أخبار

حل وإدماج

فجأة شغلت الحركة الإسلامية الناس واهتمت الصحافة بجولة قادتها في الولايات والقرى.. أمينها العام الشيخ “الزبير” في دارفور و”علي عثمان” في بورتسودان و”نافع” في شندي و”أحمد إبراهيم الطاهر” في كسلا.. جميعهم يبحثون عن (مخرج) من الحركة الإسلامية، هل يتم إدماجها في المؤتمر الوطني الذي يمثل الابن الشرعي للحركة الإسلامية؟ ويطالب قيادي في قامة د.”نافع علي نافع” بدمج الأم في الابن.. في وقت وضعت فيه قيادات الحركة خيارات أخرى لمستقبل أمهم التي حملتهم وهناً على وهن ولم تفصلهم في قرنين من الزمان عن ثديها.. المدرار.. الخيار الثاني أن يتم تغيير اسمها أو حلها.. وجاء في الأخبار أن الخيارات الثلاثة قد رفضت في ولاية نهر النيل ورفضت في القضارف وكذلك كسلا.. وشدد البعض على ضرورة بقائها على قيد الحياة كما هي الآن، وحال أعضاء الحركة الإسلامية مثل حال أولاد “كلتومة” الذين خيرهم الطبيب ما بين قطع يد أمهم لتموت بعد أشهر أو تركها تنزف وتموت الآن.. أو مثل بيضة (أم كتيكي) التي قيل إذا وجدتها ملقاة على الأرض، إذا تركتها قتلت أبوك وإذا حملتها معك قتلت أمك، وإذا كسرتها بعصاك قتلتك أنت!!
والخيارات الثلاثة التي واجهها البعض بالرفض، فإن ذلك لا يعني رفضهم الإبقاء على الحركة الإسلامية على حالها الراهن.. خاصة وأن أمام القيادات الاختيار بين الخيارات الثلاثة إما الحل أو الإدماج أو تغيير اسمها.. مثلاً يمكن أن تسمى حركة التنوير الحضاري، لكنها أي الحركة الإسلامية ظلت طوال الفترة الماضية تمارس نشاطها بسماحة السلطة وغض النظر عنها حول مشروعية وجودها من حيث القانون، فلا هي حزب سياسي مسجل ضمن مئات الأحزاب، ولا هي جمعية طوعية يشرف عليها مفوض العون الإنساني د.”أحمد آدم” المثقف والمحاور في مفاوضات المنطقتين، ولا هي جمعية ثقافية يشرف عليها “طارق البحر” في وزارة الثفافة الإعلام.. ويشعر الحاكمون بأن الحركة الإسلامية التي حملتهم إلى السلطة قد أصبحت عبئاً ثقيلاً وحمولة إضافية لا معنى لها.. لتصدق عليها نظرية العميان والقعيد التي اتخذها “محمد شحرور” المفكر في الحزب الشيوعي المغربي توصيفاً لتحالف العقائديين والعسكريين في سعيهما لبلوغ السلطة.. “شحرور” يقول إن المؤسسة العسكرية تمثل أعمى قوي البنية ولكنه لا يبصر طريق السلطة والحكم والأحزاب العقائدية مبصرة لكنها كسيحة أو مقعدة.. يتفق العميان- أي المؤسسة العسكرية- مع القعيد- أي الحزب العقائدي- على التحالف والتعاون.. يحمل العميان الكسيح على كتفيه ليبصره بالطريق المفضي لجنة الله في الأرض أي السلطة!! القعيد يأمر العميان بالاتجاه جنوباً وشرقاً وتفادي الحفر والمنحنيات.. يمضي التحالف حتى يشعر العميان بحفظه للطريق وعدم الحاجة لعيون الكسيح الذي هدّ قواه.. فيهوي به على الأرض ويمشي وحده، ولكن سرعان ما يتنكب الطريق ويسقط على الأرض ويبحث عن الكسيح ولا يجده!!
الإنقاذ اليوم بعد أن شعرت بأن الحركة الإسلامية قد أصبحت عبئاً ثقيلاً على منكبيها خاصة وأنها تحمل على أكتافها أولاد “الميرغني” وأولاد “الصادق” والمنشقين عن أحزابهم والمؤلفة قلوبهم وأبناء السبيل والغارمين في السلطة وما أكل السبع وما أهل به لغير الله!! قررت أن تضع أمها وأباها في أحد الملاجئ وحاضنات كبار السن حتى تستريح منهما.. وتمشي وحدها في الشوارع تتبختر.. غير مكترثة لنوائب الدهر وفواجع الزمان.. وتقلب الأيام التي هي بين الناس دول، من سره زمن ساءته أزمان.
بهذه الخيارات المحدودة يصبح إدماج الحركة الإسلامية في المؤتمر الوطني لإصلاحه من الداخل وتغذية شرايينه بنبض الإصلاح ودماء التغيير من حزب إصلاح سياسي إلى حزب إصلاح اجتماعي، هو الحل الواقعي والمقبول حتى لا تجد الحركة الإسلامية نفسها في (السهلة) كما قال الرئيس “البشير” بعد الرابع من رمضان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية