جرس انذار

ما هي خطورة الشائعات المغرضة؟

الشائعات المغرضة ترتكز على أجندة سوداء ومدمرة وميكافيلية تنطلق من خلال حسابات خبيثة لا تعرف القيم الجمالية وحسابات العقل والنواحي الإنسانية، تصيب الهدف في مقتل سحيق، والشائعة المغرضة في أسوأ نماذجها وحالتها تسمى بالدعاية السوداء، حيث تعتمد على صناعة الأكاذيب والبلاغات الظلامية الذي تطلقها بلا هوادة وبلا عقلانية في وجه الحكومات والمجتمعات والشخصيات وتكررها مرات ومرات، حتى يصدقها المتلقي دون وعي وإدراك.. وعندما تنكشف حقيقتها في نهاية الأمر تكون قد تركت شرخاً موجعاً لا ينتهي أثره.. يقولون إذا أردت أن تدمر شخصاً لا تطلق عليه رصاصة، بل أطلق عليه إشاعة.. فالرصاصة إذا انزاحت انتهى الأمر بالنجاة، أما الإشاعة فهي مجموعة من حبات البندق لا بد أن تصيب إحداها الهدف، حتى لو كان المصوب فاشلاً، فالشاهد أن الشائعة المغرضة قد انداحت في المجتمع السوداني بشكل كثيف خلال الفترة الأخيرة، حيث شملت المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن الشخصيات العامة من أدباء ومطربين ورياضيين ورجال أعمال ومفكرين ودبلوماسيين وإصلاحيين.. من هذه النماذج نال البعض منهم مسحة ثقيلة ومؤلمة من الشائعات الكاذبة على شاكلة حدوث الموت المفاجئ والإصابة بالأمراض الفتاكة والإشارات الحارقة عن تفكيك أواصر العائلات، علاوة على ذلك زحفت الدعاية الملغومة على أركان الدولة، حيث انطلق الحديث عن الأوضاع العسكرية والأمنية، وفي النواحي الاقتصادية عن انعدام الكتلة النقدية في البنك المركزي، وإطلاق صافرة الإفلاس المالي على السودان من قبل المحافل الاقتصادية الدولية، وهروب الساسة إلى الخارج عبر مطار الخرطوم وهم يحملون معهم ملايين الدولارات، ولم تسلم سيدات الأعمال وحركة الدبلوماسيين وهوجة الدولار وسلك الموظفين والمهنيين من سيل المعلومات المختلقة، وقد لعب الشارع العام والمنتديات الاجتماعية فضلاً عن الإعلام الإلكتروني بكل ملاحقاته دوراً متعاظماً في تحريك تلك الشائعات في كل الاتجاهات، على مستوى الكسر من الثانية، حتى صار تلافيها أمراً قاسياً.. من العجائب أن بعض هذه الأكاذيب عندما تنطلق تأخذ حيزاً بما يشبه التصديق القاطع.. بناءاً على احترافية إتقان المعلومة الخيالية بما يخدم الهدف الدعائي.. لا شك أن الأجواء المؤاتية التي تساعد على تنامي هذه الدعاية السوداء تتمثل في الغموض والضبابية الموجودة في الساحة السودانية، علاوة على غياب الأحكام الرادعة التي يجب أن تطبق على الإعلام الإلكتروني بوصفه المروج الأساسي لتلك الأكاذيب الخطيرة، ولا يفوتنا ذكر مساهمة سذاجة بعض المتلقين الذين يحولون الشائعة المغرضة إلى حقائق لا تقبل الجدال، فالمحصلة أن هذه الدعاية السوداء والشائعات الكذوبة إذا لم تجد المعالجات الناجعة والفرمانات المدروسة القاطعة فإنها تحول المجتمع السوداني إلى منزلة كارثية بكل المقاييس، ومن هنا تكمن الإجابة على السؤال.. ما هي خطورة الشائعات المغرضة؟ يبقى القول أن المعلومات الصحيحة والحقيقية تستحق أن تأخذ المنحنى الذي يعالج الداء والاعوجاج في أماكن الخلل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية