كيمياء الحنين !
للحنين طعم مزعج جداً.. أو ربما حلو جداً..كرائحة العطر التي تعشقها في وجود صاحبها.. وتؤرقك بغيابه.. فتنتزع آخر شوكة حُب لها في قلب الذاكرة..
الحنين طفل مشاغب.. يبعثر المشاعر.. يربت على أكتاف الوجد.. يهدأ الوجد قليلاً فيمد طفل الحنين لسانه ويضحك ثم يخرج مسرعاً..
طفل يمنح الهدوء للقلب والأرق للسمع.. إلا أن غيابه يضفي على الروح طابع الموت..
تماماً كما يفعل بنا الأطفال المشاغبون..
وأنا امرأة مفعمة بالحنين.. تنتابني نوباته كمريض الربو.. فكل سبب من أسباب النبض كافٍ جداً ليؤلبه على ويصنع (أزمة) في استقراري النفسي..
يتسارع إيقاع الحياة وتمضي الأيام بسلاسة وسهولة.. لأن بها من الأحباب من يمنحنا سر السعادة.. أو حتى انتظار الاعتذار.. أو التفكير في الغياب.. أو العتاب..
غير أن الأيام ذاتها التي تمضي ساعاتها في قرب من نحب دقائقا.. ذاتها التي تصطنع التؤدة والتباطؤ.. لتمتحن قدرتنا على احتمالها بعيداً عنهم..
إذن حتى الأيام.. لها كيمياء تمكنها من استنشاق رائحة الحنين والتفاعل معه لتنتج منا مركبات حنينو غيابية سريعة الانتشار في خلايا الحس العصبي.. شديدة الحساسية لكل ما يسمح للذاكرة باسترجاع محتوياتها..
فلماذا يا شفيف الروح تكلفني عناء الحنين.. أنا الفقيرة إلا من حبك.. المتغافلة إلا عن نسيانك.. المتشاغلة إلا عنك..
خلف نافذة مغلقة:
كفاية حنين..
كفاية محل تفوت عيني..
تناديك روحي من البين..
محل ما اصد جيوش الشوق..
تهد حيل صبري بي حرفين..
وأقاوم ريدي ما أقدر..
تفر من جوفي مشتاقين..