النائب الأول لرئيس حزب الأمة القومي اللواء “فضل الله برمة ناصر” في حوار الساعة مع (المجهر)
“الصادق المهدي” أقنع حمَلة السلاح بنبذ العنف وكان ينبغي أن يجد التقدير والإشادة..!
نحن مع المؤتمر الشعبي في مطالبته بالحريات وإيقاف الحرب
الرئيس تحدث عن (القطط السمان) بينما تم القبض على الأولاد (السارقين قرشين تلاتة)!
مكان “مبارك الفاضل” الطبيعي هو حزب الأمة وليس أي مكان آخر..!
عدّ النائب الأول لرئيس حزب الأمة القومي اللواء (م) “فضل الله برمة ناصر” الدعاوى الجنائية التي دونت ضد رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” عقب توقيعه لاتفاق مع الحركات المسلحة نوعاً من الكيد السياسي. ووصف “برمة” في حواره مع (المجهر)، عقب الإجراءات القانونية التي اتخذت ضد رئيس الحزب، تلك الإجراءات بأنها إغلاق للباب أمام حل قضايا البلاد عبر الحوار، وتساءل عما إذا كان اتهام “المهدي” كذلك من قبل بعض القوى السياسية بالتواطؤ مع الحكومة هو جزاء تمسكه بالنهج السلمي والحوار. وشدد ناصر خلال حديثه، على أن السودان ملك لأبنائه كافة، ولا يمكن لجهة واحدة الادعاء بأنها تملك صكوك الوطنية.. فإلى مضابط الحوار.
حوار- وليد النور
{ كيف ينظر حزب الأمة القومي للبلاغات التي دونها جهاز الأمن ضد رئيسه؟
_ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.. جهاز الأمن فتح هذه البلاغات بدون شك من وجه نظره نتيجة لجرائم ارتكبت، وأنا أتساءل هل هنالك جرائم ارتكبت أم لا؟ وأقول إن مشكلة السودان الأساسية هي استمرار الحرب في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.. وجميع الأزمات الأخرى التي يعاني منها السودان هي إفرازات لهذه الحرب، سواء أكانت اقتصادية أو أمنية.
{ إذن ما هو الحل؟
_ السودان لديه خبرات ثرة نتيجة للحروب التي عاشها منذ الاستقلال، مثل حرب الجنوب، ووصلنا إلى قناعات أن قضايا الحرب لا يمكن أن تحل بالإجراءات الأمنية والقانونية. وبلا شك، لا يختلف اثنان، أنه بدءاً من اتفاقية “لاقو” وحتى اتفاقية “قرنق”، وما بينهما، كلها تؤكد أن الحرب لن تحل القضايا السياسية.. والقضايا السياسية يجب أن تُحل بالوسائل السلمية وعن طريق الحوار، بالتالي فإن هذه البلاغات التي فتحت، فتحت نتيجة للإعلان السياسي الذي وقعه السيد “الصادق” مع الحركات المسلحة وقوى (نداء السودان). وبالرجوع إلى الإعلان نجد أن سيد “الصادق” أقنع حمَلة السلاح بأن يوقعوا على إعلان نبذ العنف، وأن الجلوس حول طاولة المفاوضات هو الطريق السليم لحل هذه القضايا، لم يوقع معهم لشن حرب على السودان.. وكنت أتوقع أن تجد هذه الخطوة الإشادة وتقابل بالتقدير وليس بفتح البلاغات.. هذا الأمر الأول، والأمر الثاني أن هذا السودان وطن للجميع ومن حق أبنائه جميعاً أن يبذل كل شخص جهده لإيجاد المخرج السليم لوطنه، بالتالي يتضح جلياً أن النهج الذي انتهجه سيد “صادق” هو النهج السلمي، والتجارب لدينا كلها أثبتت أن العنف لا يحل المشاكل، بالتالي، السودان في أزمة حقيقة.
{ بعد توقيع الإعلان سيد “صادق” صرح بأنه سيبقى في الخارج وأن عودته ستكون وفق توجيهات حزب الأمة وقوى (نداء السودان).. هل كان يتوقع هذه البلاغات؟
_ البلاغات التي خرجت بالأمس سبقتها عدة تهديدات من قبل الحكومة، ومن أعلى مستوياتها بمساءلة أي أحزاب توقع اتفاقات مع فصائل عسكرية ومحاسبتها قانونياً. وهنا أنا أتساءل: هل توجه المساءلات القانونية للناس الذين يسعون لإيجاد مخارج سلمية للوطن أم توجه لمن يرفض هذا النهج؟ هذا هو السؤال.. ونفتكر أن التوقيع إجراء سليم لحل القضية.. الأمر الثاني هذا التوقيع مواصلة لجهود إعلان باريس في 2014، ووقع فيه سيد “صادق” مع هؤلاء الناس على وقف القتال والمحافظة على وحدة السودان وعدم المطالبة بحق تقرير المصير.. الحكومة في البداية اقتنعت، لكن في بدايتها، قالت إعلان باريس مخطط لمهاجمة الفاشر، وفي النهاية رجعوا واقتنعوا وأرسلوا “أحمد سعد عمر” و”غازي صلاح الدين”، وذهبوا في ديسمبر 2014 إلى أديس أبابا، وكان مولد (نداء السودان). وبعد ذلك كانت قرارا مجلس الأمن والسلم الأفريقي (456) و(563). كانوا يتحدثون عن تهيئة المناخ لإيجاد حلول سلمية، ما أدى– بعد ذلك- إلى خارطة الطريق التي وقعت عليها الحكومة في مارس 2016م، وقد وقعت معنا المعارضة في أغسطس 2016م، وطوال هذه الفترة بذل سيد “الصادق”، جهداً لإيجاد حلول سلمية، بل إن سيد “صادق” متهم من القوى السياسية بأنه يتواطأ مع المؤتمر الوطني، هذا رد الجميل؟! ليختشوا! شخص أفنى كل حياته وكل الناس يعرفون ذلك. أفتكر أن القضية قضية وطن، والوطن وطن الجميع ومافي احتكار للوطن من جهة معينة لتحرم أبناء الوطن الآخرين من أن يبذلوا جهدهم ليجدوا مخارج لوطنه.
{ ما هي الدلالات السياسية للدعاوى المفتوحة؟
_ أفتكر القرارات الأخيرة هي قفل لكل الأبواب أمام كل الساعين لإيجاد مخرج لبلدهم.. السيد “الصادق” كان يقول نحن في المعارضة الأسبقية لدينا هي أن نجلس حول طاولة الحوار، أسوة بتجربة جنوب أفريقيا، وإذا النظام رفض نذهب إلى الانتفاضة وهي عملية سلمية.
{ البعض يعيب على حزب الأمة رغم أنه صاحب أغلبية لكنه لم يستغلها في التظاهرات؟
_ هذا كلام حقيقي، فنهجنا نهج سلمي.. وهذه البلاغات ليست من مصلحة السودان.
{ لكن في 2014 فتحت البلاغات وتم اعتقال سيد “صادق” وخرج بتسوية سياسية؟
_ لم تتم تسوية، لأن الدعوى كانت على باطل.. وهم عندما فتحوا بلاغاً استدعوا “أحمد هارون” وناظر البديرية ليشهدا أن السيد “صادق” حرض هؤلاء الناس وجاءت شهادتهما في “صالح سيد صادق”.
{ كيف تقرأون خطاب الرئيس أمام البرلمان وهجومه على قوى (نداء السودان) وحديثه عن محاربة الفساد و(القطط السمان)؟
_ الفساد ظاهرة سيئة، وظاهرة لا تخرج من فراغ، والفساد هو الذي هد اقتصاد هذا البلد، والفساد هو الذي قادنا للحالة التي نعيشها الآن من أزمات في الوقود والمجاعة، كلها وراءها الفساد، لكن هذا الفساد محمي.
{ كيف.. ومن هو حاميه؟
_ السودان دولة غنية فما الذي يجعل عملته تنزل إلى الصفر، ويجعل ناسه يتصارعون على لقمة العيش، وكل الصادر لا يعود، ووزير الصناعة صرح بأن الذهب يُهرّب من مطار الخرطوم في الوقت الذي تقول فيه المعلومات إن السودان أصبح الدولة الأفريقية الثانية في تصدير الذهب، والتاسعة على مستوى العالم. ولكن خيراته تُهرّب.. أليس هذا فساد محمي؟ معناها كل صادرات البلد التي تخرج لا تعود.
{ ما هي الطريقة التي يمكن عبرها محاربة الفساد؟
_ الفساد تتم محاربته بتنسيق جهود أجهزة الدولة الثلاث: التنفيذية، التشريعية والقضائية.. الجهاز التشريعي يفترض أن يسن القوانين الرادعة، والجهاز التنفيذي يقوم بدوره عبر أجهزة الرقابة، والجهاز القضائي الذي يحمي الدستور يشكل المحاكم، فماذا حدث؟ لم نر الجهاز التشريعي يصدر قوانين رادعة، وكله كلام؟ وبالأمس رئيس القضاء شكل محكمة خاصة بمحاربة الفساد، وهذا أمر جيد، لكن أين الأجهزة التنفيذية التي تلقي القبض على المتهمين وتحضرهم إليها؟ الحكومة هي المسؤولة عن ذلك.
{ لقد تم مؤخراً القبض على بعض المشتبه بهم؟
_ قبضوا الأولاد، الرئيس قال (القطط السمان).. وبناء على القوانين الشديدة التي أصدرها المجلس التشريعي والمحكمة التي شكلها رئيس القضاء يجب أن يقدم الناس الكبار وليس الأولاد السارقين ليهم قرشين تلاتة، وهم معروفين، وأنا عارف وإنت عارف والناس كلها عارفة.. تقطع رؤوس.. وبالمناسبة هذه عملية ضارة، وهي حدثت بمرور الزمن والناس لم تتصدَ لها أولاً بأول حتى وصلنا إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي.
{ الرئيس أطلق مبادرة الدستور الدائم للسودان؟
_ شوف يا ابني.. هذا الدستور بدون شك شيء عظيم وهو الذي يجعل الناس يعرفون حقوقهم وواجباتهم، وفي هذا السودان ناس كتار مظلومين، الدستور يجعلنا نعرف حقوقنا وواجباتنا. وهو الذي يحمينا من الفساد ومن كل عمل رذيل.. بالتالي صناعة الدستور أمر، وإجازة الدستور أمر آخر.. صناعة الدستور يجب أن تشارك فيها كل قطاعات الشعب السوداني، والأهم من ذلك أن يتم في ظل الحريات الكاملة حتى يعبر الناس عن أنفسهم بحرية ويشاركوا فيه، وبعد ذلك تأتي إجازة الدستور، ويفترض أن تجيزه جمعية تشريعية منتخبة، وبعد ذلك يعرض لاستفتاء.. لكن الآن الحريات غائبة، فالقوى السياسية والمثقفون والشرائح الحية يفترض أن تدلي بدلوها في الدستور.. والدستور، أفتكر في المقام الأول تتم صناعته في مناخ الحريات ويشارك في صناعته كل الناس وليس جهة واحدة حاكمة.. الآن نؤكد على أهمية الدستور، ودستور 2005 كان جيداً لكن بدأوا يدخلون فيه تعديلات، وهي أضرت بالدستور.. وهذا نتيجة لغياب الحريات.
{ المؤتمر الشعبي كانت لديه مبادرة للسلام؟
_ الشيخ “الترابي” بصرف النظر عن الدواعي والأسباب، كان لديه طرح بالنسبة للحوار وأهم ما فيه هو تمسكه بالحريات وإحلال السلام، ونحن نتفق مع المؤتمر الشعبي على أن بند الحريات هو البند الأساسي، لأنه إذا وجدت حريات سنتغلب على مشكلة الحرب.. والجهد المبذول من المؤتمر الشعبي ومناداته بالحريات وإيقاف الحرب نحن معه.
{ هنالك لجنة لمّ الشمل وأنت المسؤول عن هذا الجانب.. أخيراً تم تعيين “إبراهيم الأمين”.. ما موقف البقية؟
_ شوف.. أريد أن يفهم الناس بالضبط، نحن عندما نتحدث عن لمّ شمل الحزب لا نقصد أحزاب الأمة المشاركة في الحكومة، وحسب الدستور من يذهب ويكوّن حزباً هو خارج حزب الأمة.
{ لا.. أنا أتحدث عن مجموعة “مادبو” وآخرين؟
_ المجموعة التي فيها دكتور “إبراهيم الأمين” و”مادبو”، نحن الآن في حوار معها، وإن شاء الله في اليومين القادمين نصل لنتيجة طيبة.. طبعاً هو موضوع حوار وإقناع.. نحن ما (ناس أخنق فطس)، نريد حل القضية بالإقناع وكل مناقشاتنا مع بعضنا البعض كانت إيجابية.. وأريد أن أؤكد لك أن الناس في الطرفين لديهم فهم متقدم جداً على أهمية جمع صف حزب الأمة والتصدي لقضايا الوطن، وليس فيهم من يطالب بمطالب شخصية لكن مطالب وطنية.
{ تم تأجيل المؤتمر العام لأكثر من مرة؟
_ المؤتمر العام هو إعداد للمؤتمرات العامة بالطريقة السليمة.. هو عملية ليست سهلة.
{ هناك أحزاب عقدت مؤتمراتها؟
_ لا، هؤلاء هم ناس (عدي من وشك).. المؤتمر العام يجب أن يكون فيه تمثيل حقيقي للقواعد، وحزب الأمة أكثر حزب لديه قواعد منتشرة في كل السودان، ونحن نبدأ من القرية.. نريدهم أن يجلسوا مع بعضهم البعض ويصعدوا ناسهم، وأي شخص يأتي للمؤتمر العام يأتي مُصعّداً، سواء أكان في التصعيد الجغرافي أو الفئات أو الطلاب أو المرأة.. أي زول يحضر المؤتمر العام يأتي ممثلاً لناس، وهنالك ظروف تعوقنا، منها ظروف الحركة وظروف مادية كثيرة جداً.. لكن نحن مصممون نعمل مؤتمرنا العام، لكن يعمل بكل المقاييس السلمية.
{ أنت تحدثت عن أسباب مادية لكن كل الأحزاب ليس لديها حساب مفتوح وتمويلها حوله لغط كثير؟
_ أكثر دعم يأتينا من إخواننا المغتربين، وحزب الأمة لديه تنظيمات في المهجر، في أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا والدول العربية، ولدينا تنظيمات قوية وناسنا أسخياء جداً، ونحن معتمدون على أنفسنا وعلى إخواننا في المهجر، وهم ما قصروا وهم (ضُراعنا الأساسية)، لكن المشكلة المادية صعبة جداً، وظروف البلد نفسها غير مهيأة وسيئة وغير مساعدة. لكن الأفضل أن يكون لديك تصور كامل، وكما قلت لك إننا نريد إتباع الإجراءات السليمة بما في ذلك إقامة الورش، لمراجعة الدستور، والآن لدينا تصور أن المرحلة القادمة هي مرحلة الشباب والتنوع.
{ الأحزاب التي خرجت من حزب الأمة ليست لديها مشكلة في رئاسة سيد “صادق” للحزب.. الخلاف يأتي في نائب الرئيس والأمانة السياسية؟
_ هذا فيما يخص “مبارك” وليس الآخرين.. أنا لا أريد الحديث عن الصراع في قيادة حزب الأمة.
{ “مبارك” ليس لديه خلاف حول رئاسة سيد “صادق” وقال الخلاف في التقسيمات الأخرى؟
_ أبداً هذه كلها منتخبة في آخر اجتماع للهيئة المركزية، وكان “مبارك” يريد الرجوع واتفقنا على دخول ناس “مبارك” لكنه طالب الهيئة المركزية بأن تقوم بتغيير الدستور حتى يكون نائب رئيس الحزب منتخباً، والعرف المتبع في كل العالم الرئيس يختار نوابه، لكنه أصر.. اسأله لماذا رجع؟ ولماذا رفض؟ وذهبنا لـ”محمد إبراهيم” الخبير القانوني وقال لا توجد جهة تغير الدستور إلا المؤتمر العام.. الباب مفتوح، وأفتكر مكان “مبارك” الطبيعي في حزب الأمة، ولا يوجد له مكان آخر.
{ الحزب الشيوعي رفض إعلان (نداء السودان)؟
_ التظاهرات الأخيرة المعارضة اتحدت فيها، ويوجد في المعارضة من يؤمن بمنهج (نداء السودان)، وفي ناس يؤمنون بطرح (قوى الإجماع الوطني).. ولكنهما الاثنين- (نداء السودان وتحالف قوى الإجماع الوطني)- اتفقا على أن يعملا بناءً على الأهداف والبرامج.