تقارير

· توقف العمليات وسط حالة من الشلل تصيب مستشفى ودمدني لأمراض وجراحة الكلى …!

· تنقلات واسعة للفنيين والتقنيين تشمل 121 من الكوادر والعمال، تفاجأ بها حتى المدير العام ..!

وصفت بغير المدروسة، تضرر منها المرضى ،تجب مراجعتها…!

ود مدني – زهر حسين

يعتبر مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى، مستشفى مرجعياً لكل ولايات السودان ، إلا أن قرارات وزارة الصحة الأخيرة، التي تمثلت في نقل (121) موظفاً بمختلف تخصصاتهم ،لم لم تحقق مردوداً ايجابياً، بل تسببت في حدوث كارثة كبيرة تضرر منها المريض، أبتداء بتوقف العمليات. فقد قضت قرارات وزارة الصحة بنقل عدد من الكوادر الطبية شملت حتى الاختصاصيين ومديري المستشفيات والإداريين ،وحتى العمال بمختلف تخصصاتهم ، بحجة أن القرارات هدفت للاستفادة من الخبرات المتراكمة ومحاربة الفساد، ولكنها لم تحقق – فيما يبدو – الاهداف المتوخاة منها ، كما تمنت وزارة الصحة ، بل تمت، على الارجح ، خصما على حساب المرضى والأداء وتقديم الخدمة. فقد ظهر ذلك في مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى بحدوث شلل تام في تقديم الخدمة الطبية للمرضى .بداية بتوقف العمليات ونهاية بتوقف أبسط الخدمات، مثل غسيل (مرايل) العمليات ونظافة النفايات الطبية وعربات شفط مياه الصرف الصحي، وغيرها . (المجهر) تقصت في أصل القصة، ووقفت على التفاصيل من خلال زيارة ميدانية

 

أصل القرار

أصدر مدير عام وزارة الصحة دكتور “نزار القدال” قراراً قضى بنقل عدد (121) مرة واحدة، من كادر وموظفي مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى بمن فيهم موظفون بعدد من الإدارات وعمال وسائقون وعمال مغاسل ، وهم الذين يقومون بغسل (مرايل) العمليات والكوادر المساعدة والإحصاء، وكشف مصدر من داخل مستشفى الكُلى فضل حجب اسمه أن القرار صدر من وزارة الصحة ،أواخر الأسبوع الماضي مباشرة من المدير العام، دكتور “نزار القدال” ولم يصدر من مدير عام مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة، الكُلى دكتور “عبد المحمود محمد عبد الله” .ووصف المصدر القرار بأنه غير مدروس، وتم أتخاذه دون الرجوع للإدارة ،أو حتى معرفة طريقة العمل داخل المستشفى ، وصدر في غياب المدير العام ، والذي تفاجأ مثله مثل العاملين، وأضاف المصدر أن تفصيلات القرار شملت نقل (11) من الفنيين بالمعمل ومحضري العمليات، علماً بأن الكوادر داخل المعمل صرفت عليها وزارة الصحة الاتحادية والولائية وإدارة المستشفى الكثير للتدريب بالخارج ، بدول الصين والهند ،حتى تدربوا على نظام العمل داخل المستشفى ، لخصوصية مريض الكلى ، مع العلم أن المستشفى تعمل بنظام واحد، إذا اختل هذا النظام اختل العمل بالمستشفى. كذلك شمل القرار (10) من موظفي الإحصاء و( 3) من عمال المغاسل، والبقية من مختلف الأقسام حتى بلغ عددهم (121) من موظف لعامل. كذلك، كشف المصدر أن جميع الذين تم الاستغناء عن خدماتهم بالمستشفى يحملون ملفات بشهادات جامعية، تم إدراجهم بوظائف عمالية، ولم توفق إدارة المستشفى أوضاعهم، كما لم تعالج لهم مسألة الوظائف. وبعد صدور القرار الذي قضى بتحويلهم من مستشفى الكُلى إلى إدارة هيئة النظافة بالولاية ،وإدارة البيئة ، وبالفعل ذهبوا إلى هناك بملفاتهم لتنفيذ نص القرار ،إلا أن تلك الإدارات رفضت استقبالهم ، كموظفين بحجة عدم وجود عمل ،فرجعوا لإدارة المستشفى ، وأصبحوا لا يمارسون عملاً حالياً .وقد أثر هذا القرار على عمل المستشفى بصورة كلية وتسبب في إغلاق عدد من الإدارات.

جولة المجهر

بدأت جولة (المجهر) داخل مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى ، في الساعات الأولى لصباح يوم الأربعاء ، بالعيادات المحولة، حيث تلفت النظر أحدى الكوادر المساعدة،وهي تجلس على تربيزة ،بها عدد من الكروت والدفاتر، وتنشغل بهاتفها المحمول غير آبهة باصطفاف عدد كبير من المرضى من المتقدمين في السن، غير أن غياب الطبيب ، هو السبب في عدم بداية العمل .

… الصالة الأساسية للمبنى الأرضي، حيث يوجد مكتب المدير العام بالجهة اليمنى يقابلها لها عدد من المكاتب بالجهة اليسرى وتربط بينها صالة كتب على بابها (مدخل للمرضى والمرافقين والزوار) ويفتح على صالة دائرية لانتظار المرضى والمرافقين، حيث يبدأ العمل داخل عدد من الإدارات ، بالإحصاء ثم التشخيص والمعمل فالصيدلية ، كخط سير لحركة المرضى ولكن تلاحظ، أن الطبيب لم يسجل حضوراً في العيادة المحولة حتى 10:29 صباحاً .

جانب من حياة المرضى
هناك كانوا جلوساً…ينتظرون، كماهو متوقع في مثل هذه الظروف، غير الاعتيادية .. بوجوه شاحبة ألوانها..
أولئك هم المصابون بأمراض الكُلى، وهم مرضى الغسيل الدموي، والمصابون بأمراض الكُلى عموماً ..تعرفهم من معاناتهم التي تعكسها ملامحهم . كان الباب الرئيسي في الصالة مغلقا. وكان ذلك سبباً لتذمر عدد من المرضى..قال المريض “أ. س. م” الذي يتوكأ على أرجل صناعية متسائلاً لماذا يتم إغلاق باب الصالة الرئيسي المؤدي لبقية الإدارات؟ ألا تعلم إدارة المستشفى بأننا لا نستطيع الحركة ؟ وتساءل مريض آخر عن سبب غياب الدكتور بالعيادة المحولة؟ وجاءت الإجابة من الموظفة بأنه لاتوجد كوادر مساعدة لتسيير دولاب العمل، كذلك تساءل مريض آخر عن أسباب إغلاق الكافتيريا داخل المستشفى خصوصاً ،أن غالبية المرضى يعانون من عطش، ويضطرون للذهاب خارج المستشفى لشراء الماء . وكانت الإجابة أن إغلاق الكافتيريا تم بأمر من وزارة الصحة بالولاية . كذلك شكا عدد من المرضى من عدم وجود نظافة داخل الحمامات بجانب تراكم النفايات الطبية ، مما يلقي بآثار سالبة على العملية الصحية بصورة عامة.

كشف أحد الكوادر الطبية فضل حجب اسمه، خلال حديث للمجهر ، أن بعض العمليات تأجلت حالياً ، و من بينها عملية جراحية (كلية مقفولة) لأحد الأطفال، وذلك بسبب غياب الكوادر المساعدة ، كذلك تم إغلاق كامل لمغاسل غسيل ملابس العمليات ، والذي كشفت عنه الجولة .وأكده أحد العاملين ، الذي عزا توقف المغسلة لأكثر من يومين بسبب تشريد العاملين بها، كذلك توقفت عربة الشفط، عن العمل ، لأكثر من 4 أيام لأن العامل بها تفاجأ بنقل ملفه لإحدى الإدارات (هيئة النظافة _ إدارة البيئة)، كذلك صدور قرار من وزارة الصحة يقضي بإغلاق الكافتيريا داخل مستشفى الكُلى لأكثر من (10) أيام ، مما اضطر المرضى للخروج من المستشفى من أجل شراء الطعام والماء . وكشف أحد الكوادر عن توقف وجبة الفطور للمرضى، وقد تلاحظ وجود عدد من الأسرة المكسرة مع افتراش عدد من المرضى الأرض بجانب كم كبير من النفايات الطبية ملقاة على الأرض ،بالإضافة إلى امتلاء البراميل المخصصة للنفايات ،دون ان يتم التخلص منها.

تبريرات إدارة المستشفى للقرار

السؤال المشروع هل كان لقرار وزارة الصحة اثره الايجابي في تقديم مستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى لخدماته ؟وهل لوزارة الصحة أن تتدخل، في الحين ، لتدارك الاثار والنتائج السلبية للقرار ؟
أحد الاختصاصيين ، تحدث (للمجهر) فضل حجب اسمه ، قال إنهم غير راضين عن هذا القرار خصوصاً أن وزارة الصحة لم تدرس القرار جيداً، ولم تنظر للنظام الواحد، الذي تسير عليه مستشفى ود مدني لجراحة الكُلى ،كما لم تنظر لخصوصية مريض الكلى. وقال ان وزارة الصحة نظرت للقرار بهدف توسيع المشاركة والاستفادة من الخبرات المتراكمة ، ولكن ذلك لم يحدث . كما أنه أحدث خللاً عندما تم نقل موظفي المعمل .كذلك اتهمت بعض الكوادر بأنها تعمل في إدارة واحدة لأكثر من (23) عاماً في موقع واحد ، كما ظهر في التنقلات التي تمت في وزارة الصحة . وبررت الجهات المسؤولة القرار بمحاولة ضخ دماء جديدة في شرايين العمل والاداء، وأن هذا الأمر مطلوب لتجويد الأداء والرقي بالعمل الصحي ومنع احتكارية المناصب لأشخاص بعينهم ،لأن ذلك يُعد نوعاً من أنواع الفساد. لكنه استدرك قائلاً كل ذلك لا أراه كافيا لتبرير تلك القرارات ، لأنها لا يصب في مصلحة المريض بل تأتي خصماً على تقديم الخدمة له ، وعلى حساب صحته لذلك أطالب بإعادة النظر في هذه القرارات، التي شملت وزارة الصحة بصورة عامة ، ومستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكُلى بصفه خاصة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية