رشان أوشي
قبل أشهر، اتصلت بي طالبة بإحدى الجامعات الولائية، طلبت مقابلتي للإدلاء بإفادات في قضية ربما تنفع تحقيق صحافي، تواعدنا، والتقينا، لم تبلغ بعد الحادية والعشرون من العمر، ترتدي عباءة تدل على أنها “شهادة عربية”، مع لكنة خليجية، ملامحها بريئة مع مسحة غضب، بدأت الطالبة في سرد قصتها، التي أصابتني بالدوار والغثيان معاً، تعرضت تلك الطالبة لتحرش جنسي من أحد أساتذتها في الكلية المرموقة التي تدرس بها، بدأ الأمر بتحرش لفظي حول جمالها وسحر جسدها، زجرته وانتهرته، لم تمل عزيمته، واصل الأستاذ الذي يقف شامخاً أمام طلابه يومياً ليدرسهم العلم والأخلاق، في محاولات ابتزاز الطالبة إلى أن ساومها بزيادة درجات على نتيجتها في مادته التي يدرسها مقابل علاقة معه، اضطرت الصبية إلى إبلاغ أسرتها في الخرطوم بالأمر، سافر أشقاؤها إلى المدينة مكان الجامعة، وانهالوا ضرباً على الأستاذ، الذي أنكر بدوره فعلته، ودونوا في مواجهته بلاغاً جنائياً، تدخلت إدارة الجامعة، وبعثت بتهديد مبطن للطالبة وأسرتها، بفصلها أو شطب البلاغ، رفضت أسرتها، وتم فصل الأستاذ من الجامعة، بعد تطور القضية وشهادة فتيات أخريات، حاولت إقناع الصبية بستره بعد أن نال عقابه وتم فضحه في محيط جامعته، فأسرته لا ذنب لها في سداد ثمن ابن فاسق، إن نشرنا القضية وقتها ستتضرر.
عادت تلك القضية المحزنة إلى ذهني، بعد أن نشرت وكالة مونت كارو الإسفيرية، خبراً يتعلق بإحالة أستاذ بجامعة عريقة، ومدير مركز حقوق الإنسان بها، إلى التحقيق بعد شكاوى قدمتها (6) طالبات، تفيد بتعرضهن للتحرش والابتزاز الجنسي من أستاذهن.
قضايا التحرش الجنسي ليست جديدة على المجتمعات، ولكن عندما تتفاقم الظاهرة في أوساط المثقفين وحملة منارات العلم والمعرفة يصبح على الدنيا السلام.
للحد من هذه الظاهرة التي تفاقمت كثيراً مؤخراً، ولحماية كرامة النساء من نهش تلك الذئاب البشرية المسعورة، يجب تشريع قوانين صارمة وواضحة، تعاقب الجناة بعقوبات رادعة ليصبحوا عظة وعبرة لغيرهم.