وزير الخارجية التركي : لأول مرة رئيس تركي يمكث ثلاثة أيام خارج تركيا
الخرطوم تودع “أردوغان” بعد ثلاثة أيام
رضا كبير من نتائج الزيارة ووزيرا خارجية البلدين يضعان النقاط على الحروف
“غندور”: أي ترتيبات عسكرية مع تركيا واردة
غالبية الشعب المصري يشعر بالسعادة من هذه الزيارة وأمن السودان مهم لتركيا
وسط إجراءات أمنية مشدَّدة، تجمَّع الإعلاميون منذ التاسعة من صباح أمس (الثلاثاء)، استعداداً لحضور المؤتمر الصحفي لوزيرَيْ خارجية السودان وتركيا، بروفيسور “إبراهيم غندور” و”مولود شاويش أوغلو”، في ختام زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” للبلاد التي استمرت لثلاثة أيام.
الوزيران – اللذان ظلا طوال المؤتمر يكرِّران كلمة (صديقي الوزير) وهما يتبادلان الابتسامات والمصافحة – وصلا إلى الصالة الرئاسية بمطار الخرطوم عند العاشرة صباحاً، اعتذر “غندور” للحضور عن التأخير وبدأ المؤتمر الصحفي الذي لم يخلُ من الإثارة..فإلى التفاصيل
رصد – ميعاد مبارك
في بداية المؤتمر الصحفي رحَّب وزير الخارجية، بنظيره التركي،
واصفاً زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” للسودان بالتاريخية، وقال إن هذه الزيارة تأتي في توقيت مهم في تاريخ الأمة، وكذلك تأتي بين بلدين ورئيسين وشعبين بينهم تاريخ مشترك. ولفت الوزير ” أوغلو ” أن مدة الزيارة والبرامج التي تمت فيها تؤكد أن هذه الزيارة تاريخية ولها ما بعدها، وأشار إلى الوفد المرافق لـ”أردوغان” الذي يحتوي على (10) وزراء و(200) من رجل الأعمال والمستثمرين والمحادثات التي تمت بين الرئيسين وبين الوفدين والتي شملت العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والتوقيع على أكثر من (21) اتفاقية، في مجالات التعاون المختلفة، شملت مجالات التعدين والتنقيب والنفط والزراعة والصناعة والمجال العسكري والسياسي وغيرها من الاتفاقيات في الخرطوم وبورتسودان.
وقال “غندور” إن كل ما سبق توُّج باتفاقية التعاون المشترك وتكوين لجنة إستراتيجية عليا بين البلدين برئاسة الرئيسين لمتابعة العلاقات وكل الاتفاقات التي وقعت، والتي تنعقد سنوياً في كل من البلدين.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي إن هذه زيارة تاريخية للرئيس التركي، مشيراً إلى أنه لأول مرة رئيس تركي يمكث ثلاثة أيام، في أي دولة خارج تركيا، وأن هذه الزيارة تحققت فيها مواصفات الزيارة الإستراتيجية وتم التوقيع فيها على اتفاقية إستراتيجية وسيجتمع المجلس الإستراتيجي ومجلسَيْ الوزراء كل عام، على أن يكون وزيرَيْ خارجية البلدين مسؤولين عن تنسيق ذلك.
“أقلو” وعد بأن التجارة المشتركة بين البلدين ستزداد، وقال إن رجال الأعمال الأتراك في السودان سيقومون بمشاريع عليا في السودان، وأن بلاده ستدعم الكثير من المشاريع، وأضاف (ذهبنا إلى جزيرة سواكن ورأينا كيف قامت تركيا بتجديد المساجد، وسنواصل دعمنا لكافة المشاريع التنموية في أقاليم السودان.
وزاد الوزير التركي (تأتي أهمية هذه الزيارة بعد تحويل السفارة الأمريكية للقدس وتنبع أهميتها من الرؤى المشتركة بين البلدين في قضية القدس والقضايا الإسلامية)، لافتاً إلى أن الرئيس التركي سعد بلقاء “البشير” والشعب السوداني، وبهذا أصبحت الزيارة تليق بمستوى العلاقة بين البلدين والشعبين.
وقال ” أوغلو ” إن أهم الأشياء التي سنخرج بها من هذه الزيارة أننا سنعمل – أنا و”غندور”- بطريقة مشتركة .
موقف الإعلام المصري من الزيارة
“غندور” قال في تعليقه على ما أثير حول الزيارة من قبل الإعلام المصري (بكل أسف تابعنا ردود أفعال بعض الإعلام المصري ولا أقول كله واستغربنا جداً لمثل هذه الردود، لكن لا نأخذ كل الشعب المصري بجريرة بعضه، ولكن البعض لا يفهمون كيف تدار العلاقات بين الدول).
وأضاف الوزير: (لو لم تكن الزيارة ناجحة جداً ومهمة جداً لما أثاروا تلك النقاط، فبالتالي فليمت بغيظه من يمت وليفرح بسعدنا من يفرح).
من ناحيته علَّق “أوغلو” على الأمر قائلاً: (نحن ليس لنا ألا هدف واحد وهو تحقيق الوحدة والتعاضد في العالم الإسلامي، في موضوع القدس مؤخراً شاهدنا أن العالم الإسلامي يرى بأنه في حاجة ماسة لهذه الوحدة، وبالتالي ليس لدينا أي هم إلا تحسين العالم الإسلامي، ولا نريد أن يزج في الفوضى التي يقوم بها البعض أو إثارة الأزمات فيما يتعلَّق بالإدعاءات الكاذبة)، وزاد (لا نتاجر بموضوع القدس)، وأضاف: (إن غالبية الشعب المصري يشعر بالسعادة من هذه الزيارة..ماذا نعمل فليفرح من يفرح وينزعج من ينزعج).
دور تركيا في معالجة صراع الخليج
وفيما يلي دور تركيا في معالجة الصراع الخليجي قال وزير الخارجية التركي إن بلاده تعمل من أجل السلام والاستقرار في هذه المنطقة، بسياستها ذات المبادرة الإنسانية العامة وأنها تبذل جهود من أجل حل الخلافات الموجودة هناك، خاصة في السنة الأخيرة، مشيراً إلى أن بلاده لعبت دوراً كبيراً في إحلال السلام في سوريا، مشيراً إلى أن الأزمة في الخليج حسب رأي تركيا ليس لها سبب وأن ما تم طرحه في هذا الصدد مجرَّد إدعاءات لم يتم إثباتها، ولفت الوزير إلى أن تركيا قدَّمت الدعم للمبادرة الكويتية وفي نفس الوقت قامت باتصالات مكثفة لدى الكويت والسعودية وقطر.
وقال: (حسب رأيي ليس هنالك سبب لعدم تسوية هذه الخلافات ويجب أن نبتعد عن مثل هذه الأزمات بين الأشقاء، وسنواصل العمل على ما يقع على عاتقنا).
هل ينضم السودان للحلف التركي الإيراني القطري؟
“غندور” في تعليقه على ما يثار حول انضمام السودان للحلف التركي الإيراني القطري، قال: (السودان لم يكن في يوم من الأيام طرف في حلف ولا نؤمن بسياسة الأحلاف، نحن منفتحون على أصدقائنا في كل العالم وتجمعنا المنفعة ومصلحة الشعوب والسلم والأمن العالمي ولم ولن نكون طرف في أي محور وتركيا دولة شقيقة يربطنا بها تاريخ عريق وعلاقاتنا ظلت معها على الدوام متميِّزة وهذه الزيارة تضع تلك العلاقات في طريقها الصحيح لتتحوَّل من علاقات حب إلى علاقات حب ومنفعة.
وفي ذات السياق قال نظيره التركي: (ليس هنالك محور في تركيا يسمى قطر إيران تركيا، نحن نترأس الآن الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي وننظر بنظرة واحدة لكل الدول الإسلامية وإذا كان هنالك أي خطأ سنقول لهم أنتم على خطأ وتركيا من أكثر الدول التي انتقدت إيران فيما يتعلق بالأحداث التي حدثت في العراق، ونحن الآن في علاقة حميمة مع السودان، فهل هنالك محور تركي سوداني؟ لهذا السبب نرجو منكم عدم الانصياع لمثل هذه الفتن).
الدعم التركي
وزير الخارجية التركي أكد أن بلاده ستقدِّم مساعدات اقتصادية للسودان وأن التجارة ستزداد أرباحها والاستثمارات التركية في السودان ستزداد أكثر بكثير وكذلك ستؤثر على صادرات السودان للدول الأخرى وسيكون هنالك إسهام كبير فيما يتعلَّق بتنفيذ المشاريع)، وأضاف: (وزارة التعاون التركية أوصت بتنفيذ مشاريع مختلفة في السودان، بالإضافة إلى ذلك بنك “إقزوم” التركي سيواصل منح القروض للطرف السوداني من أجل تنفيذ بعض المشاريع، وأن أنقرة ستقدِّم الدعم لقطاع السياحة).
العلاقات العسكرية في البحر الأحمر
“أوغلو” أكد أن أمن أفريقيا والسودان مهم جداً لتركيا وأن بلاده ستواصل تقديم كل الدعم في مجال الأمن للسودان) وقال: (كما تعلمون مشكلة الإرهاب في المنطقة)، مشيراً إلى القاعدة العسكرية التركية في الصومال من أجل تدريب القوة الأمنية الصومالية، وأضاف: (هنالك توجيهات إضافية من الرئيسين “البشير” و”أردوغان” فيما يتعلق بتقديم الدعم الشرطي والأمني ومن القوات العسكرية ووزارة الدفاع التركية لنظيرتها السودانية، وسنواصل تطوير العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية)، لافتاً إلى أن الشركات التركية دخلت في هذا المجال وتم التوقيع أمس الأول، على اتفاقيات فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر وأن تركيا ستواصل تقديم كل الدعم وستلتزم بالمسؤوليات التي تقع على عاتقها على تحقيق الأمن في السودان ومنطقة البحر الأحمر.
من جانبه قال “غندور” إن السودان يهتم جداً بأمن منطقة البحر الأحمر، مشيراً إلى أن شواطئ البحر الأحمر تبلغ حوالي (750) كيلو متراً، من السودان واريتريا وصولاً إلى مصر وأن (86%) من تجارة النفط العالمية تمر بهذا الممر المائي المهم وتقع على شاطئه الكثير من الدول، ولذلك استضاف السودان قبل أيام قليلة مؤتمر حول القرن الأفريقي وركز على أمن البحر الأحمر وشارك فيه الكثير من الخبراء من كل دول العالم.
وأضاف الوزير: (السودان ينسق في ذلك مع الدول المطلة على البحر الأحمر والمهتمين بأمره وأن تركيا ليست ببعيدة عن المنطقة)، وكشف عن أن واحدة من الاتفاقات التي وقعت في ولاية البحر الأحمر هي إنشاء مرفأ لصيانة السفن المدنية والعسكرية بشراكة سودانية تركية.
ما المقصود بأن الرئيس أعطى “أردوغان” سواكن؟
فيما يلي ما أثير حول إعطاء “البشير” مدينة سواكن لـ”أردوغان”، قال “غندور” (أردوغان عند زيارته أمس الأول، لجزيرة ممتدة خارج سواكن – تاريخية بها آثار عثمانية تقوم تركيا بترميمها – ذكر بأنه طلب من “البشير” أن تمنح تلك المنطقة لتركيا على سبيل الاستثمار، وهو يعني تلك الجزيرة وليست سواكن، وذكر أن الرئيس وافق بأن تكون تلك المنطقة سياحية وأن تعاد سيرتها الأولى للحجاج مشدِّداً على أنها شراكة استثمارية بين بلدين، وزاد:(هذا أمر طبيعي).
المذكرة التي دعت فيها مصر إلى إعادة العلاقات بين تركيا ومصر
نفى وزير الخارجية أن تكون وصلته مذكرة من نظيره المصري “سامح شكري” بخصوص إعادة العلاقات السودانية المصرية، وأضاف: (هنالك تصريح لوزير الخارجية المصري في هذا الاتجاه، ونحن كوزراء خارجية بلدين سنواصل الحوار باستمرار وبعد الاعتداء الأخير الذي حصل في مصر اتصلت به هاتفياً وقدَّمت تعازي الشعب التركي له ونحن ليس لدينا أي مشكلة مع الشعب المصري كلهم إخوة لنا، وإن شاء الله ستجتاز مصر المشاكل الموجودة هناك عن طريق الحوار والاتفاق، لأن وجود مصر قوية ومستقرة مهم جداً لأفريقيا والعالم العربي والإسلامي وخاصة مهم جداً لفلسطين وهذا ما نطلبه).
اتفاقية “صنافير” و”تيران”
بالرغم عن التحفظ الكبير لوزارة الخارجية في هذا الصدد، إلا أن مزاج المؤتمر العالي أفلح في إقناع “غندور” على الإجابة على تساؤلات الصحفيين فيما يلي الشكوى التي قدَّمها السودان للأمم المتحدة حول اتفاقية القاهرة والرياض حول جزيرتَيْ “تيران” و”صنافير”، قائلاً: (قدَّمنا شكوى للأمم المتحدة على الاتفاقية وبالتحديد حول ترسيم حدودنا البحرية ودخول شواطئ سودانية فيها، ومذكرتنا تضمَّنت الإحداثيات البحرية للسودان المنسوبة إلى ولاياتنا على أراضينا في الشاطئ، وبالتالي هذه المذكرة هي مذكرة للأمم المتحدة).
تعاون عسكري
أكد “غندور” أن السودان منفتح على أي تعاون عسكري مع أصدقائه، مشيراً إلى أن وزارة الدفاع والقوات المسلحة السودانية استضافتا التدريبات العسكرية لشرق أفريقيا وقبلها أجرت تدريبات عسكرية مشتركة مع السعودية، لافتاً إلى أن أي ترتيبات عسكرية مع تركيا واردة وهذا ما يمكن أن ينتج بعد توقيع أي اتفاقية تعاون عسكري.
البيان الختامي
قالت الحكومتان السودانية والتركية في بيان مشترك صدر أمس (الثلاثاء)، في ختام زيارة “أردوغان” للسودان إن الرئيسان يعبِّران عن ثقتهما بأن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها أبان الزيارة ستسهم في ترقية التعاون الثنائي على أساس المنافع المتبادلة والشراكة العادلة بما فيه مصلحة الشعبين، وأشار البيان إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين فيما يلي القضايا الإقليمية والدولية والتنسيق وتبادل الدعم في المحافل ومنابر المنظمات الدولية.
مشاهدات
– الوفد المرافق لـ”أردوغان” يغادر في طائرتين وسياراته المصفحة تغادر في الطائرة الثالثة.
– “البشير” و”أردوغان” عناق حار في مراسم الوداع والرئيس التركي يلوِّح مودعاً للحضور.
– “غندور” و”أغلو” تبادلا الكثير من الابتسامات خلال المؤتمر الصحفي، وشد “أوغلو” على يد وزير الخارجية أكثر من مرة.
– في ختام المؤتمر الصحفي شكر “غندور” “أوغلو” وهو يصافحه قائلاً: باللغة التركية (تشكرات تشك تشك).
– حديث مطوَّل بين رئيس الجمهورية وسفير السودان في تركيا السفير “يوسف الكردفاني”.