بكل الوضوح

اقتصاديو الانتباهة المتأخرة!!

عامر باشاب

{ ما زال المسؤولون عن القطاع الاقتصادي بكل مقاماتهم وتخصصاتهم يعطوننا إحساساً بأنهم ليست لديهم القدرة والخبرة لكي يخرجوا البلاد من جحر الأزمات الساحقة والماحقة والمتلاحقة.
{ في بداية الأمر ظننا أن الدولار اللعين هو السبب الرئيس في التدهور الاقتصادي واشتعال نار الأسعار في الأسواق حتى أسواق منتجاتنا المحلية التي لا علاقة لها بالدولار الجمركي والدولار التأشيري.. وها هو الدولار ظل يتراجع ويتراجع إلى الأدنى لكن للأسف الشديد ما زالت الأسعار ترتفع إلى الأعلى، وهذا يؤكد أن الاقتصاديات والأسواق عندنا تسير بلا ضوابط ومن غير متابعة وبدون رقابة.
{ قبل شهر من الآن تقريباً أجريت حواراً عن الراهن الاقتصادي مع رجل الأعمال الشاب “محمد عبد الرحيم علي” رئيس شركة (دي تي) المتخصصة في قطع غيار السيارات الصغيرة والكبيرة بمختلف أنواعها، واستفسرته عن تقييمه للأوضاع الاقتصادية في البلاد في ظل الارتفاع المتزايد للدولار فجاء رده السريع كالآتي:
(هناك سياسات اقتصادية وأفكار كفيلة بخفض سعر الصرف الأجنبي خاصة الدولار، أبرزها الاتجاه للتعامل البنكي عبر البطاقة ومحاربة تجارة العملة لا تتم بمحاصرة الدولار، وإنما بضبط حركة العملة الوطنية وتحديد سقف يومي لصرف الفرد من البنوك)، وأشار “محمد” إلى أن كل دول العالم تتعامل بسياسة ضبط حركة العملة الوطنية عبر النظام المصرفي، أما نحن فـ(مفرطون) في عملتنا وهذا ما أدى إلى انخفاضها. وأكد قائلا إن سعر الدولار لن يتوقف إلا إذا كان كل شيء خاص بشراء أو بيع العملة يتم عبر النظام المصرفي وعبر عقودات خاصة ولا يسمح بصرف مبلغ (كاش) يتجاوز العشرة آلاف جنيه في اليوم، وما يزيد يتم عبر الشيكات.. أما التوريد النقدي فيسمح حتى مائة ألف جنيه لا غير، وما يزيد عن ذلك يستفسر صاحبها عن المصدر وخاصة الشركات.
وراهن رجل الأعمال الشاب “محمد عبد الرحيم” على أن إتباع نظام التحكم في (الكاش) من عملتنا الوطنية سيرجع سعر الدولار إلى ١٥ جنيهاً.. وأخيراً قال إن الأمر متوقف على التحكم فقط في عملتنا الوطنية لأن الإشكال كله يتمثل في النقد السوداني والتجار الذين يبيعون العملة يعتمدون على الكاش.. في كل العالم يسأل أي أحد أو أية شركة عن مصدر (الكاش) إلا عندنا في السودان.
{ المدهش أنه بعد نشرنا لهذا الحوار القيّم وخلال أيام معدودة تفاجأنا بالبنك المركزي يتبع السياسة المصرفية (التحكم في العملة الوطنية) التي أشار إليها رجل الأعمال الشاب “محمد عبد الرحيم” وهي السياسة التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها السياسة التي ساهمت في تراجع الدولار، وهذا يؤكد أن القائمين على أمر الاقتصاد في بلادنا متخبطون ولا ينتبهون للحلول الناجعة للأزمات المزمنة إلا متأخراً.. يعني في الزمن الضائع!!
} وضوح أخير
{ من هنا أقول إن المسؤولين عن الشأن الاقتصادي والمالي إما أن يكونوا قدر المسؤولية والتكليف وإما أن يرحلوا ويتيحوا المجال لمن هم أكثر أهلية بهذه المواقع الحساسة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية