أكبر مشكلة تواجه المواطن البسيط أن كثيراً من توجيهات كبار المسؤولين في حقه يكسرها صغار الموظفين، بل صغار العمال في كثير من الأحيان لتضيع بذلك واحدة من القيم السامية في احترام قرارات الكبار، وتصبح التوجيهات معلقة في الهواء، وكأنما كلام الليل يمحوه النهار، والمؤسف حق أن التعطيل الذي يتم عن قصد أو دون قصد لا يعلمه المسؤولون الذين يطلقونه، وهذا بالتأكيد لا يعفيهم من المسؤولية، لأنهم معنيين بمتابعة قراراتهم وتوجيهاتهم التي يصدرونها والوقوف عليها ميدانياً، لأن ذلك سيجعل المعنيين بتنفيذ التوجيهات يتحاشون التماطل.
أشرت إلى هذه المقدمة والكثير من القرارات الحكومة تذهب إلى سلة المهملات بمجرد إعلانها، قبل فترة وجَّه والي الخرطوم ومدير هيئة مياه الولاية توجيهات صريحة وإعلاناً واضحاً بأن تبلغ مياه النيل كل حي في ولاية الخرطوم بعد اكتمال كل المحطات، ولكن واقع الحال غير، العديد من الأحياء والتي هي على مقربة من النيل لا تغشاها إلا المياه المالحة من أعماق الآبار الارتوازية، ففي منطقة جنوب الخرطوم على وجه التحديد تجد العديد من الأحياء التي يتماطل مسؤولو إدارة المياه عن توصيل الخدمة إليها وفي ذلك لا نعرف ما هو السبب؟
اذكر أن والي الخرطوم قبل أكثر من عام قد قطع وعداً لمواطن الولاية بأنه سينعم بخدمة المياه بعد شهور حال زيادة تعرفة المياه وذلك لمقابلة التكاليف، وقد تم ذلك بالفعل ومضت الشهور الطويلة والسنة ولا جديد، حيث إن جرس الإنذار بدأ يرن قبل أن ندخل فصل الخريف، الكثير من المواطنين سلموا بحظهم في عدم وصول المياه من النيل وإنهم مستمرون في شراب مياه الآبار ولكن للأسف حتى مياه هذه الآبار الارتوازية فقدها الكثير من المواطنين ليس في أحياء جنوب الخرطوم وحدها، وإنما أحياء أخرى.
حي (الأندلس) جنوب الخرطوم، الذي تحيط به البنايات العالية اضطر قاطنوه في هذه الأيام لاستجلاب خدمة (الكارو)، لأن مياه الآبار التي ظلوا في حالة انتظار لتغييرها بمياه النيل هي الأخرى فقدوها تماماً، ولكم أن تتصوروا حجم التراجع في حي عامر وراقٍ، المياه فيه تأتي بـ(الكارو) كأننا في إحدى القرى بالولايات وليس الخرطوم، ومن عجب أن خط مياه النيل تم توصيله قبل شهور طويلة إلا أن موظفين وعمال صغار يأبون إلا أن نشرب من هذه المياه المالحة، والسبب في ذلك لا أحد يعرفه سواهم!
هذه بمثابة شكوى من أهالي حي (الأندلس) وتحديداً مربع (6) للسيد والي ولاية الخرطوم والسيد مدير هيئة مياه الولاية، بأن هناك من يكسرون القرارات الفوقية ويرفضون إلا أن تظل المعاناة وسط المواطنين، فهلا تدخلتم ووقفتم على معاناة الناس في هذا الحي وغيره من الأحياء التي تنتظر الفرج؟..
والله المستعان.