقال الرئيس بعد أن حمد الله وأثنى عليه: (هدفنا الوصول لسلام مع دولة الجنوب، ومسيرة التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي مستمرة بإعلان ملامح الجمهورية الثانية ومطلوباتها على صعيد الأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجية.. جلسنا ستة أيام حسوماً للمصادقة على الاتفاق، وتمت بالفعل وبالرغم من نشاط خصومنا والتآمر الداخلي والخارجي).
وأثنى الرئيس على المواطن السوداني لأنه تحمل كل المصاعب، مؤكداً أن المساحة المزروعة تقدر بملايين الأفدنة لزيادة الإنتاج ودعم الموازنة الجديدة لاستدامة الاستقرار الاقتصادي، وذكر الرئيس خطة الدولة والحكومة في الموازنة الجديدة في الكهرباء والسكة حديد والذهب وتعدينه والحديد والفولاذ والنحاس، وعرج على التماس الحكومة الروسية بالأمم المتحدة لتعويض حكومة السودان خسائر الهجوم على هجليج، وذكر بشريات المستقبل ببداية التنقيب في (9) مربعات بواسطة (72) شركة ممثلة كل قارات الدنيا الست.
وخاطب “البشير” البرلمان بضرورة رأب الصدع الاجتماعي، مشيراً إلى مواعيد مهمة في ديسمبر القادم سيكون فيها مؤتمر دعم سلام دارفور الدولي والإقليمي كطريق يعبد العدالة والتنمية بين كل الفرقاء، وأطلق الرئيس “عمر البشير” نداءً عالياً بالعودة لكل من تمرد ورفع السلاح، وقال إن الوطن يسع الجميع.
ومن منصة البرلمان المتجهة غرباً تحدث الرئيس عن الشرق بتنفيذ (598) مشروعاً عبر صندوق تنمية الشرق بنسبة 100% وبتكلفة (149) مليون جنيه وتبقت (7) مشروعات للتنفيذ تمثل 40%، كما أكد على اكتمال كثير من المدارس والكباري والمستشفيات ومصائد الأسماك، مشيراً إلى تزايد الإقبال علي المساجد وأداء الشعائر الدينية وبروز برنامج بين الراعي والرعية، كما أشاد بوقفة الشعب السوداني بقوة ضد الرسوم والفيلم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) واعتبرها تعبيراً واضحاً عن توجهات الجمهور، وأضاف أن المرأة شريك أصيل لبناء مجتمع الفضيلة.
كما أشاد البشير بثلاثة فرق سودانية وصلت لمرحلة متقدمة في البطولة الكونفدرالية، ودخول فرق ولائية.. ونادى البشير بضرورة التحلي بالروح الرياضية وحل المشكلات دون زهو زائد أو غرور وبآليات مناسبة في الوسط الرياضي، متمنياً أن تكون الرياضة مشواراً من التواصل بين المجتمع السوداني.. كما عرج الرئيس لدور الصحافة في التوعية ونشر المبادئ الوطنية والتنوير بالطرح المهني والموضوعي الهادف تلك الصحافة، لإرضاء الله والوطن ومجانبة الإثارة، وطلب من الجميع الفعالية والحيوية. وترحم البشير على جميع شهداء الطائرات والشهداء في مسارح العمليات.
{ مع النواب
في أول جلسة افتتاحية، أطلق في بهو المجلس بخور نفاذ وجهزت وليمة شاي وظهر النواب بشوق عظيم لبعضهم متبادلين النكتة والضحك، وتبادل “مسار” و”مصطفى عثمان إسماعيل” كلمات عابرة، وأفاد مسار بأنه لا تغلبه الحيلة لأي جهة ينتمي، وتمنى التوفيق للأخير، بينما احتفظ “قوش” بضحكة ترحيب غامضة لكل من يحييه، وكان صوت الرئيس به بعض الإرهاق مرتدياً عباءة (بيجية )متناسقة مع ديكور المجلس، وكان وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين” يتجول في بهو القاعة، يلقي السلام ويبادل محدثيه النقاش.. ومسح “بكري حسن صالح” القاعة بنظرة جنرال في استراحة آخر المشوار، وانقطع الضوء من شاشة قراءة السيد رئيس الجمهورية، وكان “عماد سيد أحمد” منهمكاً في المتابعة ولم يسعفه مناولة الرئيس آخر ورقة لمواصلة تلاوة الخطاب، وجاء الدكتور “نافع علي نافع” متأخراً بعد دخول الرئيس.
وتراوح انطباع النواب عن خطاب الافتتاح والموازنة بين جيد وممتاز، وقال نائب ــ طلب عدم ذكر اسمه ــ إن الخطاب إنشاء متين ينتظره تحدي التنفيذ والعمل، وقال وزير الصحة “أبو قردة” إن الخطاب كان شاملاً وحاملاً موجهات للصحة والرعاية والخدمة التأمينية، كما أشار لاتفاق الدوحة والشراكة مع العدالة في تنفيذ الاتفاق، وأكدت الأستاذة “حليمة حسب الرسول” أن الخطاب ممتاز لامس جميع القضايا، وقال الدكتور “إسماعيل حسين” رئيس كتلة المعارضة بالبرلمان إن الاتفاقية أعادت العلاقة مع الجنوب لوضعها الحقيقي (التفاوض لا الاحتراب) وأن تكون الحدود مفتوحة، وأضاف أن الخطاب ليس به جديد ويعبر عن حالة التكدس التي وصلتها إدارة البلاد، معيباً على ذات الاتفاق الإبقاء على عقلية “نيفاشا” لأنها تركت قضايا مهمة عالقة.
فيما قال النائب “محمد صديق دروس” إن في خطاب الرئيس لغة تصالحية من خلال دعوته للسلام والتعاون مع دولة الجنوب.
///////////////////////////////////////////////////////
{ خرج نواب المجلس الوطني عقب خطاب رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير”وأخذوا ينزلون إلى باحة القاعة الداخلية للمجلس الوطني، وأغلبهم يرتدي الزي القومي (جلابيب بيضاء)، فيما ارتدى معظم الوزراء بدلة كاملة والبعض (اشتراكية)، لا شرقية ولاغربية.
{ في الخارج كان الهدوء يخيم على الساحة الخارجية للمجلس، وكان الأستاذ “كمال عبد اللطيف” ورجل الأعمال “جمال الوالي” أول الخارجين، ولم تمض دقائق حتى ظهر رجل المخابرات ومدير جهاز الأمن السابق “صلاح قوش” فسألناه عن إشاعة في المدينة تتحدث عن ترشيحه لمنصب والي ولاية، فابتسم وقال لرفيقي: أنت قلت ذلك.. سألناه متى يتحدث “قوش” فأجاب: (أتكلم في الوقت الذي أراه أنا مناسباً).
{ وزير المالية” علي محمود” قال معلقاً على نزول وصعود الدولار: سينزل إلى السعر الموضوعي. وحول الالتزام الصارم بتطبيق التقشف الحكومي دافع وانفعل الرجل حينما قلنا له إن ذلك كان صورياً ولم يتم تطبيقه بحزم، وقال بانفعال: (نحن بالفعل نقوم بتخفيض الإنفاق الحكومي، ودللوا لي على ما تقولون عن مبانٍ جديدة، لم نشيد مباني جديدة مطلقاً)، ثم قال بانفعال أكثر: من قال لك إن الدولة تفتقر إلي الموارد؟ وأضاف موجهاً حديثه إلينا: (طيب الدولة دي ماشة كيف؟، إيراداتنا بنعتمد فيها على الضرائب والجمارك وإنتاج البترول السوداني).
{ رئيس حزب (العدالة والبناء) الليبي “محمد صوان” الذي كان ضيفاً في هذه الجلسة، حضر من ليبيا لزيارة السودان والتفاكر مع حزب (المؤتمر الوطني)، قال لـ (المجهر): نحن حزب ناشئ حديثاً في ليبيا، ولدينا ثاني أكبر كتلة في البرلمان، أتينا لزيارة السودان لتبادل الخبرات مع (المؤتمر الوطني)، ولزيارة بعض المؤسسات، ونحن نشكر ونقدر دعم السودان لثورة (17) فبراير الليبية. سألناه عن إمكانية قيام تكامل مصري سوداني ليبي في ظل هذا العالم الذي يشهد تكتلات اقتصادية فقال: الوحدة ضرورية بين هذه الدول، فما أعطي للسودان لم يُعط لليبيا، وما أعطي لليبيا لم يعط لمصر وهكذا، وإذا ما حسنت النوايا فإن تكاملا حقيقياً يمكن أن يحدث بين هذه البلدان الثلاثة.
{ طلبنا من وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي “أميرة الفاضل” التعليق على خطاب رئيس الجمهورية فقالت: (أهم ما جاء في هذا الخطاب أنه تحدث عن المواطن والاهتمام به، ولقد دار كله حول هذه الفكرة الأساسية، خدمات واحتياجات المواطنين).
{ سألنا “الزبير أحمد الحسن” عضو وفد التفاوض عن قبول الحكومة بتقسيم منطقة (أبيي) وخروج نفي لهذا القبو،ل فقال بشكل واضح: (لقد قدموا لنا (6) مقترحات في قضية أبيي، فاخترنا منها خيار التقسيم، ولكن الجنوبيين لم يوافقوا بهذا المقترح، وبذا قمنا بالانسحاب).
{ أخيراً علق زعيم “المحاميد” موسى هلال” على اتفاقية أديس أبابا فقال: (دايرة زمن ومواكبة تنفيذ، فالتوقيع علي الورق ليس وحده ما يعالج المشاكل، فلا بد من أعطاء هذه الاتفاقية المساحة الكافية).