تفاصيل ومشاهد رحلة مضنية لقرى ومحليات غرب دارفور بعد الاستقرار
نواب الولاية بالهيئة التشريعية يقفون على معاناة المواطنين وبرنامج العودة الطوعية
الوفد بشر الأهالي باعتماد نحو (20) مليون جنيه في موازنة العام (2018م) لتنفيذ (طريق كلبس الجنينة – هبيلا- فوربرنقا)
مشكلة المياه تتصدر شكاوى المواطنين والوفد البرلماني يعد بالمعالجة
تقرير – عبد الرحمن محمد أحمد
لم يكن في يوم من الأيام يخطر على بال الكثيرين أن الأوضاع في دارفور ستعود إلى سيرتها الأولى بعد أن عاشت مناطق وقرى ولاية غرب دارفور منذ سنين خلت في ظل الحروب الطاحنة والاقتتال من ما سأم المجتمعات من وتيرة الأحداث، ومنهم من نزح إلى المدن الكبيرة ومنهم من لجأ إلى خارج الحدود، إلا أن الجهود الرامية للدولة في شأن القرارات الأخيرة بجمع السلاح وتقنين العربات غير المقننة، أسهمت في عودة دارفور إلى سابق عهدها، من ما جعل جموعاً كبيرة من النازحين واللاجئين تتدافع للعودة إلى قراهم الأصلية وممارسة أنشطتهم الزراعية، ولكن بالرغم من ذلك لم يظل نواب غرب دارفور الهيئة التشريعية القومية مكتوفة الأيدي، وظلت تعمل بتناغم فريد كخلية النحل من خلال طاولة الجلسات في دهاليز البرلمان ومدافعتهم بقوة وحنكة ونكران ذات للمشروعات الخدمية والتنموية القومية، واستقبل أهالي غرب دارفور بمحلياتها الـ(8) ووحداتها ومواطنو قرى العودة الطوعية والرحل بمحليات (بيضة- هبيلا- وربرنقا- كلبس جبل مون وسربا)، استقبلوا وفد الهيئة التشريعية القومية بالطبول والرقصات الشعبية والزغاريد، ودموع الفرح.
ضم الوفد المشترك من البرلمان القومي السلطان “هاشم عثمان هاشم” ممثل لجنة الطاقة والتعدين ونائب رئيس لجنة الإعلام والاتصالات “الطاهر حسن عبود”، ومن لجنة الشؤون الزراعية والحيوانية المهندس “إبراهيم أبكر إدريس”، و”مصطفى محمد إسحق”، و”عابلة آدم أحمد” من لجنة الأمن والدفاع، و”حليمة محمد الحسن زنبور” من اللجنة الاقتصادية، ومولانا “يعقوب إسحاق محمد”، و”محمد مصطفى أرباب” من لجنة التشريع وحقوق الإنسان والتشريع، ومن لجنة السلم والمصالحات بمجلس الولايات “شريف حسن إدريس”.
معالم ومشاهد
انطلقت زيارة وفد الهيئة التشريعية الميدانية حوالي الساعة الخامسة مساءً، مروراً بكثبان ووديان كوبيري، ومستري، ومناطق رحل جميزة التي شهدت احتكاكات حدودية مع الجارة تشاد خلال الشهر الماضي، الذين طالبوا بشدة بضرورة تأمين مناطقهم الحدودية من الاعتداءات المتكررة وتوفير المتطلبات الخدمية، ثم مروراً بكونقوا حرازا وتربيبة، قرى العودة الطوعية بكوبيري بارا، وارارا ومنفرسات وتجمع رحل سرف جلو، وقرى كوما فورنقي ومنقرسات وسنبلا، وسالا وإيور ومشروع ادنبرو الزراعي، مروراً بكهوف كجلونق كاسي الأثرية وأنجاتا بين أرارا وهبيلا، ثم سلسلة جبال (سلك، وأشمرا) في الشريط المتاخم بين هبيلا وأورم بين غرب دارفور ولاية وسط دارفور، وتعد هذه نقطة انطلاقة لبداية تكوين حركة “عبد الواحد محمد نور”، ثم تحركت الرحلة شرقاً إلى وديان تلس ومناطق مورني، ومعسكري سيسي للنازحين، مروراً بكرينك، وشمالاً سلسلة جبال سربا وجبال مون وسرفايا وبورتا ودبوك، وأروع وجلجلة وأبوخزين هجيليجة، وترنقلا، ودحوش، وتيرا، ووارا وحراز تيمان.
استقرار أمني مشهود
تشهد مناطق العودة الطوعية استقراراً أمنياً غير مسبوق، خاصة قرى كوبيري بارا وسنبلا، ووارا، ومستريحة ومنجورة وأبوقمرة وجرجيرة وأبوجداد وكورقي ورفيدة وبير سليبة، وذلك بفضل خطوات الدولة بجمع السلاح، ولكن تلك المناطق تعاني من شح في مقومات العودة تماماً على حد قول (العودة تسبق الخدمات)، للراعي والمواطن، وخدمات مياه الشرب، التعليم والصحة.
مطالب المحليات
بالرغم من أن قضية العودة الطوعية تصدرت هموم المجتمعات ولكن قضية المشروعات الخدمية تأتي أيضاً في سلم الأولويات للمحليات، حيث تمثلت مطالب المحليات في ضرورة توفير خدمات الصحة والتعليم، والكهرباء، وخفض رسوم الترحيل للبضائع وحل مشكلة حجز العربات التجارية بنيالا، والسعي لتوفير مشروعات التمويل الأصغر، وخدمات البيع المخفض والعمل على إيجاد حل جذري للأخطاء الفنية والإدارية لاستخراج الرقم الوطني في المرحلة الأولى، إضافة إلى رصف طريق (كلبس الجنينة هبيلا فوربنقا) و(الجنينة – بيضة – ارارا- والفاشر كبكابية – سرف عمرة- كرينك الجنينة) بهدف ربط مناطق الإنتاج بالأسواق الخارجية وجلب المستثمرين، كما طالبوا بتوفير خدمات مياه الشرب من خلال حفر المضخات وإقامة السدود والحفائر والآبار، بالرغم من حفر عدد من المضخات والحفائر خاصة بالمحليات الشمالية عبر مشروع زيرو عطش ومشروع جايكا، إلا أنها صاحبتها مشاكل فنية من تلك الشركات وعدم تحقيق جدواها، حيث توقفت الآبار بعد إنشائها في زمن وجيز وبعض منها لم تعمل، خاصة في مناطق قوز منو وكشكش، ومنجورة ومستريحة، حليلات برجو وهشابة، حيث وصل سعر برميل مياه الشرب بكلبس نحو (50) جنيهاً.
بشريات كبيرة
بشر وفد الهيئة التشريعية القومية من نواب غرب دارفور جماهيره بالدوائر الجغرافية بالمحليات، بالجهود التي أثمرت في اعتماد نحو (20) مليون جنيه في موازنة العام المالي (2018م) لتنفيذ (طريق كلبس الجنينة -هبيلا- فوربرنقا)، بجانب مشروع هبيلا الزراعي بنحو (3) مليارات، ومشروع تأهيل سوق فوربرنقا بـ (2) مليار ونصف، إضافة إلى اعتماد مشروع تطوير البستنة الزراعية للولاية بمبلغ (2) مليار، فضلاً عن متابعتهم لمشروعات الكهرباء القومية قطاعي (الفولة – نيالا الضعين- الفاشر) و(نيالا – زالنجي- الجنينة)، بجانب الخطوات التي تمت في الجلوس مع وزير الداخلية في حسم قضية استخراج الرقم الوطني، وحل القضايا التي تتعلق بالمشروعات القومية مع الجهات ذات الصلة.
رئيس الوفد يعد …
أكد رئيس وفد الهيئة التشريعية القومية السلطان “هاشم عثمان هاشم” أن زيارتهم للولاية تجيء بهدف التواصل والاطمئنان على المشروعات الخدمية المصادق عليها في موازنة العام (2018م)، وقال إن الوفد سيقوم بتصنيف المشكلات على المستويات المحلية والولائية ومناقشتها مع الجهات ذات الصلة ومعالجتها، وأعلن تبني الدولة توفير الاحتياجات الضرورية للمستقرين والرحل وتأمين مناطقهم.
من جهته دعا نائب دائرة هبيلا فوربرنقا “يعقوب إسحق محمد” النازحين بضرورة التعايش السلمي وتناسي المرارات وفتح صفحة جديدة للاستقرار والانسجام مع المكونات الأخرى، وناشد اللاجئين بالعودة إلى حضن الوطن والمساهمة في الإنتاج والإنتاجية.
وفي السياق قال النازح “آدم خميس آدم حسن” بمعسكر فوربرنقا إنهم قد انصهروا في المجتمعات ويمارسون حياتهم الزراعية بعد أن تحقق الاستقرار خاصة بعد إجراءات الدولة بجمع السلاح، فيما أكد رئيس لجنة التعايش السلمي بهبيلا، أحد قيادات الرحل “موسى هارون” التزامهم بقرارات الدولة الرامية لتحقيق السلام والتعايش السلمي مع المستقرين، والوقوف تجاه المساهمة في عودة اللاجئين إلى مناطقهم.
إلى ذلك تعهد نائب رئيس لجنة الإعلام والاتصالات بالمجلس الوطني “الطاهر حسن عبود” بالسعي مع الجهات ذات الصلة في تغطية المناطق البعيدة بخدمات الاتصالات المحدودة وتقديم الخدمة المتكاملة للمجتمعات، وأكد عضو لجنة الزراعة والثروة الحيوانية “إبراهيم أبكر إدريس” جاهزيتهم لتوفير التمويل للمشروعات الزراعية والحيوانية من خلال تكوين الجمعيات بمضاعفة الإنتاج والإنتاجية والمساهمة في زيادة الدخل القومي.