المجهر ترصد من القاهرة وقائع اجتماع اللجنة الرباعية (غندور، شكري ومحمد عطا وعباس كامل)
وزير الخارجية : علاقات السودان مع مصر "أزلية" وما يعتريها من أزمات مجرد سحابة صيف
الخرطوم – طلال إسماعيل
على طاولة رباعية بالقاهرة، وضع وزيرا الخارجية إبراهيم غندور ونظيره المصري سامح شكري مع مدير جهاز الأمن والمخابرت الفريق أول محمد عطا ونظيره المصري اللواء عباس كامل، كل القضايا الخلافية بين السودان ومصر، بعد تعكر الأجواء بين البلدين، ويتحول الربيع إلى صيف ساخن عقب استدعاء الخرطوم لسفيرها عبد المحمود عبد الحليم من القاهرة، لتفتح الباب أمام كل الاحتمالات، وتمضي التكهنات تتساءل: إلى أين تمضي علاقات وادي النيل الأزلية؟
وبينما كانت اللجنة الرباعية تناقش الملفات، استقبلت الخرطوم ، وزير النقل المصري هشام عرفات، في زيارة رسمية تستغرق يومين يجري خلالها مباحثات مع وزير النقل والطرق والجسور م. مكاوي محمد عوض، حول تفعيل بروتوكول اتفاقية هيئة وادي النيل.
من المعلوم أن أبرز 5 ملفات شائكة في العلاقات لسودانية المصرية تمثل في مثلث حلايب وشلاتين وسد النهضة الإثيوبي، حقوق البلدين من حصة مياه النيل، اتهامات السودان لمصر بدعم حركات دارفور وتهديد أمني لشرق السودان من داخل إرتريا، والملف الخامس يتمثل في زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقيام استثمار مشترك حول تطوير جزيرة سواكن، لكن مصر تخشى من قيام قاعدة عسكرية تركية تطل على البحر الأحمر.
وإلى جانب تلك الملفات الشائكة هناك قضايا أخرى مثل إساءات الإعلام المصري واتهام السودان لمصر بتأييد قرار تمديد العقوبات المفروضة عليه من قبل مجلس الأمن الدولي بسبب الأوضاع في دارفور، وهو الأمر الذي نفته الخارجية المصرية.. وقيام الخرطوم بفرض حظر على واردات المنتجات الزراعية المصرية.
* غندور يوضح حقيقة سواكن وينفي قيام قاعدة عسكرية تركية
في المؤتمر الصحفي المشترك أمس الخميس بالقاهرة، نفى وزير الخارجية إبراهيم غندور، أي تعاون عسكري مع تركيا فى مدينة “سواكن” السودانية أو غيرها، مؤكداً على أن المنطقة بها عدد من المباني يبلغ 400 منزلاً، وأنه غير متاح وجود أى شخص آخر غير السودانيين، قائلاً: “لم يكن هناك أي حديث حول قاعدة عسكرية تركية في المدينة، ولا في غيرها في أي مكان بالسودان”. وأضاف وزير الخارجية : “الرئيس التركي عرض إعادة ترميم وبناء المنازل القديمة، وعرض أن تستخدم كجزيرة سياحية للمنفعة المشتركة”.
وشدد إبراهيم غندور، على أن لقاءه بوزير الخارجية المصري نقطة تاريخية مضيئة في علاقات البلدين، موضحاً أن توجيهات الرئيسين السيسي وعمر البشير واضحة ومجملها العمل كلجنة رباعية فريدة، تؤكد عزم القيادة فى البلدين على حل كل الإشكالات القائمة ووضع العلاقة بين السودان ومصر فى مسارها الصحيح.
وأضاف وزير الخارجية، إن المسار الصحيح لعلاقات البلدين هو إجمالى للعلاقات التاريخية في الدم والرحم والتواصل الذى لا يمكن أن ينفصل حتى وإن وجدت سحابة صيف في علاقات الحكومتين، مؤكداً على أن نقاش اليوم تناول كل القضايا التي يمكن أن تخطر على بال أي مواطن في وادي النيل.
ورد وزير الخارجية، على إحدى الإعلاميات خلال المؤتمر الصحفي، على سؤالها عن موعد عودة السفير السوداني عبد المحمود عبد الحليم للقاهرة، بالقول :” ستكون قريباً جداً”.
وكانت الإعلامية قد طرحت سؤالاً على وزير الخارجية السوداني قائلة “حضرتك صرحت بأنه على الإعلام عدم الانشغال بعودة السفير السوداني للقاهرة، ولكن إجاباتك بها بعض اللبس، هل عودة السفير السوداني للقاهرة مازالت مرهونة بحل بعض الخلافات القائمة، وستتأخر قليلاً أم لا؟
وقال غندور إن الطريق ممهد لعودة السفير السوداني إلى مصر فى أي وقت، مطالباً الإعلام بألا ينشغل بمسألة عودة السفير، فهو أمر محسوم بعد اجتماع القاهرة أمس الخميس، الذي يعد بداية لحلحلة كافة المشكلات المتعلقة بالبلدين.
وأوضح أن علاقات السودان مع مصر “أزلية وما يعتريها من أزمات مجرد سحابة صيف”. مؤكداً عودة سفير السودان عبد المحمود عبد الحليم، إلى القاهرة قريباً جداً. وقال غندور إن “هذا الاجتماع هو بداية حلحلة الأزمات العالقة بين البلدين، والتي أدت إلى استدعاء السفير السوداني لدى القاهرة”.
وفي 4 يناير الماضي، استدعى السودان سفيره لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، لـ”مزيد من التشاور”، فيما قالت القاهرة آنذاك، إنها بصدد “تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب”، ولم يعد السفير إلى مصر حتى الآن.
وأضاف غندور “ما اختلفنا حوله (لم يحدده) اتفقنا أن نناقشه في الاجتماعات المقبلة، حفاظاً على روح التعاون بين البلدين”. معلناً أن الاجتماع الرباعي بين البلدين سيكون آلية دورية تختص بمناقشة القضايا مثار الخلافات بين القاهرة والخرطوم.
وأضاف “غندور”:اتفقنا على تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة الخاصة بمجال الزراعة والصناعة وتشجيع الاستثمار المشترك للبلدين.
وقال إنه تم التشاور في كافة الملفات بين مصر والسودان، مؤكداً على أنه تم الاتفاق على المضي قدماً في تعزيز العلاقات المشتركة بين القاهرة والخرطوم.. وأكد غندور على أنه تم وضع آلية لحل المشكلات العالقة بين مصر والسودان، موجهاً حديثه لوسائل الإعلام، أن العلاقات بين مصر والسودان تتمتع بقدسية خاصة.. وزاد:” اتفقنا على حل ملف سد النهضة خلال شهر في العاصمة السودانية “الخرطوم”.. وأوضح أنه سوف يتم عقد اجتماع ثلاثي لمصر والسودان وإثيوبيا، منوهاً إلى أنه سوف يتم إبلاغ الطرف الإثيوبي بالنتائج، معرباً عن أمله في توافق الجميع عليها.. وتابع” “سد النهضة ملف ثلاثي نناقشه في إطار يضم وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث، سنعرض على أشقائنا في أديس أبابا ونعقد اجتماعاً في الخرطوم قريباً”، دون تحديد موعد بعينه.
* بيان مشترك للبلدين حول ثوابت العلاقات
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه صدر بيان مهم مشترك لمصر والسودان، يؤكد ثوابت العلاقات الثنائية واحترام الشؤون الداخلية بين البلدين، ورفع التعاون المشترك.
وأضاف: “تم بحث الفرص المتاحة للتعاون بين البلدين في جميع النواحي، والتأكيد على عزم البلدين لتعزيز التعاون في الطاقة والنقل البحري والبنية التحتية”. وأوضح أن البيان تضمن التزام البلدين باتفاقية النيل بما فيها اتفاقية 1965، وتأكيد أهمية التشاور بين البلدين في الشواغل، والعمل على إعمال ميثاق الشرف الإعلامي لعدم إساءة الإعلام للبلاد، وتعزيز التعاون الإقليمي، فضلاً عن عقد اللجنة الأمنية في أقرب وقت، وعقد لجنة مشتركة بين رئيسي البلدين العام الجاري بالخرطوم”.
وتلا وزير الخارجية السفير سامح شكري، البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الرباعي الذي انعقد بالقاهرة، وضم وزيري خارجية السودان، ورئيسي مخابرات مصر والسودان، وقال: “انطلاقاً من علاقات الأخوة الأزلية والمصالح المشتركة ووحدة المصير بين شعبي وادي النيل، وإدراكاً لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على أساس المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، وتأكيداً للرغبة الحقيقية في ترسيخ التعاون المشترك بما يليق بحجم البلدين، يجمعها تاريخ مشترك وما بينهما من روابط.. وأضاف “شكري”: “تنفيذاً لنتائج القمة التي عقدت يوم 28 يناير 2018، بين الرئيس السيسي والرئيس السوداني عمر البشير في أديس أبابا، وانعكاساً للروح الإيجابية وحرص البلدين لتعزيز التعاون المشترك، عقد هذا الاجتماع في القاهرة 8 فبراير 2018”. وتابع: “الاجتماع ضم الوزير إبراهيم غندور والفريق أول محمد عطا عباس رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وسامح شكري وزير الخارجية المصري، واللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصري، وتم خلاله مناقشة مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.. واستطرد: “خلص الاجتماع إلى التأكيد على ثوابت العلاقات الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، فيما ذلك العمل على تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز التعاون واحترام الشؤون الداخلية للحفاظ على الأمن القومي للبلدين، ورفع مستوى التنسيق الثنائي على النحو الذي يعكس الاهتمام التي تليه الدولتين”، بالإضافة إلى الاتفاق على أهمية العمل على استشراف آفاق أرحب للتعاون المستقبلي بين البلدين في مختلف المجالات، وبحث الفرص المتاحة وتنشيط اللجان بين البلدين بينها لجان، التجارة والهيئة الفنية وهيئة وادي النيل للملاحية النهرية، وأي لجان مشتركة أخرى، وتذليل أي صعوبات أمام تلك اللجان.
واستكمل: التأكيد على عزم البلدين على تعزيز التعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي والنقل البري والاستفادة من الخبرات الاستشارية لدى البلدين، وأهمية تطوير التعاون في مجال مياه النيل في إطار الالتزامات الموقعة بينهم بما فيهم 1959، والعمل على تنفيذ نتائج قمة النهضة التي عقدت في أديس أبابا في إطار تنفيذ اتفاق إعلان المباديء في 2015، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية تصحيح التناول الإعلامي ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين، والاتفاق على تعزيز التشاور في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك لتقريب وجهات النظر، بما في ذلك القضايا الإقليمية بما في ذلك تنفيذ التوجيه الرئاسي لتعزيز المشاريع في البلدين”.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على مواصلة تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وعقد اللجنة العسكرية والأمنية في أقرب فرصة، مع الاتفاق على دورية السياسي والأمني بما يعزز الاتفاق بين القضايا المشتركة ذات الاهتمام المشترك، والإعداد لعقد اللجنة المشتركة برئاسة رئيسي البلدين خلال العام الجاري في الخرطوم، حيث عقدت اللجنة الأخيرة 2016.
في الخرطوم وزيرا النقل السوداني والمصري يترأسان اجتماع مجلس إدارة هيئة وادى النيل
وفي الخرطوم التأم أمس الخميس بوزارة النقل والطرق والجسور اجتماع مجلس إدارة هيئة وادي النيل للملاحة النهرية فى دورته رقم (170)، ورأس الجانب السوداني المهندس مكاوي محمد عوض وزير النقل والطرق والجسور، وعن الجانب المصري المهندس هاشم عرفات وزير النقل بحضور رئيسي مجلسي الإدارة في البلدين، ورحب الوزير مكاوي في تصريحات صحفية بزيارة الوزير المصري واستجابته للدعوة، مؤكداً أن مصر والسودان هما شعب واحد في دولتين، وأن وسائل النقل المختلفة هي التي ربطت الشعبين، وأشار إلى أن وسائل النقل بين البلدين شهدت حركة كبيرة في معبر أرقين الذي يمر عبره 60بصاً و10 شاحنات يومياً من الداخل والخارج، ومعبر أشكيت يمر به 10 بصات و10 شاحنات يومياً، بجانب النقل الجوي بعدد 8 رحلات، مما يدل على الترابط الكبير بين البلدين، معلناً دعم وزارته للملاحة النهرية .
وقال إن اجتماع الهيئة سيعزز العلاقات والتواصل في عمل الهيئة، والخروج بتوصيات تسهم في النقل النهري بين البلدين.
ومن جانبه قال الوزير المصري هاشم عرفات، إن نهر النيل هو ربط قبلي بين السودان ومصر، ووطد العلاقة الحميمة بين شعبي البلدين، داعياً إلى ترجمة هذه العلاقة في الاقتصاد والتجارة بين البلدين، وأن خير وسيلة لهذه العلاقة هي هيئة وادى النيل، حيث نتطلع لتعزيز هذه الهيئة وتقويتها لنقل البضائع، وتسهيل حركة التجارة بين مصر والسودان .
وأشار إلى أن الهيئة ساهمت في زيادة الاتصال وتنفيذ الاستراتيجيات، معلنا عن انعقاد اجتماع الهيئة بالقاهرة في شهر مايو المقبل .
وأكد المهندس حميدة رئيس مجلس إدارة هيئة وادي النيل للملاحة النهرية في تصريح (لسونا) أن الاجتماع خرج بتوصيات مهمة شملت التأكيد والتأمين على دور الهيئة، على أن تواكب سوق النقل في كل المجالات، ورفع الدعم على المحروقات، واللجوء إلى النقل عبر الصناديق والوحدات الإدارية، وضرورة تجديد المواعين النهرية وتحديث الأسطول العامل لمواكبة حركة النقل .
ونادت التوصيات إلى تحمل البلدين والمساهمة في دفع التعويضات لضحايا الباخرة 10رمضان التي حدثت منذ 30عاماً، والبالغ قيمتها أكثر من 7 ملايين جنيه من الجانبين، وشملت التوصيات أيضاً ضرورة استفادة الهيئة من الودائع في البنوك المصرية والاستثمارات، بجانب العمل في مجال النقل البري السياحي والدخول في شراكات أجنبية، وأن تمتلك الهيئة بصات سياحية .
وتشير (سونا) إلى أن هيئة وادي النيل للملاحة النهرية أُنشئت عام 1975 للعمل في النقل النهري بين السودان ومصر في بحيرة النوبة والسد العالي، بهدف نقل الركاب والبضائع برأسمال مشترك بين البلدين، وتكوين مجلس إدارة بنسبة 50% وتعمل الآن في نقل صادر المواشي من السودان إلى مصر وتعقد اجتماعاتها كل أربعة أشهر .
وتجدر الإشارة إلى أن زيارة الوزير المصري تعتبر أول زيارة لوزير نقل مصري منذ 10 أعوام للسودان .